رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
انطلق من حب التعليم حب التعليم خطر كبير.. ابتعد عنه يا أخي الحبيب حيثما وجد وأهرب منه علي قدر ما تستطيع.. أنك تريد أن تعلم الناس. ولكن أي شيء تريد أن تعلمهم؟ ألست معي يا أخي العزيز في أننا لم ننضج بعد، ولم نتعلم بعد؟ هناك أشياء نفهمها من وجهة نظر واحدة فنسئ فهمها. وعندما ندفع بأنفسنا لتعليم الناس، لا نعلمهم الدين كما هو وإنما كما نفهمه نحن، وفي سن معينة، ودرجة روحية وعقلية معينة. وقد نكبر في السن والروح والعقل، ونفهم الدين فهما آخر غير فهمنا له اليوم، فماذا يكون من أمر الناس الذين علمناهم قبلًا؟! لذلك ولغيره يقول القديس يعقوب الرسول في رسالته {لا تكونوا معلمين كثيرين يا أخوتي. عالمين أننا نأخذ دينونة أعظم، لأننا في أشياء كثيرة نعثر جميعًا} {يع3: 1، 2}. وهكذا نسمع أرميا يقول لله {لا أعرف أن أتكلم، لأني ولد {أر6:1}. ويقول إشعياء النبي عن نفسه أنه {إنسان نجس الشفتين} {أش5:6}. ونجد القديس باخوميوس يأتون إليه يطلبون كلمة تليق، فلا يتحدث، ولكن يدفع إليهم بتلميذه تادرس فيتحدث روح الله علي لسان هذا التلميذ القديس.. وأحد الآباء وهو شيخ، يأتي إليه أخ ليأخذ تعليما فيقول له {أمكث في قلايتك وهي تعلمك كل شئ} فيرجع الأخ منتفعًا... قصص كثيرة، أقرأها يا أخي بنفسك، وأنظر أي درس يعطيك الله عن طريقها. ولي ملاحظة قبل أن اترك هذه النقطة وهي أن تعاليم كثيرة للآباء القديسين وصلت إلينا عن أحد طريقين: إما أن الأب الشيخ كان في إثناء حديثه مع الأخوة، يتناول راهب ورقة ويدون ما يقوله الشيخ، وإما أن الأب كان يسجل تأملات له لمنفعته، فيجدونها في قلايته بعد نياحته وينتفعون بها. هناك يا أخي الحبيب فرق شاسع جدًا بين التعليم وحب التعليم: التعليم دعا إليه الكتاب المقدس، وعهد به إلي أشخاص معينين، أما حب التعليم ففيه خطر كبير، في أحيان كثيرة يكون إحساس متنكرا.. مع حب التعليم يأتي في كثير من الأحيان إحساس خفي أو ظاهر بالجدارة الشخصية، وبالامتياز عن الآخرين، وكلما يتسع عند الشخص نطاق التعليم كلما يكبر عنده هذا الإحساس، حتى ليدخل إلي الكنيسة أحيانا لا لينتفع، بل لينقد ويقيم من نفسه معلما للمعلمين. أنه لا يأخذ ابدأ، وإنما يعطي باستمرار، ومثل هذا الشخص الذي لا يأخذ يأتي عليه وقت يجف فيه، ولا يعد لديه شيء ليعطيه.. أما الآباء فكانوا علي عكس هذا تمامًا. كانوا يتعلمون باستمرار ويأخذون نفعًا من كل شيء. كان القديس أنطونيوس العظيم يأخذ تعليمًا من امرأة {لا تستحي أن تخلع ثيابها لتستحم، أمام راهب}. والقديس مكاريوس أب برية شهيت كلها يأخذ تعليمًا من صبي صغير. وأرسانيوس الذي درس حكمة اليونان والرومان يتعلم من مصري أمي}. هؤلاء الآباء كانت أرواحهم تطوف كالنحلة النشيطة فتجني من كل زهرة شهدًا! هناك خطورة أخري في حب التعليم، ذكرني بها إنسان غيور شغله التعليم عن نفسه: كان يقرأ الكتاب المقدس لا لينتفع، وإنما ليحضر درسا. ويحسن إلي الفقراء لا لأنه يحبهم وإنما ليكون قدوة للناس. ويحترس في تصرفاته لا لأنه يؤمن بما يفعله، وإنما لكي لا يعثر الآخرين. ويجلس إلي الناس لا ليقتبس من أرواحهم شيئا وإنما ليمتحن حديثهم {كأستاذ} ثم يلقي بحكمة شارحا الأوضاع السليمة. بل قال مرة أنه كان يقف للصلاة فإذا ما افتقده روح الله، وشعر في الصلاة بشيء، أو سبحت تأملاته في شئ! يقطع صلاته ويجلس ليسجل هذه الاختبارات ليعلم بها الناس لقد انقلبت وسائط النعمة عند هذا الإنسان، وأصبح التعليم عنده هو كل شيء. همسة أخري أريد أن أهمِسها في أذنك الحبيبة إلي قلبي وهي {أي شيء ستعلمه للناس؟ أهو الدين؟ هل تظن الدين مجرد معلومات يملأ بها الإنسان عقله؟ أخشي ما أخشاه يا صديقي المجاهد أن طريقة بعض الناس ستحول الدين إلي علم يدرسونه ويمتحنون فيه كسائر العلوم، وما الدين إلا روح وحياة كما تعرف. قال لي {ولكني معلم في الكنيسة فماذا أعمل؟}. قلت له {حية هي روحك يا أخي الحبيب. أنك لا تعلم تلك النفوس وإنما تحبها. وهذه الأرواح التي تراها منطلقة حواليك، لم تطلقها التعاليم وإنما المحبة، المحبة التي {لا تسقط أبدًا} لأنها الله.. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
*قم انطلق من هاهنا* |
انطلق الله معك |
انطلق من ذاتك |
لي اشتهاء ان انطلق |
لى اشتهاء ان انطلق |