رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
راحاب وحياتها المقدسة ومن المناسب أن نلاحظ ههنا أن راحاب سلكت الخط العكسي تمامًا لما كانت عليه من حياة فاسدة فاسقة شريرة، إذ عادت تقطع جميع الربط التي كانت تربطها بالماضي البشع القديم، وقد بدأت أول الأمر بقطع الصلة التامة بديانتها الوثنية، فلم تعد هذه الديانة وممارستها وطقوسها وفرائضها وشعبها بذات صلة لها، ومع أننا لا نستطيع أن نقبل أو نقر، من وجهة النظر المسيحية، ما ذكرته من أقوال، أو لجأت إليه من وسائل تمويهية كاذبة، في سبيل حماية الرجلين الغريبين اللذين لجآ إليها ودخلا بيتها، إلا أننا لا ينبغي أن نغفل أو ننسى أن الحكم عليها بالمقاييس المسيحية الكاملة، أشبه بمن يحكم على الأطفال بما ينتظر من الرجال، أو الصغار بما يرضي من الكبار، أو الناشئين بما هو مطلوب من الأقوياء المتمرسين الناضجين!! ولعل هذا يشجع كما يقول الكسندر هوايت على الترفق بمن يأتي إلى المسيحية من غير المؤمنين وهم في مطلع معرفتهم وحداثة إيمانهم، حتى لا نقصف من بينهم من هو أدنى إلى القصبة المهتزة المرضوضة أو نطفيء فيهم من هو أقرب إلى الفتيلة المدخنة المرتعشة، بل بالحري نتعامل معهم على أكبر قدر من الحب والحنان والصبر والأناة لنقوم فيهم ما يمكن أن يكون لهم من أيد مسترخية أو ركب مخلعة، لكي لا يعتسف الأعرج، بل بالحري يشفى، ولا شبهة في أن هذا ما حدث بالتمام، مع راحاب الزانية، التي تغيرت حياتها وسيرتها، على نحو واضح أكيد ملحوظ، فلم تأخذ مكانها بين شعب الله فحسب، بل تزوجها سلمون لينجب منها بوعز، والسلسلة العظيمة التي جاءت فيما بعد من داود وأنساله المتعددين حتى مريم العذراء والمسيح سيدنا مخلص العالم، وهكذا نرى كيف فتح زوجها الباب أمام التائبة لتأخذ مكانتها العظيمة بين المكرمين والشرفاء، على أمجد الوجوه من المساواة، بدون عودة إلى تاريخ ذهب وانتهى أو ماض بغيض قبيح هيهات أن يرجع أو يعود...! ولا أحسب أن هناك كلمات يمكن أن ننهي بها قصتها أفضل من كلمات الملك آرثر التي نطق بها وهو يتحدث إلى زوجته التائبة على أبواب الدير التي لجأت إليه وختمها بالقول من قصيدة تينسون : والكل قد مضى... والخطية قد انتهت.... وأنا أنا!! أغفر لك.... نعم أغفر... كما غفر لنا... الله السرمدي!!. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مريم فى غربتها وحياتها فى الناصرة |
القديسة ريتا وحياتها الدينية |
الشهيدة أبوللونيا وحياتها التقوية |
يونا وحياتها الخطرة |
التأمل فى فضائل مريم وحياتها |