رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القديس الأنبا أغاثون
هو أحد آباء البرية في القرن الرابع، عاش متغربًا لا يستقر في موضع، ولا يملك شيئًا قط، استطاع بحكمته الفائقة وتجرده مع محبته ولطفه أن يكون له أثره الفعّال في حياة الكثيرين من الرهبان. تتلمذ وهو حدث على يدي القديس بيمين، فكان الأخير يوقره، حتى إنه إذ كان يتحدث مع بعض المتوحدين وجاء ذكره دعاه "أبا أغاثون" فدهشوا لذلك، ولما سأله الأب يوسف أجاب أن فمه أكسبه هذا اللقب، إذ عُرف بالحكمة. ذهب إلى الإسقيط وعاش زمانًا مع تلميذيه إسكندر وزويل، اللذين صارا بعد نياحته تحت إرشاد القديس أرسانيوس. ترك الإسقيط ربما بعد هجوم البدو الأول وعاش مع تلميذه إبراهيم بجوار النيل بالقرب من طره. تعرف على الآباء القديسين أمون ومقاريوس ويوسف وبطرس في الأيام الأولى من الإسقيط. فيما يلي بعض ملامح حياته: 1. محبته: مع ما اتسم به القديس من حياة نسكية قاسية كان همّه الأول منصبًا على حياته الداخلية، خاصة نقاوة قلبه من جهة علاقته مع الله والناس، يحرص ألا يشوب قلبه شيئًا، لذا قال:
2. اهتمامه بالحياة الداخلية: يقدم لنا الأب أغاثون فهمًا حقيقيًا للحياة الرهبانية بل وللحياة المسيحية، بكونها ليست نضالًا نسكيًا بحتًا، وإنما هي حياة داخلية مقدسة ترتبط بالحياة النسكية بلا انفصال، إذ قيل: [سأل أحدهم أبا أغاثون: أيهما أفضل: النسك الجسدي أم السهر الداخلي؟ فأجابه الشيخ: الإنسان يشبه شجرة، أوراقها النسك الجسدي والثمر هو السهر الداخلي. وإذ كُتب: "كل شجرة لا تأتي بثمر تقطع وتلقى في النار" (مت 3: 10)، فمن الواضح أنه يلزمنا الاهتمام بالثمار أي الاهتمام بالروح، ولكنها تحتاج إلى حماية الأوراق وزينته أي للنسك الجسدي]. 3. تجرده: عاش الأنبا أغاثون متجردًا من كل شيء، لا يملك شيئًا سوى سكينًا يشق بها الخوص أينما وُجد، لذا كان يغير مكانه دون تعب ولا حاجة أن يأخذ معه مؤونة. قيل أنه إذ كان يسير بين الحقول مع تلاميذه وجد أحدهم على الطريق حزمة من الحمص الأخضر (ملانه) فاستأذن أن يأخذها. نظر إليه الأب بتعجب، وقال: "هل أنت الذي وضعتها هنا؟ لماذا إذن تريد أن تأخذ ما لم تضعه في هذا المكان؟" "قدم له واحد من الشعب مالًا، فاعتذر عن قبوله، معلنًا له أن عمل يديه يكفي معيشته، فأصّر الرجل أن يقبل العطية ويقدمها للآخرين، فأجابه القديس: "إنه لأمر مخز أن أقبل ما لا حاجة لي، وأُعرض نفسي للتجربة بالمجد الباطل بإعطائي الآخرين مالًا ليس لي!" 4. حكمته: اتسم القديس أغاثون بالحكمة، فقد جاءه الأب بطرس تلميذ الأب لوط يسأله كلمة منفعة، إذ كان يريد أن يقيم مع الإخوة، فأجابه: "ضع في ذهنك أنك غريب كل أيام حياتك مثل أول يوم تدخل فيه معهم، ولا تكن لك دالة معهم، وتدخل معهم فيما لا يعنيك، فسوف تقضي زمان غربتك في راحة". وإذ كان الأب مقاريوس حاضرًا سأله: "ماذا تصنع هذه الدالة؟" أجاب: "إنها تشبه ريحًا قوية محرقة، أينما حلّت يهرب كل شيء من أمامها، وتفسد ثمار الأشجار". (ستجد المزيد عن هؤلاء القديسين هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام السير والسنكسار والتاريخ). عندئذ قال الأب مقاريوس: "هل لهذه الحرية في الكلام مثل هذا التأثير السيء؟" أجاب: "ليس هناك هوى أشر من اللسان غير المضبوط، إذ هو والد كل الأهواء..." إذ سمع أحد الإخوة عن نعمة التمييز التي اتسم بها، أرادوا أن يجربوه ليروا إن كان يغضب، فقالوا له: "أأنت هو أغاثون الذي نسمع عنك أنك متعظم؟" فقال: "نعم الأمر هو كذلك كما تقولون"، قالوا له: "أأنت أغاثون المهذار المحتال؟" قال لهم: "نعم أنا هو". قالوا له: "أأنت أغاثون الهرطوقي". أجاب: حاشا وكلا، إني لست مهرطقًا". ولما سُئل لماذا احتمل كل الإهانات ما عدا الاتهام بالهرطقة، أجاب: إنني أرى كل التهم الأولى في نفسي، وقبولها يعود عليّ بالنفع، أما أن يكون الإنسان هرطوقيًا، فهذا يعني أنه قد انفصل عن الله، وأنا لا أريد أن أنفصل عنه". فلما سمعوا هذا تعجبوا من هذه النعمة. هذا وقد قيل عنه أنه في بدء حياته الرهبانية كان يضع في فمه حجرًا صغيرًا ليتدرب على السكون، وذلك لمدة ثلاث سنوات. لكن ما هو أعظم أنه لم يكن صامتًا بلسانه فحسب، وإنما بقلبه لا يسمح لنفسه أن يدين أحدًا، يعرف أن يبني نفسه كما غيره بصمته كما بكلماته. بقى حريصًا على خلاص نفسه إلى النفس الأخير، ففي رقاده الأخير سأله الإخوة ماذا ينظر فقال لهم إنه ينظر دينونة الله... ولما ألحوا عليه أن يتكلم قال: "اصنعوا محبة ولا تتكلموا الآن لأني مشغول"، ثم رقد بفرح، وكانوا يرونه يرحل عنهم كمن يودع أصدقاء أحباء له. من كلماته:
لا يمكنك أن تحيا حياة مرضية أمام الله ما دمت محبًا للذات.
|
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
سيرة القديس الأنبا أغاثون |
من كلمات القديس الأنبا أغاثون |
القديس الأنبا أغاثون وحكمته |
القديس الأنبا أغاثون ومحبته |
نبذة عن القديس الأنبا أغاثون |