هنا الآلام التي احتملها المسيح حتى الموت، هي كفاَّرة للفداء، لذلك فهي آلام فوق مستوى البشرية موجهة ضد الخطية مباشرة، ليست لمجرد غفران الخطية، وليست لمجرد المصالحة مع الله، ولكن لاقتلاع الخطية نفسها من أصولها، ومحوها، والإنقاذ من سلطان الخطية وسطوة الموت!!
هذا هو معنى الفداء "الفداء بدم صليبه" (كو1: 20).
هنا ليس آلام وحسب بل آلام للموت. والانتصار الذي تم ضد سلطان الخطية والموت وابليس لم يتم باحتمال الآلام وحسب بل بقبول الموت لتتم القيامة.
فالموت إجراء فدائي أساسي، ولكنه لا ينتهي في ذاته بل هو موت لقيامة. والقيامة هنا مرتبطة بالموت { الفداء }، ثم بالصليب والقيامة معًا. فكل من قبل موت المسيح على الصليب، يكون قبل القيامة، وحاز الفداء.
لذلك فبسبب القيامة، صار موت المسيح نصرة فوق الموت.
ولذلك كان الإيمان بموت المسيح على الصليب ليس لمجرد قبول غفران خطايا ولا لمصالحة مع الآب وحسب، ولا للحصول على البراءة أو التبرير، ولكن: لقبول نصرة على الموت، وعل سلطان الخطية، بقبول القيامة كحياة أبدية، حياة جديدة، خليقة جديدة بالروح القدس.
عمل قوة موت المسيح على الصليب في الطبيعة البشرية بقبول آدم لعنة الموت، بسبب التعدي على وصية الله - صارت نتيجته المباشرة، فقدان الإنسان الصلة المحيية التي كانت تربطه بالحياة مع الله.
لقد فقدت النفس وفقد الجسد الألفة والرباط الذي كان يربطهما بالله، وصارا قابلين للتفكك والنزاع، وبالتالي قابلين للمرض والانفصال - أي الموت والفسادولكن الله خلق الإنسان على غير فساد. إذًا الفساد هنا عرض. وليس من صميم طبيعة خلقته الحسنة، " الموت هو أجرة الخطية" (رو6: 23)، هو استعلان الخطية!!
والموت هنا واقع على الجسد، لأن النفس لا تموت. لذلك بقى للإنسان رجاء. موت المسيح حقق هذا الرجاء، رجاء غلبة الموت بدفع أجرة الخطية، فقام الجسد. وصار باكورة الراقدين (1كو15: 20)، أي أعطى كل الراقدين رجاء بل قوة القيامة!! قيامة الجسد والنفس في ألفة الروح القدس بالاتحاد بالمسيح الذي هو القيامة والحياة!!
وبذلك صار موت المسيح على الصليب هو نفسه مصدر القوة لإلغاء الموت وإعطاء قوة القيامة.