الشهيد بولس
سجل لنا يوسابيوس المؤرخ سنة 324 م ما شاهده من أعمال عنف في قيصرية فلسطين بواسطة حاكم فلسطين فرميليان Firmilian خلف الحاكم أوربان Urban في عهد مكسيموس الثاني. فقد قُدم له دفعة 97 معترفًا من رجال ونساء وأطفال، فأمر الجلادين أن يحرقوا أقدامهم اليسرى بحديد ملتهب نارًا، وأن يفقأوا أعينهم اليمنى ويضعون نارًا مكان الأعين، ثم أرسلهم إلى المناجم في لبنان.
اُقتيد أيضا جماعة من غزة أُلقي القبض عليهم بينما كانوا مجتمعين يسمعون كلمة الله، من بينهم فتاة تدعى تيا أو ثيا Thea التي وبخته عندما هددها بهتك عرضها علانية، فأمر بجلدها وتعذيبها. رأت فتاة من قيصرية فلسطين تدعى فالنتينا هذا المنظر فاخترقت الصفوف لتقف أمام الوالي، قائلة: "إلى متى تعذب أختي؟" قبض عليها وسُحبت إلى هيكل وثن فرفست المذبح بقدميها. هاج الملك وأمر بربط الفتاتين معًا وحرقهما بالنار.
في نفس الوقت قُطعت رأس رجلٍ مسيحي يدعى بولس من أجل تمسكه بالإيمان. هذا الإنسان أظهر محبة عجيبة في لحظات الاستشهاد، إذ وقف بانسحاق يصلي بصوتٍ عالٍ من أجل رفقائه لكي يسندهم الرب وسط عذاباتهم، ومن أجل نشر الإيمان، كما من أجل كل الحاضرين والإمبراطور والحاكم وكل المسئولين، وكأن آلامه لم تسحبه للتفكير في ذاته بل في الآخرين حتى المقاومين والمضطهدين ليهبهم الرب خلاصًا!