منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 02 - 02 - 2014, 12:30 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

الدموع

الدموع أنواع كثيرة. ولكننا هنا نتكلم عن نوع واحد منها، وهى دموع التوبة، التي يبكي بها الإنسان على خطاياه.
لا تظنوا أن البكاء على الخطايا، هي درجة للمبتدئين. فكثير من القديسين الكبار كانوا يبكون على خطاياهم. بل كان هذا هو منهج روحي معروف لآباء البرية..
ولعل أبرز الأمثلة للبكاء على الخطية، داود النبي.
هذا الذي قال "في كل ليلة أعوم سريري، وبدموعي أبِّل فراشي" (مز 6: 6). كم كانت كمية بكاء هذا النبي التائب، الذي كان يعوم سريره بدموعه؟ فهل كان يبكي على خطاياه، حينما يعود إلى بيته فقط في نهاية كل يوم عند المساء؟ كلا، فهو يقول "صارت دموعي لي خبزا نهارا وليلا" (مز 42: 3). حتى أثناء أكله وشربه، يقول "أكلت الرماد مثل الخبز، ومزجت شرابي بالدموع" (مز 102: 9). أي أنه فيما هو يشرب، تتساقط دموعه في كوب شرابه، فيَمْزِج شرابه بالدموع.
وكانت دموعه غزيرة، على الرغم من العظمة المحيطة به.
إذ كان مَلِكَا، وقائدا للجيش، وقاضيا للشعب، ورب أسرة كبيرة. ومع ذلك، فهو لا يهتم بكل هذه العظمة وهذا الترف حتى يقول للرب "أنصِت إلى دموعي" (مز 39: 12). ويقول له "اجعل دموعي في زق عندك" (مز 56: 8).

