منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 15 - 06 - 2013, 01:35 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

تفسير الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص تادرس يعقوب
أخبار الأيام الأول 20 - تفسير سفر اخبار الأيام الاول

انتقام داود من بني عمون وبعض الحروب

شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - أخبار الأيام الأول 20  - تفسير سفر اخبار الأيام الاول

وَكَانَ عِنْدَ تَمَامِ السَّنَةِ فِي وَقْتِ خُرُوجِ الْمُلُوكِ
اقْتَادَ يُوآبُ قُوَّةَ الْجَيْشِ وَأَخْرَبَ أَرْضَ بَنِي عَمُّونَ
وَأَتَى وَحَاصَرَ رَبَّةَ.
وَكَانَ دَاوُدُ مُقِيمًا فِي أُورُشَلِيمَ.
فَضَرَبَ يُوآبُ رَبَّةَ وَهَدَمَهَا. [1]
وَأَخَذَ دَاوُدُ تَاجَ مَلِكِهِمْ عَنْ رَأْسِهِ،
فَوُجِدَ وَزْنُهُ وَزْنَةً مِنَ الذَّهَبِ، وَفِيهِ حَجَرٌ كَرِيمٌ.
فَكَانَ عَلَى رَأْسِ دَاوُدَ.
وَأَخْرَجَ غَنِيمَةَ الْمَدِينَةِ وَكَانَتْ كَثِيرَةً جِدًّا. [2]
وَأَخْرَجَ الشَّعْبَ الَّذِينَ بِهَا وَنَشَرَهُمْ بِمَنَاشِيرَِ وَنَوَارِجِ حَدِيدٍ وَفُؤُوسٍ.
وَهَكَذَا صَنَعَ دَاوُدُ لِكُلِّ مُدُنِ بَنِي عَمُّونَ.
ثُمَّ رَجَعَ دَاوُدُ وَكُلُّ الشَّعْبِ إِلَى أُورُشَلِيمَ. [3]
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ قَامَتْ حَرْبٌ فِي جَازِرَ مَعَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ.
حِينَئِذٍ سَبْكَايُ الْحُوشِيُّ قَتَلَ سَفَّايَ مِنْ أَوْلاَدِ رَافَا فَذَلُّوا. [4]
وَكَانَتْ أَيْضًا حَرْبٌ مَعَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ،
فَقَتَلَ أَلْحَانَانُ بْنُ يَاعُورَ لَحْمِيَ أَخَا جُلْيَاتَ الْجَتِّيِّ.
وَكَانَتْ قَنَاةُ رُمْحِه كَنَوْلِ النَّسَّاجِينَ. [5]
ثُمَّ كَانَتْ أَيْضًا حَرْبٌ فِي جَتَّ،
وَكَانَ رَجُلٌ طَوِيلُ الْقَامَةِ أَعْنَشُ،
أَصَابِعُهُ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ،
وَهُوَ أَيْضًا وُلِدَ لِرَافَا. [6]
وَلَمَّا عَيَّرَ إِسْرَائِيلَ ضَرَبَهُ يَهُونَاثَانُ بْنُ شَمْعِي أَخِي دَاوُدَ. [7]
هَؤُلاَءِ وُلِدُوا لِرَافَا فِي جَتَّ
وَسَقَطُوا بِيَدِ دَاوُدَ وَبِيَدِ عَبِيدِهِ. [8]
شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - أخبار الأيام الأول 20  - تفسير سفر اخبار الأيام الاول
خطية داود في لأمر إحصاء الشعب:

