رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سؤال : من كتاب سنوات مع أسئلة الناس أسئلة لاهوتية وعقائدية " ب "هل الإنسان مخير أم مسير ؟ وإن كان مخيراً , فهل هو مخير فى كل شيء ؟ الجواب : هناك أمور لا يجد الإنسان نفسه مخيراً فيها . حقاً إن الإنسان لم يكن مخيراً من جهة الوطن الذى ولد فيه , والشعب الذى نشأ بينه , ومن جهة الوالدين اللذين ولداه , ونوع البيئة التى أحاطت بطفولته وتأثيرها عليه , وكذلك نوع التربية التى عومل بها . ولم يكن الإنسان مخيراً من جهة جنسه , ذكراً أوأنثى . ولم يكن مخيراً من جهة شكله ولونه , وطوله أو قصره , ودرجة ذكائه , وبعض المواهب التى منحت له أو التى حرم منها , وما ورثه عن والديه .. إلخ . ولكن الإنسان فى تصرفاته وأعماله الأدبية , هو مخير بلا شك . يستطيع أن يعمل هذا العمل أو لا يعمله . يستطيع أن يتكلم أو يصمت . بل إنه يستطيع - إن أراد – أن يصلح أشياء كثيرة مما ورثها , وأن يغير مما تعرض له من تأثير البيئة والتربية . يمكنه أن يلقي الماضى كله جانباً , ويبدأ حياة جديدة مغايرة للماضى كله , يتخلص فيها من كل التأثيرات السابقة التى تعرض لها منذ ولادته ... وكم من أناس استطاعوا فى كبرهم أن يتحرروا من تأثيرات البيئة والتربية والوراثة التى أحاطت بهم فى صغرهم . وذلك بدخولهم فى نطاق تأثيرات أخرى جديدة , عن طريق القراءة , أو الصداقة والعشرة , أو بتأثير مرشدين روحيين ومعلمين جدد , أو بتأثير الدين والإجتماعات , كما حدث لأشخاص نشأوا فى حياة ضائعة وتابوا , أو غيرهم نشأوا فى حياة روحية وضلوا . وحتى من جهة المواهب أيضاً ...! يمكنه أنه ينمى المواهب التى ولد بها , أو أن يضعفها بعدم الإستخدام . وقد يكون إنساناً قليل المواهب , ويستطيع أن يتعهد هذا القليل بالممارسة والإهتمام فتكبر مواهبه , أو يكتسب مواهب لم تكن عنده , ويصير فى حالة أفضل ممن ولد موهوباً وأهمل مواهبه . وهناك أمور كثيرة تدل على أن الإنسان مخير لا مسير . 1-إن وجود الوصية الإلهية دليل على أن الإنسان مخير . لأنه إن كان الإنسان مسيراً , ولا يملك إرادته ولا حريته , فما معنى الوصية إذن ؟! وما فائدة الوصية إن كان الإنسان عاجزاً عن السير فيها , وإن كان مسيراً على الرغم منه فى اتجاه عكسي ؟! وعلى رأى الشاعر الذى قال : ألقاه فى اليم كتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء وحتى إن كان الإنسان مسيراً فى طريق الوصية , فلا لزوم للوصية إذن . لأنه سيسير فى هذا الطريق بالذات , وجدت الوصية أو لم توجد !! ولكن الأمر المنطقي هو أن وجود الوصية دليل على أن الإنسان مخير , هو فى حريته يتبع وصية الله أو لا يتبعها . وهذا ما نشاهده فعلاً .. بإمكان الإنسان أن يطيع وصايا الله إن أراد . أو يعصاها إن أراد . لأن الله وهبه حرية الإرادة وحرية الإختبار . وضع أمامه الخير , ولكنه لم يرغمه على السير فيه . 2-وجود الخطية دليل على أن الإنسان مخير . فلو كان الإنسان مسيراً , فهل من المعقول أن الله يسيره نحو الخطيئة ؟ وبذلك يكون شريكاً معه فى ارتكابها ؟! حاشا . إن هذا أمر لا يقبله العقل .. ولا يتفق مطلقاً مع طبيعة الله الذى هو قدوس وصالح , يكره الشر ولا يوافق عليه , ويدعو كل الناس إلى التوبة وترك الخطية . إذن حينما توجد خطية , يكون الإنسان قد فعلها باختياره وبإرادته , أى أنه كان مخيراً فيما يفعله . وإن كان الإنسان مخيراً فى فعل الشر , فإنه بالأولى وبالأحري يكون مخيراً فى فعل الخير , ومخيراً أيضاً فى أن يتجه إلى التوبة وترك الخطية . والله يدعو الجميع إلى التوبة . ولكنه يتركهم إلى اختيارهم , يتوبون أو لا يتوبون .. 3-وجود الدينونة دليل على أن الإنسان مخير . مجرد وجود العقاب والثواب دليل على أن الإنسان مخير فيما يفعله . لأنه من أبسط قواعد العدل , أن لا يحكم على إنسان ما لم يكن فى تصرفاته عاقلاً حراً مريداً . فإن ثبت إنعدام الحرية والإاردة , لا يحكم له أو عليه , إذ أنه لا مسئولية حيث لا حرية . وبناء على هذا لا يمكن أن يحكم له على خاطئ بالعذاب الأبدى , ما لم يكن هذا الإنسان بكامل اختياره قد شاء لنفسه السلوك الردئ وارتكبه , فأخذ لتفسه جزاء إرادته وعمله . وعلى قدر ما تكون له إرادة , هكذا تكون عقوبته . ومحال أن يعاقب الله إنساناً مسيراً , لأنه ما ذنب هذا المسير . العقوبة بالأحري تكون على من سيره نحو الخطاء . ونفس الكلام نقوله من ناحية الثواب . فالله يكافئ من فعل الخير باختياره , بإرادته ورغبته . أما إن كان مسيراً , فإنه لا يستحق ثواباً . 4-وأخيراً , نود أن نقدم أربع ملاحظات : أولاً : إن الله يحث كل إنسان على الخير , ويرشده ليبعده عن الخطأ . سواء عن طريق الضمير, أو المرشدين والآباء والمعلمين , وبكل عمل النعمة . ومع ذلك يتركه إلى اختياره يقبل أو لا يقبل . ثانياً : إن الله يتدخل أحياناً لإيقاف شرور معينة , ويمنع من ارتكابها . وفى هذه الحالة لا يكون فضل لمن ترك هذا الشر , ولا يكون له ثواب . هنا , من أجل الصالح , يسير الله الأمور بنفسه , أو يحول الشر إلى خير . أما فى باقى أمور الإنسان العادية وتصرفاته فهو مخير ويملك إرادته . ثالثاً : قد يفقد الإنسان إرادته بإرادته . أى أنه ربما بإرادته يستسلم لخطية معينة , إلى أن تصير عادة أو طبعاً , يخضع لها فيها بعد ويفعل ما يريده هذا الطبع , وكأنه أمامه بغير إرادة .. وكنها عدم إرادة , تسببت عن إرادة سابقة , فعلها الإنسان وهو مخير . رابعاً : إن الله سيحاسب كل إنسان فى اليوم الأخير , على قدر ما وهبه من عقل وإدراك , وعلى قدر ما لديه من إمكاية وإرادة واختيار . ويضع الله فى اعتباره ظروف الإنسان , وما يتعرض له من ضغوط , ومدى قدرته أو عدم قدرته فى الإنتصار على هذه الضغوط . |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الإنسان مخير أم مسير؟ |
هل الانسان مخير ام مسير؟ |
المنع لخير الإنسان |
هل الإنسان مخير أم مسير و هل يوجد قضاء و قدر في المسيحية |
هل الإنسان مخير أم مسير؟ |