مساوٍ للآب في الجوهر
إنه رد علي الأريوسية التي لم تفهم معني قول الرب "أبي أعظم مني" (يو 14: 28). فالآب ليس أعظم من الابن في الجوهر، لأن الابن له نفس طبيعة الآب، ونفس جوهره ونفس لاهوته: فهو مساو له في كل شيء. ولكن عبارة "أبي أعظم مني" قيلت عن حاله إخلاء الذات في التجسد. كما قيل إنه "إذ كان في صورة الله، لم يحسب خلسة أن يكون معادلا لله. لكنه أخلي نفسه آخذا صورة عبد، صائرا في شبه الناس. وإذا وجد في الهيئة كإنسان، وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب" (في2: 6-8).
حاله الإخلاء هذه هي التي قيل عنها "أبي أعظم مني"، أي من صورة العبد التي أخذتها، مع بقاء جوهر اللاهوت كما هو.
أعظم من صورة الآلام والصليب. في كل ما تحمله الابن في تجسده من إهانات. أما جوهر اللاهوت المتحد بهذا الناسوت، فهو كما هو، لم ينقصه تواضع الناسوت شيئًا.
وهكذا استطاع في ناسوته أن يقول ويعمل ما يناسب لاهوته الذي يتساوى فيه مع الآب.
فقد قال "أنا والآب واحد" (يو 10: 30) "من رآني فقد رأى الآب" (يو 14: 9) "أنا في الأب والآب فيَّ" (يو 14: 10). وقال "لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب" (يو 5: 23).كما أنه في تجسده قال للمفلوج " مغفورة لك خطاياك" (مر2: 5، 10). وقال نفس العبارة للمرأة الخاطئة التي بللت قدميه بدموعها (لو 7: 48). وفي تجسده مشي علي الماء (مت 14: 25)، وانتهر الريح والأمواج فسكنت وهدأت (مر 4: 29). وفي تجسده خلق مادة جديدة في معجزة الخمس خبزات والسمكتين (مت 14: 17)، وفي تحويل الماء إلي خمر في عرس قانا الجليل (يو2). وفي منح البصر للمولود أعمى (يو 9) وعمل أعمالا كثيرة تدل على لاهوته.. كذلك قيامته والقبر مغلق، ودخوله العلية والأبواب مغلقة (يو 20: 19). وصعوده إلي السماء.