رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
التعزية وسط التجربة للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى {كانسان تعزيه امه هكذا اعزيكم انا} (اش 66 : 13) عندما نحزن ونكتئب من أجل عزيز رحل أو صديق خان او نصدم من واقع الحياة المر الذى نواجهه وعندما نعانى ولا نستطيع ان نعبر بالمعاني عما يحزننا، أو لا نجد مشجع أو أحد يفهمنا. وعندما نعاني من أزمات عائلية فى عالم نجد فيه الكراهية ومشاعر العداء تتذايد، وعدم الاستماع وسوء التقدير حتى بين الاقارب والجيران، وعندما نمر بازمة اقتصادية فى ظل غلاء يتزايد وموارد تقل ومطالب تتزايد أو نمر بضيقات نفسية واحزان أو نواجه الصدمات العاطفية ونشعر ان موتنا خير من حياتنا. عندما نحزن ولا نجد التعزية { في يوم ضيقي التمست الرب يدي في الليل انبسطت ولم تخدر ابت نفسي التعزية} (مز 77 : 2). علينا ان نرفع قلوبنا الى الله ونطلب منه التعزية ونثق ان الرب قادر ان يعزى نفوسنا بروحه القدوس المعزى ويحول حزننا الى فرح وقلقنا الى سلام ويقوى عودنا ويشتد ونتعلم ونذداد خبرة وأحساس بالغير ونجول نصنع خير ونعزى المجربين. لكن يجب علينا ان لا نبحث عن طرق خاطئة للتعزية أو نهرب من الاحزان بالوقوع فى أنحرافات أو ممارسات خاطئة وعلينا ان لا نفقد الرجاء ونتمسك بالثقة فى الله ونأتي اليه ونبثه حتى فى صمت كل أحزاننا والأمنا وأمالنا وأفكارنا وضعفنا وخوفنا فهو المعزي القوى والقادر على تعزيتنا. الله عنا ليس ببعيد بل به نحيا ونتحرك ونوجد، وبائس ذلك الانسان الذى يبحث فى تعزية أرضية، من عالم يفتقر الى الفرح والسلام، ربما يسمح الله بالضيقة حتى نتعلم منها أو نتواضع وينكسر القلب لكي نصرخ الى الله ونلجأ اليه ولكي لا تتعلق قلوبنا بالأرض وما عليها من أشياء فانية، بل ترتفع الي السماء. قد ينتقل عزيز لنا ونكتئب ونحزن لكن علينا ان نرتفع قلوبنا الى السماء حيث المسيح جالس فنشعر براحة أحبائنا الذين رقدوا فيه ومعه ونقبل برضى ما يمر علينا من أحداث صعبة ونفهم أننا فى دار غربة وعلى الغريب ان يرجع الى وطنه السماء والذين رحلوا عنا هم سحابة شهود محيطة بنا، يصلون عنا وترتفع قلوبنا الى السماء ونذكرهم ونطلب ان يصلوا عنا كدالة حب بيننا ونعد أنفسنا للوطن السعيد. فعندما نرى ما فى العالم من أحزان يجب ان تتجه قلوبنا الى الله مصدر التعزية والرجاء والفرح. الصلاة واللجوء الى الله... فى كل ظروف حياتنا المفرحة والصعبة، فى اوقات الشدة والضيق أو الفرح واليسر، علينا ان نلجأ الى الله القادر على كل شئ كأب صالح يفرح بحديث الابناء مع أبيهم وينصت الى طلباتهم { ادعني في يوم الضيق انقذك فتمجدني} (مز 50 : 15). بالصلاة ناخذ العون والقوة والتعزية من الله { لا تهتموا بشيء بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله} (في 4 : 6). علينا ان نصلى بايمان وثقة فى الله وبلجاجة مع الشكر لننال التعزية والسلام ويسدد الله احتاجاتنا بحسب غناه { وكل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه } (مت 21 : 22). لنصلى ليهبنا الله السلام وقت الخطر وينجينا من كل ضيقة، هكذا صلى دانيال وانقذه الله من الأسود الجائعة ونجي الفتية فى أتون النار، وكما أنقذ القديسين بطرس وبولس من السجن، هو أمس واليوم والى الأبد يقدر ان يعزى فى الضيق والحزن وينصف فى الظلم ويقوى فى الضعف وهو رجاء من ليس له رجاء ومعين من ليس له معين، ميناء الذين فى العاصفة. الروح القدس المعزي .. الروح القدس هو المعزي الحقيقي وعندما يسكن فى المؤمن يقدر ان يعزيه ويغذيه ويرشده ويعينه ويفرح قلبه وعنه قال السيد الرب { وفي اليوم الاخير العظيم من العيد وقف يسوع ونادى قائلا ان عطش احد فليقبل الي ويشرب. من امن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه انهار ماء حي. قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين ان يقبلوه}( يو 37:7-39)، وعلينا ان لا نحزن بخطايانا الروح القدس { ولا تحزنوا روح الله القدوس الذي به ختمتم