الكل كيان واحد
وحدانية الجنس البشرى في المفهوم الكتابي الآبائي الكنسي قد أعطى مساحة لإحساس الإنسان بارتباطه العام بجماعة المؤمنين من آدم إلى الآن. بحيث يعبِّر الواحد عن الجماعة وتعبِّر الجماعة عن الواحد. دون أن يلغى ذلك مصير كل إنسان حسب إيمانه وعمله شخصيًا ومسئوليته الشخصية. فما هو الدليل؟
يقول القديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات في القداس الإلهي مخاطبًا الابن الكلمة: }غَرْسٌ واحدٌ نهيتني أن آكل منه فأكلتُ بإرادتي وحدي... أنا اختطفتُ لي قضية الموت... أنت يا سيدي حوّلت لي العقوبة... أنا الذي سقطتُ... أنت الذي أرسلت... من أجلى أنا المريض... لما خالفتُ ناموسك{
نلاحظ أن القديس غريغوريوس تكلم بلسان الإنسان من آدم إلى مجيء المخلّص عبورًا بعهد الناموس والأنبياء وكأنه هو نفسه آدم! وكأنه هو نفسه إنسان عهد الناموس، وهو نفسه إنسان العهد الجديد، بينما هو لم يعِش في كل تلك العصور! ولكنه عاش في عهد النعمة فقط.
ويتضح نفس هذا الأسلوب في طريقة التعبير في رسالة بولس الرسول لأهل رومية فإنه يتكلم بلسان إنسان ما قبل الناموس وإنسان ما بعد الناموس، ثم يتكلم بلسان إنسان عهد النعمة فيقول متدرجًا: "أَمَّا أَنَا فَكُنْتُ بِدُونِ النَّامُوسِ عَائِشًا قَبْلاً. وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَتِ الْوَصِيَّةُ عَاشَتِ الْخَطِيَّةُ فَمُتُّ أَنَا" (رو7: 9).