الدموع
ولعل إنسان يسأل: لماذا أبكي وخطيتي قد غفرت؟
فنقول له: إن داود بكى على خطيته بعد أن غُفرت، وليس قبل ذلك. فقبل المغفرة ما كان يحس بخطورة سقطته وبشاعتها، إلى أن نبهه ناثان النبي إلى ذلك، فاعترف بخطيته، وغفر له الله على لسان ناثان النبي الذي قال له "الرب قد نقل عنك خطيئتك. لا تموت" (2 صم 12: 13). وبعد ذلك بكىداود كل ذلك البكاء.. فلماذا بكى؟ هل كان ذلك خوفا من عقوبة أو طلبا لمغفرة؟ كلا.
إن العبد يبكي خوفا من العقوبة.
أما الابن فيبكي من حساسية قلبه تجاه أبيه.
فمن مِنّا بكى مثل بكاء داود؟ من مِنّا عَوّم سريره بدموعه ليلة واحدة، وليس في كل ليلة مثله؟ لقد ظل داود يبكي على خطيته طول حياته. ولم يسترح من بكائه إلا عند موته. فحينما اقترب من الموت قال: "ارجعي يا نفسي إلى موضع راحتك فإن الرب قد أحسن إليَّ. وأنقذ نفسي من الموت، وعينيّ من الدموع" (مز 114). أنقذه من الموت الأبدي بقبول توبته.وأنقذ عينيه من الدموع، لأنه نقله إلى "الموضع الذي هرب منه الحزن والكآبة والتنهد". وأنقذه الرب من الدموع هناك، لأنه بكى ههنا بما يكفي.
يذكرنا هذا بقصة القديس أرسانيوس الذي بكى كثيرًا.
بكى وهو في حالة القداسة، وهو عمود في البرية. بكى حتى تساقطت رموش عينيه من كثرة البكاء. وكان في الصيف يبلل خوصه بالدموع. وكان يضع منشفة على حِجْرَهُ وهو جالس يستقبل فيها الدموع.. وساعة موته بكي كثيرا. فقال له تلاميذه "حتى أنت يا أبانا تخاف من هذه الساعة"؟! فقال لهم: "إن خوف هذه الساعة ملازم لي منذ دخلت إلى الرهبنة"..
فإن كان هذا القديس يبكي، على الرغم من فضائله الكثيرة، وعلى الرغم من تواضعه ومن حكمته وصمته، وسهره طول الليل في الصلاة، وعلى الرغم من أن البابا كان يطلب زيارته ملتمسا منه كلمة منفعة.. فماذا نقول نحن عن أنفسنا؟! لذلك حينما سمع القديس الأنبا بيمن عن نياحة القديس أرسانيوس قال: "طوباك يا أبانا أرسانيوس لأنك بكيت على نفسك في هذا العالم". وتابع عبارته قائلًا: "لأن الذي لا يبكي على نفسه في هذا العالم، لابد سيبكي إلى الأبد في العالم الآخر. أما بُكاؤه ههنا فباختياره. ولكن هناك بسبب العذابات التي سينالها. ومن المستحيل على إنسان أن يفلت من البكاء هنا وهناك"..
وكان هذا البكاء هو نصيحة القديس مكاريوس قبل وفاته.
قال القديس بِلاديوس: سمعت أن الشيوخ الذين في نتريا، أرسلوا إلى أبا مقاريوس الكبير الذي كان يسكن في الإسقيط، وتوسلوا إليه قائلين: "نرجوك يا أبانا أن تأتي إلينا حتى نراك قبل أن ترحل إلى الرب، لكيما لا ينتقل كل الناس إليك". ولما ذهب إليهم تجمعوا كلهم معا إليه. وطلب إليه الشيوخ متوسلين أن يقول للأخوة كلمة منفعة. فبكى الرجل القديس وقال لهم: "فلنَبْكِ يا إخوتي، ولتَفِضْ عيوننا بالدموع، قبل أن نذهب إلى المكان الذي تَحْرِقْ فيه دموعنا أجسادنا". فبكوا كلهم، وسقطوا على وجوههم قائلين: "صَلِّ عنا أيها الأب".
ماذا فعل القديسون من خطايا، حتى بكوا هكذا؟!.. وحتى كانت النصيحة المألوفة التي يقولها كل شيخ لمن يأتي طالبا إرشاده: "اجلس في قلايتك، وابكِ على خطاياك".. إن كان هذا هو منهج القديسين، فكم بالأولى نفعل نحن، ولنا خطايا لا تحصى..
انظروا أيضا إلى بكاء رجل شيخ مثل بطرس الرسول، هذا الذي لما أحس بنكرانه للرب: "خرج وبكى بكاء مُرًا" (متى 26: 75). إن بكاء الشيوخ أكثر تأثيرا في النفس من بكاء الصغار والأحداث.
ومن الذين اشتهروا بالبكاء أيضا، القديس ايسيذوروس.
إنه قس القلالي العظيم، الذي كان تحت إرشاده الروحي حوالي ثلاثة آلاف راهبا. وكان هو أب اعتراف القديس موسى الأسود. وكان رجل رؤى وعجائب، وكان الشياطين يخافونه ويهابونه جدا ويهربون منه.. ومع ذلك كان هذا القديس يبكي بدموع غزيرة، ويَجْهَشْ بالبكاء بصوت عالٍ. لدرجة أن تلميذه الذي يسكن إلى جواره سمعه مَرَة يبكي، فدخل إليه وسأله: "لماذا تبكي يا أبي؟" فأجابه: "أنا يا ابني أبكي على خطاياي". فقال التلميذ: "حتى أنت يا أبانا، لك خطايا تبكي عليها؟!" فأجابه القديس: "صدقني يا ابني، لو أن الله كشف لي كل خطاياي، ما كان يكفي ثلاثة أو أربعة يبكون معي عليها..!".
إنها حساسية في القلب المرهف، والضمير الدقيق.
يبكي لأنه أغضب الله المُحِب، ولأنه نزل عن المستوى الروحي اللائق به كصورة الله، ولأنه سقط وما كان ينبغي أن يسقط. ويبكي خجلا من حاله. ومهما غُفِرَت الخطية، هذا لا يمنع أنها حدثت..
لقد غفر الله نكران بطرس، ولكن التاريخ لا يزال يتحدث عن ذلك النكران. وغفر الله لراحاب، ومع ذلك فالكتاب المقدس يتحدث عنها بلقب "راحاب الزانية" (عب 11: 31).
رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
سيعطينا الله "خبز الدموع" ويسقينا "الدموع بالكيل"
الدموع
الدموع
الدموع
الدموع وجع


الساعة الآن 02:17 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024