رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قسوة القلب تعطل التوبة ولعل من أبرز ألأمثلة لهذه القسوة فرعون. لم تستطع جميع الضربات أن تلين قلبه. وإن كان أحيانًا قد قال "أخطأت إلى الرب" (خر 10: 16)، إنما كان يرجع بعدها ويشتد قلبه كما كان.. وكلما كان يَعْدْ وعدًا، كان يرجع في وعده بعد ارتفاع غضب الرب. وكما قال الكتاب "فلما رأى فرعون أنه قد حصل الفرج، أغلظ قلبه ولم يسمع لهما (لموسى وهارون) (خر 8: 15). وظل فرعون في قساوة قلبه حتى هلك.. كان الله يريد أن يجذبه إليه بتلك الضربات، ولكنه رفض أن يستمع للرب، على الرغم من كل عجائب الله التي لمسها بنفسه.. مثال آخر: هو الشعب المتمرد في البرية. كل عجائب الله معهم في أرض مصر، وكل عجائبه معهم في البرية، وكل إحساناته الكثيرة إليهم.. كل ذلك لم يلين قلوبهم..! لا الضربات العشر، ولا شق البحر الأحمر، ولا المن والسلوى، ولا الماء الذي فجره الله لهم من الصخرة، ولا عمود النار الذي كان يضئ لهم ليلًا، ولا السحابة التي كانت تظللهم وتهديهم نهارا.. لا شيء من هذا كله جعلهم يتوبون.. فوصفهم الرب مرارًا عديدة بأنهم شعب صلب الرقبة (خر 32: 9، 23: 3، 5، 34: 9، تث 9: 6). وقال إنهم "قساة الوجوه، صلاب القلوب" (خر 2: 4). وقال عنهم "صلاب الجباه، قساة القلوب" (حز 3: 7).. وبسبب قساوتهم هذه، لم يستجيبوا للرب ولم يطيعوه، بل كانوا دائمي التذمر عليه. لا يتوبون مطلقا مهما أحسن إليهم، حتى قال عنهم: مددت يدي طول النهار لشعب معاند مقاوم (رو 10: 21) تصوروا الله يمد يده ليصالح شعبا. فيرفض الشعب يد الله الممدودة باستمرار، طول النهار. ولا يمد يده إليها ليصافح أو ليصالح.. فماذا انتفعوا من قساوة قلوبهم؟ لقد خسروا الرب، وخسروا أرض الموعد، ولم يدخلوها، بل هلك جيلهم المتذمر كله في البرية. وغضب الله عليهم وكاد يفنيهم، لولا شفاعة موسى فيهم (عد 32). وابتلعت قساوة القلب كل شيء. ولم تذكر شيئا من إحسانات الله، ولم تلن، ولم ترجع إليه. وكل أقوال الأنبياء وإنذاراتهم لم تأت بأية نتيجة. وكأن بذار الله بالنسبة إليهم، قد وقعت على صخر! بذار على صخر، لا يصلح معها ماء، ولا سماد، ولا أيدي عاملة، ولا خبرة زراعية. إنها على صخر، لا تدخل إلى داخل هكذا القلب القاسي لا يتأثر بشيء: يوبخه ضميره، فلا يشعر يوخز الضمير. يفتقده الروح القدس، ليبكته على خطية، فلا يستجيب لصوت الروح فيه. يسمع كثيرا، ويقرأ كثيرًا، ولا فائدة.. يدخل الكنيسة ويخرج، وهو كما هو بنفس القلب. ويعترف ويتناول مرارًا، ولا يغير فيه الاعتراف شيئًا ولا التناول.. لا تنفع معه إحساناتك الله إن تذكرها، ولا تخيفه إنذارات الله ولا تردعه. إنه صخر قلب قاس لا يتأثر. ينطبق عليه قول أبينا إبراهيم أبى الآباء "ولا إن قام واحد من الموتى يصدقوني" (لو 16: 31). لأجل ينبهنا الكتاب قائلا: إن سمعتم صوته، فلا تقسوا قلوبكم (عب 3: 7). وصوت الله يأتينا من مصادر متعددة.. قد يكلمنا الله من خلال كتابه المقدس، أو عن طريق العظات والإرشاد الروحي.