شخص مريض بمرض مزمن
هذا النوع من الشباب يفكر بطيبة قلب في أن السكنى بالدير لن تكلفه العناء الجسداني الكبير الذي يتطلبه العمل في العالم في المقابل، كما يرى ذلك الشاب أنه من الأفضل أن يهب الله السنوات المتبقية من صحته، وأن الراحة النفسية في رحاب القديسين والصحراء ونقاء الطقس وطيبة قلوب الآباء الذين سيحيا بينهم، قد تعينه بشكل أفضل على الاستمرار في الحياة بحيث يصبح معه أقل عرضه للنكبات الصحية.
ولكن الواقع يختلف كثيرا عن ذلك، فالإقامة في الدير تحتاج -لاسيما في السنوات الأولى- إلى مجهود بدنى شاق، إذ يعمل (الأخ) كثيرا في مجالات شتى مثل المطبخ والفرن وبيت لحم وإعداد المائدة، وقد يعمل على (جرار) لنقل احتياجات بعض قطاعات الدير، وربما عمل في الزراعة أو الورش بمختلف أنواعها، وقد تضطره ظروف العمل إلى رفع مختلف أنواع الأثقال. وقد تصل عدد ساعات العمل في اليوم الواحد إلى اثنتي عشرة ساعة وقد تزيد في بعض الظروف والمناسبات، يضاف إلى ذلك الصلوات الجماعية في الكنيسة مع الآباء وصلواته الخاصة في قلايته بما في ذلك الميطانيات. وحقيقي أن هذه هي احتياجات الدير الذي سيحيا فيه، ولكن المبتدئ -من جهة أخرى- عليه أن يعمل كثيرا حتى لا تهاجمه الأفكار متى كان بلا عمل أو معتادا على قسط من الراحة أكثر مما يحتاج، هذا من جهة أما من الجهة الأخرى فإن الفكرة المتوارثة عن الشيوخ هي أن الراهب الذي يعمل ويتعب كثيرا في الدير يتمسك في المقابل بالدير ويتمسك الدير به!
إذا فمتى كان مريضا أو ضعيفًا فكيف يستطيع القيام بكل تلك الأعباء، فإن هو أرهق أكثر من احتماله فقد يقضى بذلك على البقية الباقية في صحته، وثمة أمر آخر يحتسب له وهو احتمال تعرض هذا الأخ لتعب مفاجئ، أليس من الأفضل في هذه الحالة أن يكون قريبا من مراكز العلاج والأطباء والمتخصصين؟ إن كل ذلك يجعل من المناسب ألا يترهب بل يحيا في العالم مختارا بذلك العمل الذي يناسبه والمواعيد التي تتناسب أيضا مع ظروفه الصحية. عند ذلك فله مطلق الحرية في أن يتزوج أو يبقى دون زواج مختارا سبيلا آخرا.
وقد يجيب البعض بأن كثيرين من الرهبان أصيبوا بأمراض مختلفة بعد رهبنتهم، غير أن الأمر في هذه الحالة يصبح مختلفا إذ أن الدير يتعهد بعلاجه واحتمال آثار وتبعات هذا المرض في حين أنه ليس مضطرا لقبول شخص يعرف جيدا أنه مريض (يطالب الدير الآن المتقدم للرهبنة بإجراء فحص طبي شامل بمعرفة الدير حتى يتأكد من خلوه من مثل تلك الأمراض (قصور في وظائف القلب أو الكلى أو المشاكل التي تخص العمود الفقري وما شابه ذلك).