رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الشعور بالخجل والخزي عندما يصحو الخاطئ إلى نفسه، يدرك بشاعة الخطية التي كان يعيش فيها، فيشعر بخزى من خطاياه، ويخجل من ماضيه . وكلما تمر أمامه صور خطاياه تزعجه وتخزيه كيف أنه فقد صورته الإلهية، وفقد نقاوته..! كيف أنه دنس نفسه أو فكره، أو حواسه أو جسده.. كيف أنه استهان بوصايا الله إلى هذا الحد..! كيف.. كيف...؟! إنه يخجل أولا من الله ذاته ... يخجل من قدسية الله وصلاحه ... إن كانت الخطية بشعة أمام الإنسان، فكم تكون بشاعتها أمام الله القدوس، غير المحدود في قداسته.. ويخجل من طول أناة الله عليه وكيف أن الله الحنون لم يأخذه في سقوطه، إنما صبر عليه وهو يتعدى وصاياه، وأعطاه فرصة لكي يستيقظ ويتوب.. يخجل من محبة الله التي قابلها بالجحود والإستهانة، وفي صلاته يقول لهذا الإله المحب (أنا يا رب مكسوف منك.. خجلان لا أعرف كيف أرفع وجهى إليك.. وكيف أتجرأ و أعود فأخاطبك، كأن شيئا لم يحدث صدقنى يا رب إننى خجلان من محبتك التي تسمح الآن بأن تسمع لى، وتقبلنى مصليا محبتك التي ترضى بأن تصطلح معى، بهذه السهولة...! هذا الخجل المقدس هو صفة لازمة لكل تائب، يعرف تماما أنه وضع نجاساته على كتف المسيح ليحملها عنه، ويخزى من محبة الفادى وهو يقبل هذا... ولعل من أمثلة الشعور بالخجل ، قصة العشار في الهيكل.... يقول عنه السيد المسيح إنه من خجله، لما دخل الهيكل (وقف من بعيد) وهو (لا يشاء أن يرفع عينيه إلى السماء) (لو 18: 13) وإنما في مذلة وفي شعور بالخزى، قرع صدره قائلا: إرحمنى يا رب أنا الخاطئ. نفس الوضع يشبه مشاعر الإبن الضال في يقظته.. لما استيقظ هذا الإبن من غفلته، أو لما (رجع إلى نفسه)، شعر في خزيه أنه لم يصل إلى مستوى أجراء أبيه، وانه لا يستحق أن يكون له إبنا. وكل ما يريده من أبيه هو هذه الطلبة ( إجعلنى كأحد أجرائك) (لو 15: 19). لما استيقظت مريم الخاطئة، قالت لعمها الأنبا إبراهيم: (لا أستطيع يا أبى أن أنظر إلى وجهك من فرط خزيى وعارى. بل كيف أرفع عينى إلى السماء نحو الله، وأنا ملوثة بكل الأوحال الدنسة؟!.. حقا إن الإنسان الذي استيقظت روحه يقول مع المزمور: (اليوم كله خجلى امامى، وخزى وجهى قد غطانى) (مز 44: 15) وإذا وقف أمام الله، لا يجد أمامه سوى عبارة (أنت عرفت عارى وخزيى وخجلى) (مز 69: 19)إنه إنسان خجلان من الله. لا يجرؤ أن يرفع وجهه إليه، ولا يرى نفسه مستحقا الدخول إلى البيت الله. بل يقول له (أما أنا فبكثرة رحمتك ادخل إلى بيتك) (مز 5: 7) إنها رحمة منك، تسمح لي بها أن ادخل إلى بيتك، وليس استحقاقا لي أنا يا رب اشعر بخجل أمامك .. كيف حدث أننى ضعفت إلى ذلك الحد؟! كيف أننى لم أقاوم، بل استسلمت وسقطت؟! كيف لم أضعك أمامى وقتذاك.. كيف استهنت بوصاياك.. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|