منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 13 - 05 - 2012, 02:37 PM
الصورة الرمزية tito227
 
tito227 Male
..::| VIP |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  tito227 غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 17
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 2,845

من رسالة السيد المسيح‏:‏ المصالحة
بقلم‏:‏ البابا شنودة الثالث


من رسالة السيد المسيح‏:‏ المصالحة

البابا شنودة الثالث
أهنئكم يا أخوتي وأبنائي بعيد الميلاد المجيد وببدء عام جديد‏,‏ راجيا لكم ولبلادنا العزيزة كل خير‏,‏ ومصليا من أجل تلك الأرض المقدسة التي ولد فيها السيد المسيح‏,‏ وباركها وقدسها‏,‏ بتعاليمه ومعجزاته متنقلا فيها من مكان إلي آخر‏.‏ ومات فيها وقام‏.‏


كان ينشر الحب والسلام‏,‏ ومن تفاصيل ذلك‏:‏ المصالحة التي ما أشد حاجة العالم اليها الآن‏,‏ وبخاصة بين الشعوب التي تتقاتل بكل عنف‏,‏ وتتصارع‏,‏ وتسقط الضحايا يوميا في ساحة قتالها‏.‏

اهتم السيد المسيح في عظته علي الجبل بمبدأ المصالحة‏,‏ فقال‏:‏ إن قدمت قربانك علي المذبح‏,‏ وهناك تذكرت أن لأخيك شيئا عليك‏,‏ فاترك هناك قربانك قدام المذبح‏.‏ وأذهب أولا اصطلح مع أخيك‏.‏ وحينئذ تعال وقدم قربانك‏(‏ متي‏5:22‏ ـ‏24).‏
وهكذا أظهر أن المصالحة شرط يسبق قبول الله للقرابين‏.‏ ولذلك فإننا في مقدمة صلاة القداس الإلهي‏,‏ نصلي أولا صلاة الصلح التي نقول فيها‏:‏ اجعلنا مستحقين كلنا يا سيدنا أن نقبل بعضنا بعضا بقبلة مقدسة‏,‏ لكي ننال بغير وقوع في دينونة من موهبتك غير المأننة السمائية‏.‏

علي أن المصالحة في معناها الكتابي تشمل أنواعا ثلاثة‏:‏ مصالحة مع الله‏,‏ مصالحة بين الناس‏,‏ مصالحة الانسان مع نفسه‏.‏
وقد جاء السيد المسيح‏,‏ يعمل صلحا بين الله والناس‏..‏ وكما نقول له في صلاة القداس الغريغوري‏:‏ صالحت السمائيين مع الأرضين‏..‏

لاشك أن الخطيئة تصنع خصومة ما بين الانسان والله‏.‏ ففي الخطيئة يخالف الانسان وصايا الله‏,‏ ويعصاه‏,‏ ويبعد عن طريقه وعن مشيئته‏,‏ ويسلك حسب هواه‏.‏ ويحتاج إلي من يصالحه مع الله‏.‏
وجاء المسيح ليقيم البشرية سقطتها‏,‏ ويعيد علاقتها بالله‏,‏ ويجعل المحبة هي الرابطة التي تربط البشر بخالقهم‏.‏ وهكذا قال في مناجاته للآب عرفتهم اسمك‏,‏ وسأعرفهم‏,‏ ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به‏,‏ وأكون أنا فيهم‏(‏ يو‏17:26).‏
وجعل مهمة المصالحة هي عمل رسله أيضا

وهكذا قال تلميذه القديس بولس الرسول‏..‏ وأعطانا خدمة المصالحة‏..‏ نطلب من المسيح‏:‏ تصالحوا مع الله‏..(2‏ كو‏5:20,19)‏
ولا نستطيع أن نصطلح مع الله إلا بالإيمان والتوبة‏.‏

لقد كان العالم القديم ـ قبل مجيء المسيح ـ في خصومة مع الله‏,‏ في جهلهم لله‏,‏ وفي عصيانهم له‏.‏ لذلك مرت فترة طويلة قبل الميلاد‏,‏ لا صلة فيها بين السماء والأرض‏:‏ لا أنبياء‏,‏ ولا ظهور لملائكة‏,‏ ولا عمل للروح القدس في الناس‏.‏
وفي قصة ميلاد المسيح‏,‏ عادت المصالحة بين السماء والأرض‏.‏

عاد ظهور الملائكة‏,‏ كرسل من الله إلي الناس‏:‏ ملاك بشر القديسة العذراء بميلاد المسيح‏,‏ وملاك بشر القديسة اليصابات بميلاد يوحنا المعمدان‏,‏ وملاك بشر الرعاة بقوله‏:‏ ها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب أنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب‏(‏ لو‏2:10).‏ وظهرت مجموعة من الملائكة تنشد المجد لله في الأعالي‏,‏ وعلي الأرض السلام‏,‏ وفي الناس المسرة‏(‏ لو‏2:14).‏ وفيما بعد ملاك آخر أمر يوسف النجار بأن يذهب هو والعائلة المقدسة إلي مصر‏(‏ متي‏2:13).‏ كانت هذه الظهورات المقدسة كلها‏,‏ تباشير صلح بين السماء والأرض‏.‏
أما الصلح ذاته‏,‏ فأقامه السيد المسيح‏..‏

