20 - 01 - 2014, 06:25 AM
|
|
|
..::| مشرفة |::..
|
|
|
|
|
|
هتف المرتِّل هنا : « ما أكثر عجائبك لنا، وتدابيرك أيُّها الربّ ، يا من لا شبيه له! كيف لي أن أحدِّث بها فهي أعظم من أن تُحصى» (6:40) . ويتواصل هنا كلام سوف يردِّده يسوع في بداية حياته على الأرض . «بذبيحة وتقدمة لا تُسَرّ، ومحرقةَ وذبيحة خطيئة لا تطلب، لكنْ أذنين مفتوحتين وهبتَني، فقلت: "ها أنا آتٍ!" أما كُتب عليَّ في طيِّ الكتاب : أن أعمل ما يرضيك يا إلهي» (آ7-9) .
ما قرأنا هنا هو استعداد المؤمن لكي يكون في خطِّ مشيئة الربّ. فالذبيحة والمحرقة أمرٌ خارجيّ إن لم يرافقه الطلب ، على ما قال مز 51: «أنتَ بذبيحة لا تسرّ، وبمحرقة إذا قدَّمتُها لا ترضى. ذبيحتي لك يا الله روح منكسرة . والقلب المنكسر لا تحتقره يا الله» (آ18-19) . وهذا ما يقوله أيضًا صاحب مز 40 : هو مستعدّ لأن يسمع ما يقوله الربّ . هو مستعدّ أن يتعلَّق بسيِّده مدى الحياة، كما العبد بسيِّده .
طبَّق يسوع على نفسه هذا الكلام ، ونحن نقرأ عاطفته في الرسالة إلى العبرانيِّين (10: 5-10) . يرى الكثيرون أنَّ الله خلَّصنا بكثرة آلامه . هي فكرة ولكنَّها ناقصة . وآخرون: رسالة يسوع كانت مهمَّة . لا بأس في ذلك وهو الربّ والمعلِّم . ولكن ما قيمة طفولة يسوع في هذا الوضع ؟ ما قيمة الحياة الخفيَّة التي عاشها حتّى السنة الثلاثين تقريبًا ؟ لا حاجة إلى الذبائح. لا حاجة إلى المحرقات . فالمسيح خلَّصنا حين عمل مشيئة الآب منذ الطفولة حتّى الصليب والقيامة والصعود . «بفضل تلك الإرادة، تقدَّسنا بجسد يسوع المسيح» (عب 10: 10). وهو الذي قال لتلاميذه : « ما جئت لأعمل مشيئتي، بل مشيئة الآب الذي أرسلني» (يو 5: 30) .
وإذا قرأنا مز 22 الذي هو صلاة عابد الله في الألم والعذاب، الذي تخلَّى عنه الجميع فأحسَّ أنَّ الله ذاته تركه، فهو يعطي الأناجيل أفضل تعبير عن يسوع المتألِّم إلى آخر حدود الألم : «إلهي، إلهي، لماذا تركتني ، وابتعدتَ عن نجدتي وسماع أنيني؟ إلهي، في النهار أدعو فلا تجيب ، وفي الليل فلا تحرِّك ساكنًا» (مز 22: 2-3). قال متّى الرسول : «وعند الساعة الثالثة، صرخ يسوع بصوت عظيم : " إيلي، إيلي، لما شبقتاني؟" أي: "إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟» (مت 27: 46). قدَّم الإنجيل بداية المزمور على أن يتلوه المؤمن كلَّه . وهذا ما فعل يسوع كما كانوا يفعلون في أيَّامه . فهذا المزمور يتواصل بالشكر إلى الله من أجل الخلاص الذي ناله : «لأنَّ الربَّ لا ينبذ المساكين ولا يستهين أبدًا بعنائهم. لا يحجب وجهه عنهم ويسمع إن صرخوا إليه» (آ25) . وهكذا سمع الربُّ لابنه وأقامه من بين الأموات . فهتف مع المرنِّم : « أهلِّل لك في المجامع يا ربّ ، وأوفي بنذوري أمام أتقيائك» (آ26) . والنتيجة : « أنا له وحده أحيا » . فيسوع هو الطريق والحقّ والحياة . ثمَّ : « وذريَّتي أيضًا ستعبد الربَّ والأجيال الآتية ستخبر عنه » (آ31) . وهكذا انطلقت البشارة من عند صليب المسيح ، فشعَّت بالقيامة وتكرَّست بحلول الروح القدس على التلاميذ يوم العنصرة .
تلك هي المزامير. والروح يحرِّك قلوبنا فنصلِّيها كما صلاَّها يسوع، وكما تصلِّيها الكنيسة . ما أجمل أن نكلِّم الربَّ بكلام الربّ ! فكلام الربِّ هو النور والحياة .
الخوري بولس فغالي
|