الأسم سنبلط يعنى « سن معطى الحياة » وسن هذا كان إله القمر الذى يتعبدون له،... وفى مخطوطات البردى التى وجدت فى معبد الفيلة بمصر ، ذكر اسم سنبلط كحاكم السامرة فى وقت داريوس الثانى حوالى عام 407 ق.م. ، وكان له ولدان يحملان أسماء عبرانية اسم أحدهما دلايا ، والاسم الآخر شلمايا ، .. وهو على أية حال وقف مع طوبيا العبد العمونى ، وجشم العربى وقفة العداء المستحكم من نحميا وأورشليم ، وبدأت بين الفريقين حرب حياة أو موت ، والسر فى هذا كله ، اعتقاد سنبلط الجازم بأن قوة أورشليم ضعف للسامرة ، وأن حياتها فناء لبلده ، أو على أقل تقدير ، على حساب السامرة ومجدها وجلالها وعظمتها !! ... وفى الحقيقة أن سر العداء والحزبية البغيضة والقاتلة بين الناس ، هو فيما يطلق عليه « المزاحمة » ، إذ أن الأرض ، مهما اتسعت ، لا تتسع فى تصور المتزاحمين لاثنين يجمعهما مكان واحد، أو مكانان متقاربان أو مجالان فيهما شبهة التزاحم أو التضارب أو التنافس ،... وقد ضاقت الأرض كلها أمام أول أخوين ، إذ لم يستطع قايين أن يرفع وجهه أو يأخذ مكانه ، طالما كان هناك هابيل أخوه على وجه الأرض ، وطالما حظى بالرضا الإلهى، والسمو الذى يجعله متقدماً عنه ، وهو الأصغر . وربما الأضأل حجماً وشكلا!!... ولم تتسع الأرض كلها أمام لامك ، ومن تعدى عليه ، والمظنون أنه كان بسبب أمور نسائية : « اسمعا قولى يا أمرأتى لامك ، وأصغيا لكلامى . فإنى قتلت رجلا لجرحى ، وفتى لشدخى »" تك 4 : 23 " ... وكيف تحتمل الأرض المتصارعين على امرأة والمتقاتلين فى سبيلها ، وقد نشبت حرب تروادة من أجل هيلين اليونانية الجميلة والصراع عليها !! ؟ ... فإذا تحولنا إلى إبراهيم ولوط ، أو إلى إسحاق وإسماعيل ، أو إلى يعقوب وعيسو ، لوجدنا أن المزاحمة القاسية لم تمكنهم من البقاء فى وحدة واحدة أو جيرة متقاربة ، .... كان داود ولداً محبوباً جداً من شاول ، إلى أن تغنت بنات إسرائيل : « ضرب شاول ألوفه وداوود ربواته » " 1 صم 18 : 7 " وإذا به يقول ليوناثان ابنه : « لأنه مادام بن يسى حياً على الأرض لا تثبت أنت ولا مملكتك . والآن أرسل وأت به إلىّ لأنه ابن الموت هو » .. " 1صم 20 : 31 " .
إن التاريخ حافل بصراع البيوت المختلفة على القوة والجاه والنفوذ والسيطرة فهى تتصاهر أو تتقاتل ، وهى تحب أو تحقد ، وهى تتعاهد أو تتآمر بدافع المزاحمة للوصول إلى المكان الأسمى والأفضل !!
والدولة فى كافة الصور والألوان تتصارع صراعها الخفى أو المنظور ، من أجل مصالحها المتعارضة المتضاربة ، وهى تعقد المعاهدات أو تثير الحروب تبعاً لهذه المزاحمة العنيفة القاسية ، ... والعداوة والصداقة بينها تدور وجوداً وعدماً تبعاً لمصالحها المختلفة المتضاربة المتشابكة !! .. والنظم الاجتماعية و الاقتصادية تلعب دورها الرهيب فى هذا المجال !! .. فالصراع بين العبد والحر ، وبين الأسود والأبيض، وبين الفقير والغنى ، والشيوعى والرأسمالى جعلت الإنسان بلا عقل ، وحولته وحشاً ضارياً يبطش بأخيه الإنسان دون وازع أو زاجر من ضمير أو إنسانية،... فإذا انتهينا إلى ما هو أرهب وأقسى ونعنى به صراع الأديان منذ فجر التاريخ ، وصراع المذاهب المختلفة فى الدين الواحد ، ... لتعجبنا للمذابح والمجازر التى جرت فيها الدماء أنهاراً باسم الدين ، الذى تحول اسمه الجميل إلى أبشع ما عرف الإنسان من حقد وكراهية وطغيان وانتقام !! ... ومن الموسف أو المؤلم أنه باسم المسيح ، حدثت المعارك المذهبية ، ومذبحة سان بارثولميو ، وغيرها من صور المعارك المتكررة فى أحشاء التاريخ ، ومن الموسف أو المؤلم أن يتقدم زنجى أمريكى إلى راعى كنيسة من كنائس البيض يطلب أن ينضم إلى عضوية الكنيسة ، وقد ارتبك الراعى لطلب هذا الزنجى ، وتحير كثيراً ، إذ كيف يستطيع أن يرفض طلبه ، وهو شخص مشهود له بالحياة المسيحية التى تجيز له القبول فى عضوية الكنيسة ، وكيف يقبله ،الكنيسة لا تقبل إلا البيض فى عضويتها ، وإذ لم يكن له من جواب ينقذه من حرج الموقف قال للزنجى : دعنا نصلى ونتقابل فيما بعد لنرى ماذا يقول المسيح لنا !!؟ وقد كان هذا الجواب كافياً لأن يفهم منه الزنجى أن طلبه مرفوض ، فخرج متألماً ولم يعد لمقابلة الراعى … غير أنه حدث أن تقابل الاثنان صدفة فى الشارع بعد ذلك بمدة ، فقال الراعى ، وقد أراد أن يغطى موقفه الأول ، لم لم تحضر إلى مرة أخرى … ألم نتفق على المقابلة ثانية !! ؟ فأجابه الزنجى : لقد صليت وأخذت الجواب !! ... وإذ سأله الراعى ماذا قال له المسيح أجاب : لقد قال لى لا تحزن ، فأنا نفسى واقف على باب هذه الكنيسة منذ عشرة أعوام دون أن يسمح لى أحد بالدخول فيها !! وقد يكون هذا الجواب لاذعاً ، .. لكنه فى واقع الأمر الصورة الدقيقة لما يحــــدث فى عالمنا الحاضر، باسم الدين ، وتحــــت مظلته !! ..