ليس فقط صلحا بين الله والناس‏,‏ وإنما أقام أيضا صلحا بين اليهود والأمم‏,‏ وبين اليهود والسامريين‏,‏ وجعل باب الايمان مفتوحا للجميع‏,‏ وقبل اليه ايمان السامريين‏(‏ يو‏4:41),‏ وذكر مثل السامري الصالح الذي عمل خيرا مع يهودي جريح‏(‏ لو‏10:32).‏
وهكذا أقام السيد المسيح صلحا بين البشر وبعضهم البعض ورفع شأن الاميين المحتقرين من اليهود‏,‏ وقال عن قائد المائة الأممي الحق أقول لكم‏:‏ لم أجد ولا في إسرائيل إيمانا بمقدار هذا‏(‏ متي‏8:10).‏ وقال عن انتشار الايمان بين جميع الشعوب إن كثيرين سيأتون من المشارق والمغارب‏,‏ ويتكئون مع إبراهيم واسحق ويعقوب في ملكوت السموات‏(‏ متي‏8:11).‏ وقال لتلاميذه لكنكم ستنالون قوة متي حل الروح القدس عليكم‏.‏ وحينئذ تكونون لي شهودا في أورشليم وكل اليهودية‏,‏ وفي السامرة وإلي أقصي الأرض‏.(‏ أع‏1:8).‏ وقال لهم أيضا اكرزوا بالانجيل للخليقة كلها‏(‏ مر‏16:15).‏ وهكذا جعل العالم كله واحدا‏.‏ وفتح صدره لكل الأمم والشعوب‏.‏

وفي هذا قال الكتاب أيضا‏,‏ في الوحدانية والمحبة والصلح‏:‏ محتملين بعضكم بعضا بالمحبة‏,‏ مسرعين إلي حفظ وحدانية الروح برباط الصلح الكامل‏(‏ أف‏4:3,2).‏ وهذا ما نتلوه باستمرار في صلواتنا اليومية‏,‏ في مقدمة صلاة باكر‏.‏
هذه هي المصالحة بين الناس افرادا وشعوبا‏,‏ كما يدعو اليها السيد المسيح وتلاميذه الأطهار‏,‏ وهي ما نريده لكل شعوب العالم‏.‏

ولكن المصالحة بين الناس ينبغي أن تقوم علي أساس من الحق والعدل‏,‏ وليست بإرغام فريق علي الخضوع والاستسلام لفريق آخر‏!‏
ولا تكون مصالحة‏,‏ إذا قامت عن طريق استبداد قوي بمن هو أضعف منه‏,‏ لكي يسلم له بشروطه حتي يعيش الطرفان في سلام‏.‏ مثل هذا السلام هو سلام ظاهري‏,‏ وليس سلاما قلبيا‏.‏ وهو مصالحة مفروضة‏,‏ وليست مصالحة طبيعية مقبولة عن رضا‏.‏

إن المصالحة المسيحية تأتي عن طريق عكسي‏,‏ بأن يقدر القوي شعور الضعيف ويراضيه متنازلا له‏,‏ لكي يكسب محبته‏.‏
وفي هذا يقول الكتاب يجب علينا نحن الأقوياء أن نحتمل ضعفات الضعفاء‏,‏ ولا نرضي أنفسنا‏.‏ فليرض كل واحد منا قريبه للخير‏,‏ لأجل البنيان‏(‏ رو‏15:2,1).‏

بمثل هذه المصالحة‏,‏ يحفظ السلام‏.‏ ليس بين الشعوب فقط‏,‏ بل أيضا بين العائلات وبين الأفراد‏.‏ وتزول الخصومات‏.‏
ويقول المثل‏:‏ إذا تصالح الخصمان‏,‏ استراح القاضي‏.‏

فإن اصطلح الزوجان‏,‏ لا يرفع الأمر إلي محاكم الأحوال الشخصية‏.‏ وكذلك إذا اصطلح الخصوم بوجه عام‏,‏ لا يوجد مجال للعدالة‏,‏ ولا مجال للاعتداءات‏,‏ ولا للجرائم‏,‏ ويعيش الكل في سلام‏.‏
ولكن تقف الذات‏,‏ الـ‏EGO‏ في طريق المصالحة‏.‏

