الصدقة | المتكلين على المال
* الصدقة أو عمل الرحمة هي أهم ما يستطيع به الشخص العلماني أن يتفوق في عمله عن الرهبان. فالآباء الرهبان يقومون بأسهار وأصوام وصلوات كثيرة. وربما الإنسان في في العالم وسط الاهتمامات والعمل والمسئوليات لا يستطيع أن يقوم بكل ذلك لضيق وقته ولكن في إمكانه أن يقوم بأعمال الرحمة أكثر من الأب الراهب.
* والصدقة هي الركن العملي للعبادة فنذكر أنه عندما جاء الشاب الغنى ليسأل الرب يسوع عن ماذا يعمل ليرث الحياة الأبدية.. فقال له الرب يسوع: احفظ الوصايا. فأجاب الشاب: هذه حفظتها منذ حداثتي. فقال له الرب يسوع: يعوزك شيء واحد اذهب وبع كل مالك وأعط للفقراء. فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني. لو 18: 22 وذلك يوضح أن العبادة لكي تكون كاملة ومقبولة لدى الرب يجب أن يكملها الشاب الغنى بشيء عملي.
* فمكتوب أن الشاب الغنى مضى حزينا لأنه كان ذا أموال كثيرة.. فعندما أراد له الرب أن يدخل إلى حيز التنفيذ في العبادة بدلا من الحفظ فقط. فمضى حزينا مثل كثير من الناس يتحمسون للطريق الروحي ويجتهدون في تأدية الصلوات والقراءات ولكن عندما تأتى الضيقة أو عندما يطلب الرب منهم ترك العالم بممتلكاته لا يستطيعون.
* وأيضا في إنجيل معلمنا القديس مرقس يقول الرب يسوع: ما أعسر دخول المتكلين على الأموال إلى ملكوت الله مز 10: 23.
* ما معنى المتكلين على المال؟
* هو الشعور بالطمأنينة والارتياح لوجود المال.. والإحساس بأن المال قوة وقانية للطوارئ والرغبة في الغنى تعتبر تجربة قاسية وربما تكون سبب في هلاك كثيرين كما قال معلمنا القديس بولس أما الذين يريدون أن يكونوا أغنياء فيسقطون في تجربة وفخ وشهوات كثيرة غبية ومضرة تغرق الناس في العطب والهلاك،لأن محبة المال أصل لكل الشرور الذي إذا اتبعاه قوم ضلوا عن الإيمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة 1تى 6: 9-10.
*إن امرأة لوط تمسكت بالعالم الحاضر ونظرت إلى الخلف فتحولت إلى عمود ملح وخسرت حياتها الأبدية.
*الله الذي خلق العالم وكل ما فيه كان يستطيع أن يوفر الغنى لكل فرد لكن لحكمة كبيرة سمح أن تكون هناك فوارق وطبقات لكي تكون هناك فرص لعمل الخير.
الله من عطفه على الفقراء أقام نفسه أبا لليتامى وقاضيا للأرامل كما قال داود النبي أبو اليتامى وقاضى الأرامل الله في مسكن قدسه مز 68: 5.
* أليس أن تكسر للجائع خبزك إش 58: 7.
يوجد تقليد في الكنيسة يوصى بأن الفرق في المصروفات يعطى للفقراء. كلمة خبزك فيها ملكية.. أي خبزك أنت بمعنى لا يكفى أن تعطيه نقودا ليشترى لنفسه أو تعطيه كسرة من خبز متبقي منك ولكن خبزك أنت.
أن تدخل المساكين التائهين إلى بيتك أي المساكين الذين ليس لهم مأوى.. بيتك أنت.. وخبزك أنت. لأن في الحقيقة البيت ليس بيتك بل بيت الله. والخبز يملكه الله الذي أعطى لك إياه ورزقك به.
*إذا رأيت عريانا أن تكسوه وأن لا تتغاضى عن لحمك.. فالشخص العاري الذي يؤذى البرد جسمه.. هذا جسمك أنت فلا تتغاضى عن لحمك.. أي تكسوه في برد الشتاء.
* الرب يسوع قال لنا كل ما فعلتموه بأحد أخوتي الأصاغر فبي فعلتم متى 25: 40.
*قصة عن القديس أغاثون المكتوب عنه أنه كان يعيش وصايا الإنجيل بصدق وأمانة من كل قلبه وكان يتصدق كثيرا وذات يوم ذهب إلى السوق ليبيع عمل اليدين (أى ما يضفره من مقاطف) وبعدما باعها قابله فقراء فتصدق عليهم بكل النقود التي معه. وبعد أن تركوه تقابل في الطريق مع شخص عاري يرتعش من البرد فقام بخلع جلبابه وأعطاها للفقير العاري. وسار بدون جلباب فقابله فقيرا آخر وسأله صدقه فقال له ليس معي سوى هذا الإنجيل خذه بعه وخذ ثمنه. ثم رجع إلى تلميذه في البرية. فلما رآه تلميذه سأله أين جلبابك يا أبى فقال له أعطيته لإنسان فقير عاري. ثم سأله وأين الإنجيل الذي كنا تغذى به كل ليلة. فأجاب الأنبا أغاثون تلميذه قائلا: الإنجيل هو الذي يقول دائما أعطوا تعطوا. من سألك فأعطه ومن طلب منك فلا ترده. فبعد أن أنفقت وتصدقت. بكل ما معي لم أجد إلا الإنجيل فأعطيته لأحد الفقراء كما أوصاني الإنجيل. أليس أن تكسر للجائع خبزك وأن تدخل المساكين التائهين إلى بيتك. إذا رأيت عريانا أن تكسوه وأن لا تتغاضى عن لحمك. إش 58: 7.
