رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الرجوع إلى حظيرة الإيمان ثانية إن كبار الخطاة هم مؤهلون أكثر للنعمة، فالكنيسة تُكرم بوجه خاص كل من الابن الراجع واللص التائب على الصليب والمرأة التائبة، والذين يسيئون إلى المسيح يوميًا ويجرحون المحبة، يقبلهم الرب بقطرات الدم الكريم التي سُكبت على الصليب ويقترب من كل من يرجع إلى الحظيرة مهما كانت ذنوبهم وخبراتهم المرعبة وما يسميه الدارسون "الليل الحالك الظلمة" والله يطلب منا علة صغيرة لكي يقوم هو بكل العمل ويسكب علينا فيض النعمة كدواء مناسب للجراحات بل وأيضًا يعطي صحة وجمالًا ومجدًا واستحقاقًا لكل من يرجع، إذ أنه قد دفع أكثر بكثير من العقوبة، كمثل ما تفوق مياه المحيط قطرة ماء صغيرة. "من هو إله مثلك، غافر الإثم وصافح عن الذنب، لا يحفظ إلى الأبد غضبه فإنه يُسر بالرأفة" (ميخا7: 18) لقد أتى ليعفوا عن المديونين بالكثير أو بالقليل ويُظهر رحمته للصغير والكبير، فيرحم كل أحد حتى من الذين تركوا الحظيرة ورجعوا تائبين بخطاياهم، يقبلهم وينسى لهم ماضي الخطية المحزن والقاتل للنفس. ورجوع النفوس أمر هام لنمو الكنيسة، الأمر الذي يطلبه الرب ثمنًا لدمه، لذا تعمل الكنيسة على إصلاح ضعفاتهم وتحتملهم ولا تلقيهم عنها مهما تثقلت بهم، ليجدوا أنفسهم موضع عطف وتبكيت لا موضع ازدراء ورفض، فمغبوط هو الذي يؤدب في هذه الحياة، فإن الرب لا يعاقب عن أمر مرتين. وتوصى الكنيسة برجوع النفس التي تميل وبقبول النفس الخارجة وإعادتها إلى الرعية، تسأل عن المطرود وتفتش عن الضال حتى لا يهلك وتطلب المريض بالغفلة لتأتي به من بين الذئاب لتبشره بالرجاء. وهي تترفق حتى بمنكري الإيمان ولا تغلق عليهم أو تطردهم، بل تصب عليهم زيتًا وخمرًا لتضمد جراحاتهم ما داموا قد رجعوا تائبين معترفين بخطاياهم طالبين الشفاء وراغبين فيه. وإن تأجلت إعادتهم إلى الشركة لفترة توبة، فليزيدوا من ندامتهم لئلا يهلكوا بعد أن مات المسيح لأجلهم، وليقبلوا بكل رضا كل علاج ونصيحة، فإن كان الطب الجسدي يقدم الأدوية المرة والجراحة بقطع الأعضاء والكي بالنار، فكم بالحري يكون خلاص النفس. لن يكون الرجوع إلى الحظيرة بدون قانون التأديب، لأن "الذي يحبه الرب يؤدبه ويجلد كل ابن يقبله، إن كنتم تحتملون التأديب يعاملكم الله كالبنين، فأي ابن لا يؤدبه أبوه" (عب12: 6)، وكل نفس تنكر الإيمان وتجحد المسيح لابد أن تقف على حقيقة خرابها ويصير تأديبها إحسانًا عظيمًا لها. إلا أنه مهما كان هلاكها وسقوطها، سيمر عليها السامرى الصالح حارس الأرواح ولن يتركها ملقية بين حى وميت، إنما يتحنن عليها ويشفى إرتدادها. فأولئك الذين يخطئون بعد المعمودية لابد أن ينالوا تأديبا أكثر من الموعوظين، لأنهم عرفوا أدوية التوبة والخلاص ولم يستخدمونها، وبقدر ما تتسع مراحم الله، يزداد تأديب من لم ينتفع بهذه المراحم. لهذا تضع الكنيسة قوانين توبة وجهاد روحى للخراف المريضة الراجعة حتى إذا شفيت عادت مع الخراف الصحيحة... تعالج بالنصيحة لا الحكم، بالدواء لا القصاص، بالتقويم لا التعذيب، بالشفاء من الخطية والحفظ من الخطايا الآخرى. والذين يظهرون إنحرافا زائدا في شرورهم، لابد أن يظهروا غيرة كبيرة عند عودتهم إلى الحظيرة، وذلك لشعورهم بثقل الدين العظيم المدينون به مدفوعين بضميرهم وتذكرهم لسقوطهم في الطيش الشيطانى، على اعتبار أن الحياة الحاضرة هى زمان السيرة الحسنة لأن بعد الموت تكون الدينونة والعقاب "ليس في الجحيم من يعترف لك". نقول أن الذين غلبوا ورجعوا إلى حظيرة الإيمان لهم كرامة أفضل بكثير من أولئك المغلوبين "واحد يتقى الرب خير من ألف منافقين" (ابن سيراخ 16: 3). والكنيسة تبكى من أجل كل نفس بعيدة لتعيد لها الحياة وتقيمها من الموت، وتعطى إهتماما خاصا لهذه النفوس التي سرقها اللصوص.... تقوى المريض وتعصب المجروح وتجبر الكسير وتسترد المطرود وتطلب الضال وتجمع الخراف المشتتة على جبال المعاصى لتأتى بهم إلى الخظيرة ثانية. مر يا رب أن تمتلئ بيعتك، محضرا الراجعين إلى وليمتك لأنك أنت تخلق "روحيا" من يتبعك عندما تدعوه. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|