أو من خلال الأحداث التي تظهر فيها يد الله، أو في الجلسة الهادئة مع النفس.. والمهم في كل ذلك أن نقابل صوت الله بأذن صاغية وقلب مفتوح.. قلب لين، غير معاند. حتى إن وقعنا في قساوة القلب مرة، لا نستمر. فعذراء النشيد، وإن كانت لم تفتح للرب في أول مرة، وقسى قلبها عليه، وإلا أن القلب عادة فرق مرة أخرى. وقالت: حبيبي مد يده من الكوة، فأنت عليه أحشائي (نش 5: 4). وقامت تبحث عن هذا الحبيب في كل مكان، وتقول "أحلفكن يا بنات أورشليم، إن وجدتن حبيبي، أن تخبرنه بأني مريضة حبا" (نش 5: 8). ليتنا نحارب قسوة القلب فينا، لأنه إن رق قلبنا، ستؤثر فينا كل الوسائط الروحية، وتقودنا إلى التوبة ومحبة الله. الإنسان الحساس الرقيق، كل شيء روحي يؤثر فيه. إن سمع قداسا أو لحنا يتأثر. إن سمع عظة وقرأ كتابًا روحيًا يتأثر. وقد يتأثر أيضًا يتذكر أحبائه الذين رقدوا.. فإن أخطأ يقول "لعل روح فلان تراني الآن".. وبذلك يرجع عن الخطأ لتوه. مجرد صورة يراها للمسيح مصلوبا، قد تحصر مشاعره فيبكى، كما فعلت القديسة العذراء التي قالت في داخلها "وأما أحشائي فتلتهب بالنار عند نظري إلى صلبوتك الذي أنت صابر عليه يا ابني وإلهي". عينا الإنسان الحساس، أشبهها بأسفنجة مملوءة ماءًا. بأقل لمسة أو ضغطة، يفيض ما بها. وهكذا الإنسان ذو القلب الرقيق، دموعه قريبة باستمرار. إن أخطأ يرجع بسرعة، ولا يستمر في الخطأ. كما فعل داود النبي، وكما حدث لبطرس الرسول في إنكاره.. يدرك خطأه بسرعة، ويندم بشدة ويتوب لوقته.. ابعد يا أخي إذن عن قساوة القلب. وليكن قلبك رقيقًا حساسًا يستجيب لكل تأثير روحي بلا إبطاء. واعلم أن قساوة القلب لها أضرارها الخطيرة: فهي تؤدى إلى الفتور الروحي، وإلى السقوط، وتجعل الإنسان لا يأتي بثمر على الإطلاق. وإن استمرت القساوة في القلب على الدوام كمنهج حياة، فإنها تجعل الحياة تيبس تمامًا، وتكون نهايتها الحريق (عب 6). لا تقل: "وماذا أفعل؟ هذه طبيعتي".. كلا. إن طبيعتك هي في الأصل صورة الله ومثاله (تك 1: 26). وكل خطأ أتى بعد ذلك هو عرض زائل، يمكن التخلص منه التخلص منه بالتوبة، وقبول عمل الروح القدس فيك. وكم من قساة تحولوا إلى ودعاء.. كالقديس موسى الأسود الذي تحول من قاتل، إلى راهب وديع طيب القلب جدًا، وصار مرشد لكثيرين، وتخلص قلبه تماما من كل قساوة تجاه الله والناس. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
العنف دليل على قسوة القلب |
الإدانة تعطل مشاعر التوبة |
التوبة الحقيقة هى التوبة الصادرة من القلب و التى تستمر |
أسباب قسوة القلب: |
قسوة القلب |