لوم النفس يقود إلي المغفرة
ما الذي يغفره لك الله؟ هو ما تعترف بأنك أخطأت فيه.
أما الذي تقول انك لم تخطئ فيه، طبيعي إنك لا تطلب عنه المغفرة، وبالتالي لا تنال مغفرة عنه إن كان في واقعه خطأ. إن كنت تعرف أنك مريض، فسوف تسعي إلي الطبيب لكي تشفي.. وأما إن أصررت علي أنك سليم وصحيح، فحينئذ ستسمع قول الرب:
لا يحتاج الإصحاح إلي طيبي، بل المرضي (مت 9: 12).
إن العشار الذي لام نفسه وقال "إني خاطئ" استحق أن يخرج من الهيكل مبررًا، بعكس الفريسي الذي لم يجد شيئًا يلوم عليه نفسه فقال: أشكرك يا رب إني لست مثل سائر الناس الظالمين الخاضعين الزناة (لو 18: 11).
حقًا ما الذي يمكن أن يغفره الله لهذا الفريسي (البار)؟!
آية خطيئة يغفرها لهذا البار في عيني نفسه، الذي لم يعرض خطيئة واحدة أمام الله طالبًا عنها مغفرة.. لو كان خاطئًا مثل العشار، لكان يطلب الرحمة مثله. ولكنه يفتخر قائلًا إنني "لست مثل هذا العشار". لم يعترف بخطايا تحتاج بخطايا تحتاج غلي غفران، ولم يطلب غفرانًا. فأبعد نفسه عن المغفرة وعن التبرير بدم المسيح. كذلك لم يقل الكتاب إن الله قد برر الابن الأكبر، الذي هو أيضًا لم يجد شيئًا يلوم عليه نفسه، بل أكثر من هذا غضب وألقي اللوم علي أخيه وعلي أبيه فقال له "أنا أخدمك سنين هذا عددها، وقط لم أخالف وصيتك. وجديًا لم تعطني قط لأخرج مع أصدقائي.." (لو 15: 29). حقًا أية مغفرة تعطي لمن يقول: قط لم أخالف وصيتك.
ونفس هذا الابن لم يطلب مغفرة، لأنه لم يجد في تصرفاته خطأ واحدًا يحتاج إلي مغفرة!! أما أخوه الأصغر فقد تبرر لأنه لام نفسه وقال لأبيه "أخطأت إلي السماء وقدامك. وليست مستحقًا أن أدعي لك أن تدعي لك أبنًا.." إذن أن كنت لا تدين نفسك فأنت تبدو بارًا في عيني نفسك، بينما السيد المسيح قد قال:
ما جئت لأدعو أبرارًا، بل خطاة إلي التوبة (مت 9: 13). وبهذا تكون خارج نطاق المسيح / ولم يأت لأخلك.
إنه جاء من أجل الخطاة. جاء يطلب ويخلص ما قد هلك (لو 19: 10)،جاء من أجل المرضي ليشفيهم. جاء ليبشر المنكسري القلوب.. فهل أنت من هؤلاء؟ إنك تكون منهم في حالة ما تلوم نفسك وتدينها. أما أن كنت تري نفسك بارًا ومحقًا ولا عيب فيك..
فكأنك تقول: لا شأن لي بدم المسيح وكفارته.
إن دم المسيح هو لمحو الخطايا. أعترف إذن بخطاياك، لكي يكون لك نصيب فيه ولكي ينضح عليك بزوفاه فتطهر، وتنال المغفرة. لماذا تبعد نفسك عن دم المسيح وفاعليته؟! علي أنني أقول لكم في هذا المجال ملاحظة مؤلمة وهي:
كثيرون يقولون إنهم خطاة. وداخلهم لا يعترف بهذا
كلمة "خاطئ "قد يقولها الواحد منهم عن نفسه، بشفيته فقط، ليبدو متضعًا. ولكنه في داخل نفسه غير مقتنع بأنه مخطئ. وأن قلت له إنك مخطئ، يثور عليك، ويدافع بشدة عن نفسه..
ونحن لا نقصد أن يلوم الإنسان ملامة باطلة زائفة.
فهذه الملامة الشكلية الباطلة، هي غير مقبولة أمام فاحص القلوب والكلي.. إنما حينما نقول لك أن تلوم نفسك. نقصد أن تكون مقتنعًا في أعماقك اقتناعا كاملًا بأنك مخطئ. وهذا اللوم الحقيقي للنفس هو الذي به تستحق المغفرة.. لوم النفس يقود إلي المغفرة. ويقود أيضًا إلي الاتضاع..