قوة البذل
البعض قد يستريح للخدمة السهلة التي لا تعب فيها ولا صعوبة. ولكن قوة الخدمة تظهر في صعوبتها واحتمال هذه الصعوبة، بكل بذل وفرح..
مثال ذلك خدمة القديس بولس الرسول "تعب وكدّ، في أسهار مرارًا كثيرة، في جوع وعطش.. في برد وعري.. بأسفار مرارًا كثيرة، بأخطار سيول، بأخطار لصوص، بأخطار في المدينة، بأخطار في البرية، بأخطار في البحر.." (2كو11: 26، 27) "في صبر كثير، في شدائد في ضرورات في ضيقات، في ضربات في سجون، في اضطرابات في أتعاب، في أسهار في أصوام" (2كو6: 4، 5).
ومع ذلك يقول: "كحزانى ونحن دائما فرحون" (2كو6: 10).
الخدمة الروحية تعب من أجل الرب وملكوته، وهي جهاد وتعب من أجل خلاص النفس. وقيل عنها:
"كل واحد سيأخذ أجرته بحسب تعبه" (1كو3: 8). وهكذا كانت خدمة الآباء الرسل. بدأت وسط اضطهادات الرومان، ودسائس اليهود، ومعارضة وشكوك الفلاسفة الوثنيين، وعذابات الاستشهاد، وفي أماكن جديدة، لا مؤمنون فيها ولا كنائس ولا أية إمكانيات.. وبلا كيس ولا مزود.
وكمثال لذلك: خدمة القديس مار مرقس الرسول:
دخل الأسكندرية، فقيرًا بحذاء ممزق، حيث لا مسيحيون هناك، ولا كنائس، بل توجد ديانات عديدة: منها آلهة الرومان بقيادة جوبتر، وآلهة اليونان بقيادة زيوس، والعبادات الفرعونية بقيادة آمون ورع، وكذلك اليهودية في اثنين من أحياء الأسكندرية. ومكتبة الأسكندرية الحافلة بمئات الآلاف من كتب الوثنيين.. وعدم وجود أية إمكانيات على الإطلاق. ولكن مار مرقس صبر وجاهد، حتى حوّل الجميع إلى مسيحيين.
ماذا نقول أيضًا عن الذين بشروا في بلاد أهلها من أكلة لحوم البشر؟!
إن الخدمة التي يبذل فيها الإنسان ويتعب، هي الخدمة الحقيقية ومقياس التعب والبذل، هو مقياس أساسي في الخدمة..
مثال ذلك خادم يتعب ويحتمل من أجل تهذيب تلميذ مشاكس في فصل، أو أم تتعب في تربية ابن عنيد، أو كاهن يتعب في خدمة أو في رعاية الحالات الصعبة، أو في المشاكل العائلية المعقدة
مقياس آخر للخدمة هو عنصر العمق..