ليوم الفداء} (اف 4 : 30). لاننا ان أحزنا مصدر الفرح فكيف نجد العزاء؟. علينا ان نصلى ان يحل الله بروحه القدوس داخلنا ونطلب منه التعزية وننقاد الى صوته الوديع الهادي والمرشد الى البر والصلاح ونعبر عن ما يجول فى خاطرنا من مخاطر ونطلب من اله التعزية ان يرفع عنا كل ضعف ويعطي فى أوقات الشدة التعزية والرجاء والفرح. الكتاب المقدس مصدر للتعزية .. علينا ان نسترجع من الكتاب المقدس تعزية الله لكل من فى ضيقة، ونرى تدخله الحاسم فى الوقت المناسب لصالح المؤمنين للانقاذ والتعزية، فالقراءة فى الكتاب المقدس نبع لا ينضب من التعزية {لان كل ما سبق فكتب كتب لاجل تعليمنا حتى بالصبر والتعزية بما في الكتب يكون لنا رجاء} (رو15 : 4). وعندما نقرائه نتعزى {فلما قراوها فرحوا لسبب التعزية} (اع 15 : 31). فلا نهمل المائدة الغنية التي لكلمة الله الشهية ونبحث عن تغذية من مصادر تزيد النفس تعب وفراغ. فكلمة الله قوية وفاعله { لان كلمة الله حية وفعالة وامضى من كل سيف ذي حدين وخارقة الى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ ومميزة افكار القلب ونياته} (عب 4 : 12) سير القديسين وأقوالهم.. حياتنا على الأرض غربة قصيرة ان قيست بامجاد الأبدية السعيدة وطريقنا الى السماء ضيق وكرب، لكن قد سار فيه الكثير من الآباء قبلنا وحملوا الصليب بفرح وشكر وصبر وكان الله لهم عونا وهو قادر ان يعزينا من خلال حياتهم وأعمالهم وأقوالهم، وفيها نجد القدوة وعلينا ان نتمثل بايمانهم { والذي يعزينا في كل ضيقتنا حتى نستطيع ان نعزي الذين هم في كل ضيقة بالتعزية التي نتعزى نحن بها من الله} (2كو1 : 4). وكما اننا شركاء فى الآلام نكون شركاء فى التعزية أيضا {فرجاؤنا من اجلكم ثابت عالمين انكم كما انتم شركاء في الالام كذلك في التعزية ايضا} (2كو 1 : 7). علينا ان نتخذ من الاباء القديسين وهم سحابة شهود محيطة بنا شفعاء وأصدقاء نلجأ اليهم فى الضيق والمرض والحزن فنجد الراحة والتعزية، السلام والفرح والصبر والرجاء. الاصدقاء الأمناء .. يجب ان نحسن أختيار الاصدقاء لان المعاشرات الرديئة تفسد الأخلاق الجيدة، والصديق نجده عون وقت الضيق ومعه تعبر الشدة لان {الصديق الامين معقل حصين ومن وجده فقد وجد كنزا} (سير6 : 14). علينا ان نكون نحن أصدقاء جيدين للغير ونسرع الى عمل الخير فما يزرعه الإنسان اياه يحصد. نحن نحتاج لمن يأخذ بيدنا فى الطريق الى الهب لنعبر تجارب الحياة ولهذا قال الكتاب ان الصديق كدواء للحياة {الصديق الامين دواء الحياة والذين يتقون الرب يجدونه} (سير6 : 16). ومن يحسن أختيار أصدقائه يجدهم عونا وتعزية فى الطريق الى الحياة السعيدة. أنت تعزيتى وسلامي ... وسط أمواج الحياة التي تعصف بسفينة حياتى، وفى وقت الحزن والضيق انت يا الله تعزيتي وسلامى، صوتك الحلو الهادي الوديع يطمنني انني لست وحيدا، بل بك ومعك أسير وانت تقول لي انك معى كل الأيام والي إنقضاء الدهر، واذ انت الأب الحنون تعلم طلباتنا وتشعر باحزاننا وتستطيع ان تحي العظام وهي رميم، وأنت قادر ان تقيم الأموات وتقيمني من موت الخطية وتحييني حياة أبدية . روحك القدوس يارب الذى قاد ابائنا القديسين فى أرض غربتهم وكان لهم التعزية والتعذية فى صحراء الحياة هو ايضا يعطينا الرجاء ويلازمنا كينبوع فرح وسلام فى كل لاسيما فى وقت الشدة، الروح القدس الذى عمل مع ابائنا أنطونيوس وبولا أول السواح فى سنين الوحدة فى الصحراء، والذى قوى أثناسيوس وكيرلس فى جهادهم ضد الهراطقة، هو الروح المعزي للشهداء فى عذاباتهم، والمعترفين فى شهادتهم للإيمان، الروح الوديع الذى وهب الحكمة لدانيال النبي والنعمة للقديسة مريم العذراء، والذى أعطي توبة حارة لاغسطينوس والقوى الانبا موسي، هو الروح الذى عزي أيوب النبي فى بلاياه، والذى عمل بنعمته الغنية فى القديس بولس الرسول هو قادر ان يعمل مع كل نفس فى حاجة للتعزية والسلام والفرح، فليكن روحك القدوس ناصرا لنا جميعا كل حين، أمين. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|