منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 05 - 11 - 2013, 03:29 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,307

التأله والمتألهون

موضوع التأله والبشر المتألهين الذين يختبرون التأله هو موضوع لاهوتي جوهري يرتبط بخلاص الإنسان. سوف أتناول في هذا الفصل مصطلح "المتأله"، وسوف أحلل بتدقيق ماهية التأله وكيف يمكن للمرء أن يصل لدرجة الشركة مع الله والاتحاد به.


1- المتألهون

يستخدم الآباء مصطلح "المتألهين" ليصفوا القديسين، أي أولئك الذين يشتركون في التآله، أو بتعبير أفضل، الذين يختبرون حالة التأله المباركة.

إنني لم أتقصَ أياً من الآباء استعمل هذا المصطلح أولاً. إلا أنه ينبغي عليّ التأكيد علي ان العديد من الآباء استعملوه.

إننا نجد كلمة "متأله" في كتابات القديس ديونيسويس الأريوباغي. إنه إذ يتكلم عن الرتب وحقيقة كونها تساهم في خلاص الإنسان، يقول أن الخلاص "لا يحدث إلا من خلال تأله الحاصل علي الخلاص".

إنه يضيف قائلاً أن الله هو مصدر التأله ويكتب: "دعونا نقول أن الألوهية المباركة، التي هي في ذاتها، هي مصدر كل تأله. إنه من منطلق كرمه الإلهي منح الرتب كعطية ليضمن خلاص وتأله كل كيان عاقل نوسي".

يتكلم القديس ديونيسيوس في كتاب "الأسماء الإلهية" عن الأسماء الإلهية وقوة الله غير المخلوقة علي وجه الخصوص ويقول: "إنه علة كل شيء، وهو مصدر وجوهر وحياة". لأولئك الذين استناروا، ومصدر الكمال للذين صاروا كاملين، ومصدر الألوهية لأولئك الذين تألهوا، ومبدأ البساطة لأولئك الذين تحولوا إلي البساطة....".

لقد أثرت مصطلحات القديس ديونيسيوس الأيوباغي علي العديد من الآباء القديسين، وخصوصاً القديس مكسيموس المعترف، والقديس يوحنا الدمشقي، والقديس غريغوريوس بالاماس. سوف أستشهد بأولئك القديسين في هذا الفصل فيما بعد.

يشير القديس اكليمنضس السكندري إلي المصطلح في كتابه "المنوعات" (Στρωματα، miscellanies) قائلاً" :الرجل المتأله في اللاهوت دون أن يعاني من النجاسة يصبح متميزاً".

يستخدم القديس غريغوريوس الاهوتي أيضاً هذا المصطلح. إنه يكتب في رسالة للدقيس باسيليوس الكبير مشيراً إلي بقائهم في بنطس قائلاً: "يا لروعة تلك التسابيح والسهرات والإقامة مع الله في صلاة، وتلك الحياة غير المادية عديمة الجسد! يا لروعة النفس الواحدة التي للإخوة ووحدتهم، أولئك الذين تالهوا وتمجدوا بواسطتك!". إنها مهمة كل راعي أن يساعد رعيته علي التأله. يكتب القديس غريغوريوس اللاهوتي في اثنين من عظاته أن الإنسان هو كائن حي موجود هنا لبرهة ثم ينتقل لمكان آخر؛ ولكي يكمل السر يتأله بخضوعه لله. بكلمات أخري، يكون الإنسان منقاداً إلي التأله. هذا هو الغرض من خلقه.

إذ يتكلم القديس كيرلس السكندري عن الروح القدس يكتب قائلاً: "إننا بالمثل نؤمن بالروح القدس، الرب ومانح الحياة... الذي يسود علي كل الخليقة، ولا يسود عليه أحد؛ المانح التأله ولا يمنحه أح إياه...". يمنح الروح القدس التاله ولا يمنحه أحد إياه، علي حين إن الإنسان يتأله لكونه كياناً مخلوقاً.

