رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
خادم الملك وإيمانه جاء الرجل مسرعًا من كفر ناحوم إلى قانا الجليل، وكان المسيح قد اجتاز في السامرة، ولا شك أنه وجد فرقًا شاسعًا بين السامريين والجليليين، فالسامريون لم يطلبوا منه آية، ومع ذلك آمنوا، عندما رأوا شخصه وسمعواتعاليمه، أما الجليلون، ومن البديهي أنهم كانوا يهودًا، وأقرب إليه، لكنهم مع ذلك حق فيهم القول الذي قاله السيد لخادم الملك : «لا تؤمنون إن لم تروا آيات وعجائب» (يو 4 : 48). ومن الملاحظ أن الكلمة «عجائب» لم ترد في الأصل اليوناني لإنجيل يوحنا إلا في هذا المكان.. والمسيح لو أنه صانع العجائب والمعجزات، لكنه يهتم أساسًا بألا تكون العلاقة التي تربطة بالناس مصدرها العجائب والخوارق، إن الكثيرين في الحياة أشبه بهيرودس الملك الذي: «لما رأى يسوع فرح جدًا لأنه كان يريد من زمان طويل أن يراه لسماعه عنه أشياء كثيرة وترجى أن يرى آية تصنع منه وسأله بكلام كثير فلم يجبه بشيء» (لو 23 : 8 و 9).. إن الآيات في حقيقتها لم تكن إلا برهانًا على شخص المسيح وحبه وإحسانه وجوده وطبيعته، والمسيح يرفض كل الرفض أن تكون ملهاة أو تسلية أو نوعًا من الإثارة، لا تتجه بصاحبها إلى عمق الشركة مع الله، وهو يفضل دون أدنى شك أن تكون حافزًا أو موجهًا للحياة نحو شخصه الكريم المبارك، فإذا ما أدت عملها، لم يعد الإنسان يفكر فيها، بقدر ما يفكر في صانعها ومبدعها، ومن واجبه أن يتحول عنها إلى تعاليم المسيح، ثم يصعد - من هذه التعاليم - إلى الحياة التي تربطه بالسيد، وقد يعطي هذا تفسيرًا لماذا كان يرفض المسيح إذاعة أو إشاعة المعجزات أو العجائب، إذا كانت هذه الإذاعة تثير المشاعر أو تجلب التعجب، دون أن تقود سامعها إلى الحياة الصحيحة الممتلئة بالإيمان، كما كان يحزنه أشد الحزن أن ينتفع الإنسان بالأعجوبة دون أن يعود إليهبالامتنان والشكر، ونحن نعلم أنه عندما طهر العشرة البرص، ولم يرجع سوى واحد منهم قال: «أليس العشرة قد طهروا. فأين التسعة. ألم يوجد من يرجع ليعطي مجدًا لله غير هذا الغريب الجنس، ثم قال له قم وأمضي إيمانك خلصك» (لو 17 : 17 – 19). على أنه من الملاحظ مع ذلك أن الإيمان مهما يكن ناقصًا أو ضعيفًا فإن السيد لا يمكن أن يرفضه أو يتجاهله، إذ قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفيء، ولا شبهة في أن إيمان خادم الملك كان معنيًا فقط بإبراء الغلام المشرف على الموت، دون الاهتمام بالعلاقة التي يمكن أن تتبع ذلك، ولهذا نرى الرجل يكاد لا ينتبه إلى قول السيد: «لا تؤمنون إن لم تروا آيات وعجائب» ومن ثم نجده يتجاوز هذا التعبير دون أن يرد عليه ويقول: «ياسيد أنزل قبل أن يموت ابني» على أنه مهما يكن قوله، فإنه في الواقع كان صرخة ملهوف يستنجد بالسيد، وهو لا يمكن إلا أن يستجيب للنداء الضارع الصارخ، من الحق أن المسيح كشف القصور في هذا الإيمان الذي يريد إلا أن يرى الآيات والعجائب، ومع ذلك فهو إيمان يتعلق ويضع رجاءه فيه، وهو لا يمكن أن يخيب مثل هذا الرجاء!! عجيب هذا السيد العظيم الذي يبحث عن النقطة البيضاء في قلب السوداء، وعن الأمل المرتقب في دافع اليأس القاسي، وعن النبتة الخضراء في البرية القاحلة، وحتى من فوق الصليب كانت طلبته : «اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون» (لو 23 : 34) والحقائق.. لا تختلط عنده أو يحف بها الغموض، فهو يضعها في وضعها الدقيق، ومع ذلك يتعامل معها بنوره وحبه، بصدقه ورقته، بأمانته وجوده، برحمته وعدله معًا!! |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
كل مجد ابنة الملك من داخل مزينة بأشكال كثيرة |
شفاء ابن خادم الملك |
خادم الملك |
خادم الملك ونجدته |
خادم الملك وأحزانه |