عند بيدر أرونة اليبوسي
موقف آخر في حياة داود.. عندما أخطأ الشعب، فهيج الرب عليهم داود لكي يحصى الشعب كما ورد في سفر صموئيل الثاني "وَعَادَ فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ فَأَهَاجَ عَلَيْهِمْ دَاوُدَ قَائِلاً: امْضِ وَأَحْصِ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا" (2صم24: 1). ولكن ورد في سفر أخبار الأيام الأول تفسيرًا لهذا الأمر إذ قال "وَوَقَفَ الشَّيْطَانُ ضِدَّ إِسْرَائِيلَ وَأَغْوَى دَاوُدَ لِيُحْصِيَ إِسْرَائِيلَ" (1أى21: 1).
وليس هناك تناقضٌ بين السفرين لأن المسألة في حقيقتها أن نعمة الله عندما تتخلى عن أي إنسان في موقف معيَّن لتكشف له ضعفه مثل سقوطه في الكبرياء؛ فإن الشيطان يستغل الفرصة لغواية هذا الإنسان ويكون ذلك بسماح من الله مثلما ورد في سفر الأمثال "قَبْلَ الْكَسْرِ الْكِبْرِيَاءُ وَقَبْلَ السُّقُوطِ تَشَامُخُ الرُّوحِ" (أم16: 18)، فيقال إن الرب قد أهاج داود على شعب إسرائيل. ويقال أيضًا إن الشيطان قد وقف ضد إسرائيل وأغوى داود. وفي حقيقة الأمر أن الرب قد سمح للشيطان أن يفعل ذلك لتأديب شعب إسرائيل المخطئين ولتأديب داود على افتخاره في قلبه بعدد الشعب.
"وَضَرَبَ دَاوُدَ قَلْبُهُ بَعْدَمَا عَدَّ الشَّعْبَ. فَقَالَ دَاوُدُ لِلرَّبِّ: لَقَدْ أَخْطَأْتُ جِدّاً فِي مَا فَعَلْتُ، وَالآنَ يَا رَبُّ أَزِلْ إِثْمَ عَبْدِكَ لأَنِّي انْحَمَقْتُ جِدّاً. وَلَمَّا قَامَ دَاوُدُ صَبَاحًا كَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى جَادٍ النَّبِيِّ رَائِي دَاوُدَ: اِذْهَبْ وَقُلْ لِدَاوُدَ: هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: ثَلاَثَةً أَنَا عَارِضٌ عَلَيْكَ، فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ وَاحِدًا مِنْهَافَأَفْعَلَهُ بِكَ" (2صم24: 10- 12).