*يوحنا ذهبي الفم يقول: الفقراء والمعوزون هم جسد السيد المسيح الجائع والعريان يتألم كل يوم.
*فالصدقة عمل محبة لله. أنت حينما تعطى فإنك تعطى الرب ألم يقل الكتاب من يعطى المسكين يقرض الرب.. وأنت تعطى فيعطيك الرب الكثير.. لذلك عندما نقدم للرب يجب أن نقدم بسخاء لأن كل ما نملك هو في الحقيقة ملك للرب.
* ولقد أكد لنا الرب يسوع أن إعطاء الفقير وعمل الرحمة موجه له شخصيا حينما قال كل ما فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم.
*ويذكر عن أب في البرية أنه كان يصوم صومًا انقطاعيًا لمدة ثلاثة أيام. ثم في اليوم الثالث وضع خبزتين وقليلا من الملح ووقف ليصلى فقرع سائل باب قلايته. فبعد الصلاة فتح له الباب فوجده يطلب طعاما لأنه جائع فأعطاه الخبزتين. وقال يا رب لأنا واثق أنك لن تحرمني من خيراتك.. فجاء إليه صوت الرب وقال من أجل أنك فضلت قريبك عن نفسك فلن تكون مجاعة على الأرض طول أيام حياتك.. فكان عمله هذا الذي يعد بسيطا في نظرنا سببا في رفع المجاعة عن الأرض كلها.
*في مثل الغنى ولعازر "الغنى لم يلتفت إلى لعازر الذي كان يشتهى أن يشبع من الفتات الساقط من مائدة الغنى".. ولكن ماذا حدث بعد ذلك؟
الغنى يطلب من أبينا إبراهيم أن يرسل لعازر ليبل طرف أصبعه بماء ويبرد لساني لو 16: 24 هل فكر الغنى أنه سوف يحتاج إلى لعازر؟ كان يستطيع الغنى بقليل من الطعام إذا قدمه إلى لعازر. أن يكون في حضن أبينا إبراهيم.
خطية الغنى أنه كان يلبس ويتنعم ولم يلتفت إلى لعازر المسكين الذي طرح عند باب بيته مضروبا بالقروح وكان يشتهى أن يشبع من الفتات الساقط من مائدة الغنى.
*وعندما نقيس مستوانا على ذلك. ربما أرسل لنا الرب في طريقنا أو بجوارنا أو في عائلاتنا إنسانا محتاجا للمساعدة وعن طريقه يكون لنا نصيب في الملكوت.. فلا تتغاضى عن لحمك.
*كل من يسألني أعطيه كأمين فقط ولست صاحب للمال.. كما قال المعلم إبراهيم الجوهري.
* والمثل العامي يقول إن النبع الذي لا يؤخذ منه يجف ماؤه فعندما يكون بئرا أو عين ماء تأخذ منها يتجدد فيها الماء باستمرار لكن لو الماء لم يؤخذ منه. يصير الماء راكدا وتتكاثر فيه الطحالب وتنسد مسام الأرض فلا يصل إليه الماء ويجف.
* كذلك كل من يعطى يعطيه الرب أكثر حسب وصية الرب لنا "أعطوا تعطوا".
* والعطاء والصدقة والرحمة كلها عمل محبة. فالإنسان لا يعطى على حسب ما يملك بقدر ما يعطى بحسب محبته لله، ولذلك مدح الرب يسوع الأرملة التي ألقت فلسين في الخزانة لأنها ألقت كل معيشتها.
* والصدقة والعطاء هي أنني أدفع على الأرض عملة نقدية تتحول في السماء إلى عملة سمائية تثمر لحساب ملكوت السموات.
* في الكنيسة الأولى كما هو مكتوب في سفر أعمال الرسل ونعمة عظيمة كانت على جميعهم إذ لم يكن فيهم أحد محتاجًا. "لأن كل الذين كانوا أصحاب حقول كانوا يبيعونها ويأتون بأثمانها ويضعونها عند أرجل الرسل" أع 4:23.
* القديس بولس اهتم بالعطاء في خدمته، وحينما كان مقبوضا عليه في مدينة قيصرية. وقف يدافع عن نفسه أمام الوالي قائلا وبعد سنين كثيرة جئت أصنع صدقات لأمتي وقرابين أع 24: 17.