يقتبس القديس يوحنا الدمشقي في كتابه "المئة مقالة في الإيمان الأرثوذكسي" مصطلح "التأله" من القديس ديونيسيوس الأريوباغي، مما يعني أنه هو أيضاً يقبله: "نور أولئك الذين استناروا، ومصدر الكمال للذين صاروا كاملين، مصدر الألوهية لأولئك الذين تألهوا".

يستشهد أيضاً القديس يوحنا الدمشقي بكلمات القديس غريغوريوس اللاهوتي التي أشرنا إليه فيما سبق: "ولكي يكمل السر يتأله بخضوعه لله، ويصبح متألهاً بالاشتراك في النور الإلهي وليس بالتحول إلي الجوهر الإلهي".

يذكر القديس غريغوريوس بالاماس أيضاً مصطلح "المتألهين". في كتابه "في الدفاع عن الهدوئيين المقدسين" الذي يقاوم فيه برلعام يكتب قائلاً: "لو أن التأله لا يؤدي إلي أكثر من طبيعة عاقلة طبيعية، دون أن يسمو بأولئك المصنوعين علي صورة الله فوق هذه الحالة؛ لو كان هو مجرد حالة من الطبيعة العاقلة لكونه ينشط بمجرد قوة طبيعية، لما تجاوز القديسون المؤلَهون الطبيعة، ولما كانوا "مولودين من الله"، ولما صاروا "روحاً...". إنه يستخدم أيضاً نفس المصطلح في إحدى عظاته. إنه إذ يشير إلي جهاد القديسين النساك يكتب قائلاً: فلننظر لصبر القديسين، وكيف احتملوا بإرادتهم الصوم لأيام، والسهر وكل أنواع المشقات الجسدية كما لو لم يكن لديهم أجساد... وكيف كانوا فانين وعديمي النفع من جهة الإنسان الخارجي، ولكن كان إنسانهم الداخلي متجدداً ومتألهاً، بحيث أنهم منحوا مواهب الشفاء والقوة علي صنع المعجزات".

لقد ذكرت فيما سبق أن القديس مكسيموس المعترف، المعلق علي أعمال القديس ديونيسيوس، يكتب مراراً عن التأله والمتألهين. سوف نستشهد بنصوص من القديس مكسيموس في أجزاء تالية من هذا الفصل.

إننا نجد مصطلح "المتأله" علي مدار التقليد الأرثوذكسي. يتأله القديسون لأنهم يحصلون علي نعمة الله الثالوث. يشير القديس سمعان التسالونيكى علي خدمة الاستعداد لنعمة الإفخارستيا، خصوصاً إلي صينية القربان المقدس حيث توضع أجزاء المسيح ووالدة الله والقديسين، ويكتب قائلاً: "الله وسط الآلهة المتألهين بواسطته، الذي هو الله بالطبيعة".

من الواضح أنه يُشار في لغة الآباء للقديسين الذين يشتركون في نعمة الثالوث القدوس علي أنهم "متألهون". توجد العديد من الدرجات في التأله، كما سوف نري في الجزء الثاني من هذا الفصل، لأنه لا نهاية للكمال. ينمو البشر باستمرار في التأله والتقدس.

إنه أمر واضح أن مصطلح "التأله" لم يقم باختراعه اللاهوتيون المعاصرون ولكنه تعبير آبائي. نستطيع نحن أيضاً أن نطبقه علي القديسين الذين يجاهدون لكي يختبروا التأله بحسب النعمة.

سوف يُعرَّف الجزء التالي المقصود بالضبط من التأله، وكيف يختبره الإنسان، وما هي مراحله المختلفة، وما هو المطلوب للوصول إليه.
رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
التأله
كن إنساناً أولاً قبل طلب التأله
التأله _ أنتوني كونياريس
الجسد بين التأله والبغضة
متى يبدأ التأله ؟


الساعة الآن 01:58 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024