كيف نصلي 1
من سفر إشعياء النبي:
"عَلَى أَسْوَارِكِ يَا أُورُشَلِيمُ أَقَمْتُ حُرَّاسًا لاَ يَسْكُتُونَ كُلَّ النَّهَارِ وَكُلَّ اللَّيْلِ عَلَى الدَّوَامِ. يَا ذَاكِرِي الرَّبِّ لاَ تَسْكُتُوا، وَلاَ تَدَعُوهُ يَسْكُتُ، حَتَّى يُثَبِّتَ وَيَجْعَلَ أُورُشَلِيمَ تَسْبِيحَةً فِي الأَرْضِ" (سفر إشعياء 62: 6، 7).
مجدًا للثالوث القدوس الآب والابن والروح القدس.
الموضوع الذي سنتكلم فيه اليوم يا أحبائي بنعمة الرب هو موضوع الصلاة.
من أقوال ذهبي الفم عن الصلاة:
في عظة للقديس يوحنا ذهبي الفم عن الصلاة:-
قال: "بالصلاة ننضم لطغمة الملائكة، الإنسان يرتفع من الأرض إلى السماء".
وقال: "إننا نتقدم للصلاة بمشاعر خوف شديد جدًا" (وهذا طبيعي لأن الإنسان سيقف في حضرة الله).
وقال: "أيضًا نتقدم بفرح عظيم جدًا، لأنه أي شرف أعظم من أن الإنسان يقف أمام الله".
وقال: "أنه بالصلاة ننتقل إلى الأبدية". الصلاة تجعل الإنسان يعيش في الأبدية من الآن.
وقال: "يستحيل أن تكون في حياتنا فضيلة بدون الصلاة".
وقال: "الصلاة هي دواء لكل أمراض نفوسنا" أي مشكلة، أي تعب، أي ضيقة علاجه كما قال ذهبي الفم هو الصلاة.
الصلاة هي الصفة المشتركة بين القديسين:
العجيب يا أحبائي أننا لو تأملنا في حياة القديسين، نجد أن بهم صفات متباينة كثيرة جدًا ولكن الصلاة هي الصفة المشتركة بين كل القديسين. فكمثال:
القديس الأنبا أرسانيوس: كان القديس الأنبا أرسانيوس محب جدًا للوحدة، لدرجة أن الأب البطريرك في ذلك الحين جاء لكي يلتمس بركته فهرب، وقال: "إذا فتحت الباب للبطريرك لن أستطيع أن أغلقه في وجه أي إنسان، وإذا فتحت الباب لكل أحد لن أستطيع أن أجلس هنا. فأنا حياتي وفرحي في السكون والوحدة".
لكن على الجانب الآخر:
القديس موسى الأسود: كان القديس الأنبا موسى يجد لذته وشبعه وفرحه في الحديث مع الآخرين عن المسيح.
أي أن لهذين القديسين صفتين متعارضتين تمامًا. فهذا يهرب من الناس محبة في المسيح وهذا يحب الجلوس مع الناس محبة في المسيح.
فالقديسين بهم صفات قد تبدو متضادة ولكن الشيء الذي اشترك فيه كل القديسين هو الصلاة. فعندما تقرأ حياة القديسين لن تجد قديس لم يكن أستاذًا في الصلاة. فهذه هي الفضيلة التي جمعت القديسين كلهم ورغم هذا عندما ننظر لأنفسنا وننظر للجيل الذي نعيشه، نجد أنفسنا قد تغربنا تمامًا عن هذا الطريق.
المسيح علمنا اللجاجة في الصلاة في مثل "قاضي الظلم" (إنجيل لوقا 18: 1-8):
الرب يسوع أراد أن يعلمنا اللجاجة في الصلاة لذلك ذكر لنا مثل "قاضي الظلم" والمرأة التي ظلت تلح عليه حتى أنصفها،وأريدكم أن تتأملوا تعليق السيد المسيح على المثل حيث قال: "أَفَلاَ يُنْصِفُ اللهُ مُخْتَارِيهِ، الصَّارِخِينَ إِلَيْهِ نَهَارًا وَلَيْلًا، وَهُوَ مُتَمَهِّلٌ عَلَيْهِمْ؟ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُنْصِفُهُمْ سَرِيعًا! وَلكِنْ مَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ، أَلَعَلَّهُ يَجِدُ الإِيمَانَ عَلَى الأَرْضِ؟" (إنجيل لوقا 18: 7،8). وكلمة "الإيمان" في تساؤله الأخير يقصد بها الإيمان بأن الإلحاح في الصلاة مستجاب أمام الله. وكأن السيد المسيح كان يرى جيلنا ويتكلم عن حاله في هذا المثل، لأننا مقلين جدًا في الصلاة، والصلاة ثقيلة جدًا على أنفسنا، لذلك تساءل هل عندما سآتي سأجد الناس ما زال لديها الإيمان بفاعلية وقوة واقتدار الصلاة في فعلها؟!
محبتنا للصلاة ترمومتر نستطيع به قياس مدى محبتنا للحياة الأبدية:
تصور أم لديها ابن يرفض الأكل تمامًا مهما ألحت عليه ليأكل، مما أدخلها في حيرة شديدة فاحتارت الأم وخافت على ابنها، وذهبت به إلى الكثير من الأطباء دون جدوى. وأخيرًا أخذته إلى طبيب حكيم وواعي، فقال لها: مرض ابنك ليس له علاج، لأنه رافض الحياة ولذلك هو رافض الأكل.
بصدق يا أحبائي هذا هو حالنا، فنحن رافضين الحياة الأبدية، لذلك نرفض الصلاة، الإنسان المتعلق بالسماء يحب الصلاة جدًا، ويفرح بها. أما الإنسان الغير راغب في السماء أو الغير مهتم بها لا يحب الصلاة. فمحبة الصلاة هي الترمومتر الذي نقيس به مدى تعلقنا بالسماء. وقد كان هذا هو الدافع الذي جعلني أتكلم معكم في موضوع الصلاة.