طالما يصر كل طرف أنه علي حق‏,‏ وغيره علي باطل‏,‏ ويبرر كل انسان ذاته‏,‏ ويدين غيره ويتهمه‏.‏ ويفرض كل واحد شروطه للصلح‏,‏ وإلا فلا رجوع للعلاقة‏!‏ ولا يهتم كل منهما بمشاعر غيره‏,‏ إنما يركز علي حقوقه هو‏,‏ ومشاعره وكرامته‏.‏ إن التعليم المسيحي يقول وادين بعضكم بعضا بالمحبة الأخوية‏,‏ مقدمين بعضكم بعضا في الكرامة‏..‏ لا تجازوا أحدا عن شر بشر‏..‏ إن كان ممكنا‏,‏ فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس‏.‏ لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء‏..‏ فإن جاع عدوك فاطعمه‏,‏ وإن عطش فاسقه‏(‏ رو‏12).‏
إذن أهم طريق للمصالحة مع الآخرين‏,‏ هو انكار الذات وهنا نصل إلي النقطة الثالثة في المصالحة‏,‏ أقصد مع النفس‏.‏ وكما قال أحد الآباء‏:‏ اصطلح مع نفسك‏,‏ تصطلح معك السماء والأرض‏.‏

الانسان الروحي يهتم أولا بالتصالح مع نفسه‏.‏ وهذا الأمر يتفرع إلي نقاط عدة‏.‏ منها المصالحة بين جسده وروحه‏.‏ كما يقول القديس بولس الرسول الجسد يشتهي ضد الروح‏,‏ والروح ضد الجسد‏,‏ وهذا يقاوم أحدهما الآخر‏(‏ غل‏5:17).‏
فإن سار الاثنان في طريق واحد‏,‏ وفي مشيئة واحدة‏,‏ هي مشيئة الروح‏,‏ حينئذ لا يوجد انقسام داخل نفس الانسان‏,‏ ويصير واحدا‏.‏ فيه الجسد يخضع للروح‏,‏ وروحه الانسانية تخضع لروح الله‏.‏ وهكذا لا يكون أبدا في خصومة مع الله ولا مع الناس‏.‏

ونقصد بالجسد كل الأمور الجسدية‏,‏ أي الأمور المادية‏.‏ إذ ترتفع الروح علي المستوي المادي‏,‏ ولا تدخل في صراع معه‏.‏
وكما لا يكون في الانسان صراع بين الروح والمادة‏,‏ لا يكون في داخله أيضا صراع بين العقل والشهوة‏,‏ ولا بين المثالية والواقع‏.‏ لا يكون فيه صراع بين الضمير والهوي‏,‏ وبين ما يفعله وما ينبغي له أن يفعل‏.‏ فإن زال هذا الصراع‏,‏ يصل الانسان إلي الاستقرار النفسي‏.‏ ولا يكون في حالة من قال كنت أصارع نفسي وأجاهد‏,‏ حتي كأنني اثنان في واحد‏.‏ هذا يدفعني‏,‏ وذاك يمنعني‏.‏
أو كما قال ايليا ابوماضي في قصيدته‏(‏ الطلاسم‏):‏
إنني ألمح في نفسي صراعا وعراكا
وأري نفسي شيطانا وأحيان ملاكا
هلي أنا اثنان‏:‏ يأبي هذا مع ذاك اشتراكا
أم تراني واهما فيما أراه؟ لست أدري

نعم نحن نريد لكل واحد المصالحة مع نفسه‏,‏ حتي يصير واحدا لا اثنين‏,‏ وحتي يصل إلي الاستقرار النفسي‏,‏ علي شرط أن يستقر علي الحق ـ بلا صراع داخلي ـ وليس علي الباطل‏.‏
هذا ما يريده السيد المسيح وما يعلمه في المصالحة داخل النفس‏.‏ ليتنا إذن نعيش في سلام دائم‏,‏ بغير صراع‏:‏ في سلام مع النفس‏,‏ ومع الناس‏,‏ ومع الله‏.‏ بهذا الصلح الدائم الشامل مع الكل‏.‏ وفي هذه المناسبة‏,‏ نصلي من أجل السلام في الأراضي المقدسة بين اليهود والفلسطينيين‏,‏ والسلام بين الهند وباكستان‏,‏ والسلام بين الشرق والغرب‏,‏ وبين البيض والسود‏.‏ ونرجو أن يكون هذا العام مباركا‏,‏ لا تستمر فيه صراعات الماضي واشتباكاته‏,‏ عاما يسوده الصلح والسلام‏,‏ ويسوده الاستقرار علي الخير‏,‏ ووحدة الروح والفكر‏.‏ كما نصلي من أجل مصر المحبوبة أن يمنحها الله الرخاء‏,‏ وأن يوفق الرئيس مبارك في كل رحلاته واتصالاته‏,‏ من أجل خير بلادنا وكل الشرق الأوسط‏,‏ وأن يوفق الله كل العاملين في بناء بلدهم وخيره‏,‏ وكل عام وانتم جميعكم في فرح وسلام‏.‏
رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
رسالة المصالحة أما ربنا يسوع المسيح فقد أتي ليوحد الجميع
رسالة المصالحة
المسيح‏ ‏الشافي‏...‏والقلب‏ ‏الجافي‏
تعليقا على المصالحة الوطنية..سياسيون: فلنغلق باب المصالحة في وجه الأيادي الملوثة بدماء مصرية
المسيح‏ ‏الشافي‏


الساعة الآن 08:29 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024