رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
التوبة المتواضع هو الذي يصل إلى التوبة. أما المتكبر فلا يقدر. المتكبر لا يشعر أن له عيوبًا تحتاج إلى إصلاح. أو أنه واقع في خطايا تحتاج إلى توبة. ذلك لأنه "بار في عيني نفسه". والذي يكشف له ضعفاته وأخطاءه وينصحه بالتوبة، لا يقبل ذلك منه، بل يعتبره عدوًا..! فكيف يتوب هذا المتكبر، وهو لا يعرف عن نفسه خطية يتوب عنها؟! أيضًا المتكبر يظن أنه أكبر من أن يخطئ، فلا يحترس. فيسقط. وبسبب أدعائه القوة، قد يعرض نفسه إلى مواقع الزلل، في غير مبالاة ولا حرص، فيضربه الشيطان في مقتل. وهكذا قال الكتاب عن الخطية إنها "طرحت كثيرين جرحى، وكل قتلاها أقوياء" (ام7: 26). والمقصود بكلمة (أقوياء) هنا: من يظنون في أنفسهم أنهم أقوياء.. وقد ذكر مار اسحق أن العجرفة تسبب السقوط فقال إن "المتعجرف بالفضلة يسقط في الخطية، والمتعجرف بالعلم والمعرفة يسقط في البدعة والهرطقة".. والكتاب يقول "قبل الكسر الكبرياء. وقبل السقوط تشامخ الروح" (أم16: 18). نقطة أخرى وهي أنه: حتى لو اعترف المتكبر بأنه خاطئ، وسعى إلى التوبة، فإنه يعتمد على قوته وإرادته الروحية. يظن أنه قادر على ضبطه لنفسه. ثم يكشف عمليًا أن نفسه ليست بالقدرة التي تستطيع أن تقاوم كل حين العدو، وأنها لا تقدر أن "تطفئ جميع سهام الشرير الملتهبة" (أف6: 16). وعلى الرغم من ذلك يتشبث بإدعاء القدرة والصمود! أما المتواضع فيعترف بأنه خاطئ وأنه ضعيف، وأنه محتاج إلى قوة من فوق تساعده على التوبة. ويردد تلك العبارة العميقة: "توبني يا رب فأتوب" (أر31: 18). المتواضع لا يعتمد على نفسه في التوبة. بل من أعماقه يردد قول المزمور: "انضح علىّ بزوفاك فأطهر. أغسلني فأبيض أكثر من الثلج "قلبًا نقيًا اخلق فيّ يا الله، وروحًا مستقيمًا جدده في أحشائي" (مز51: 7، 10). ويقول كما في صلاة الساعة الثالثة "نقني من دنس الجسد والروح". وحينما ينعم الله عليه بالتوبة، لا ينسب ذلك إلى جهاده الروحي، بل إلى نعمة الله التي أنقذته من الخطية. فيشكر ولا يفتخر. والمتواضع -إذ يشعر بضعفه- يحترس من أبسط الحروب الروحية. يحترس من أقل عثرة، ومن الحروب التي تحارب المبتدئين. ويردد ما قاله القديس الأنبا أنطونيوس -في اتضاعه- للشيطان "أنا أضعف من أن أقاتل أصغركم"! وإذ يتوب المتواضع، لا ينسى خطاياه السابقة وضعفاته، بل ينسحق قلبه بسببها، وتمتلئ عيناه بالدموع. كما حدث مع داود في توبته (مز6). إن هناك علاقة متبادلة بين التوبة وتواضع القلب. التواضع يقود التوبة. والتوبة تقود إلى الاتضاع. إنها تقود التائب إلى القلب المتخشع والمتواضع الذي لا يرذله الله (مز50). ولنأخذ داود كمثال في توبته واتضاعه وانسحاقه ودموعه، حيث يقول للرب في مزاميره "لصقت بالتراب نفسي، فأحيني ككلمتك" (مز119: 25) "ضللت مثل الخروف الضال، فاطلب عبدك" (مز119: 176) "خير لي أنك أذللتني، حتى أتعلم حقوقك" (مز119: 71). ويقول أيضًا "تعبت في تنهدي. أعوّم كل ليلة سريري، وبدموعي أبل فراشي" "ارحمني يا رب فإني ضعيف" (مز6). نقطة أخرى تتعلق بالاتضاع. وهي الاعتراف وكشف الأفكار. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|