يختص هذا الأصحاح بأكبر خطية اقترفها داود، وهو لا يذكر شيئًا عن خطيته في أمر أوريا الحثي ولا المصاعب التي حلّت بأسرته بعدها فليس هنا ذكر لبتشبع أو لعصيان ابشالوم. وخطية داود في أسر إحصاء الشعب سُجلّت في هذا الأصحاح لأن التكفير عن هذه الخطية أدى إلى الاشارة للمكان الذي سيقدّم عليه الهيكل، ويمكن تلخيص محتويات الأصحاح كالآتي:
1. خطية داود عن إجبار يوآب لإحصاء الشعب (عدد 1، 6).
2. ندم داود على ما عمله بمجرد أن أدرك خطأه (عدد 7- 8).
3. الأمر المحزن على اختيار واحد من بديلين dilemma (أو بالأحرى ثلاثةtrilemma ) وعن كيفية العقوبة على هذه الخطية والعصا التي سيُضرب بها (عدد 9، 13).
4. الخراب المُحزن الذي نتج عن الطاعون ونجاة أورشليم منه (عدد 14، 17).
5. توبة داود وتقديمه المحرقة وما نتج عن ذلك الخلاص من الطاعون (عدد 18، 30).
وقد سبق أن درسنا هذه الحادثة المؤلمة في كتابنا: تفسير وتأملات الآباء الأولين في سفر صموئيل الثاني- الأصحاح 24، وهنا نذكر بعض التأملات الأخرى:
# "ووقف الشيطان ضد إسرائيل واغوى داود ليحصي إسرائيل..."(1أيام 21: 1، 6).
يُظًن أن احصاء الشعب ليس بشيء رديء، لماذا لا يعرف الراعي عدد رعيته؟ ولكن نظرة الله ليست كالإنسان، فمن الواضح أن داود أخطأ في هذا العمل وكان سببًا في غضب الله لأنه عمل ذلك نتيجة خواطر كبرياء قلب وقلة ثقة في الله بالاعتماد على الأعداد، فليس هناك خطية أكثر تناقضًا وبالتالي إساءة إلى الله أكثر من الكبرياء وقلة الإيمان والخطية كانت من داود وكان يجب أن يتحمل اللوم عليها وحده ولكننا أُخبرنا:
أ. كيف كان المُجرِّب فعًالا في هذه الحالة (عدد 1): "ووقف الشيطان ضد إسرائيل واغوى داود ليفعلها"، وقد ذُكر في (2صم 24: 1) أن "غضب الرب حمى على إسرائيل فأهاج عليهم داود ليفعلها". إن أحكام الله الصالحة يجب أن تُلاحظ ويُعترف بها حتى في الخطايا وعدم الصلاح في الإنسان، فنحن متأكدون أن الله لا يتسبب في الخطية "فهو لا يُجرب أحدًا"، لذلك عندما يُقال أنه أهاج داود ليفعلها فيجب التوضيح أنه لأجل هدف حكيم ومُقدس سمح الله للشيطان أن يفعلها، وهنا نقتفي أثر هذا التيار العفن إلى مصدره وأساسه، فليس غريبًا أن الشيطان -الذي هو عدو الله. وكل خير- أن يقف ضد إسرائيل فهدفه هو خوار قوة، ونقص عدد، وكسف مجد إسرائيل الله، الذي هو له شيطان أيّ عدو لدود، ولكن من الممكن التعجب كيف أنه يؤثر على داود ليفعل شيئًا خاطئًا وهو الرجل الذي قلبه مثل قلب الله، فهو يُظن فيه أنه من أولئك الذين لا يمسهم الشرير. أبدًا يجب أن نعلم أن أقدس القديسين لا يجب أن يفكروا أنهم ليسوا في متناول تجارب الشيطان، وهذا يذكرنا بالقديس مقاريوس الكبير الذي كان الشيطان يقول له "لقد وصلت يا مقارة" فاستمر يجيبه "لم أصل" إلى أن سلّم روحه في يد خالقه فقال "الآن وصلت" والآن لما نوى الشيطان أن يحيق إذا بإسرائيل أيّ طريق أتخذ؟ أنه لم "يهيج الله ضدهم ليبتلعهم"(أي 2: 3) ولكنه هيج داود أعز صديق لهم لكي يَحْصهم وبذلك يُغضب الله ويثيره ضدهم، ونلاحظ:
1. أن الشيطان عندما يغوينا لنخطئ ضد الله فإنه يصيبنا بأذى أكثر مما يشتكينا أمام الله. أنه لا يحطم الناس إلاَّ بأنفسهم وأيديهم أو أيادي غيرهم.
2. أن أعظم ضرر يُمكنه أن يفعل بكنيسة الله هو أن يغوي قوادها بالكبرياء، لأنه لا يستطيع أحد أن يرى هذه الخطية في الجميع وبالأخص المتقدمين في الكنيسة "وأما أنتم فليس هكذا. بل الكبير فيكم ليكن كالأصغر. والمتقدم كالخادم"(لو 22: 26).
ب. كيف كان الإحصاء غير مُجْد! إن يوآب الذي استخدمه داود كان رجل ذو شأن في الأعمال العامة، ولكنه أُرغم على هذا العمل وفعله بأقصى ما يمكن تصوره من التردد:
1. لقد قدّم احتجاجًا على هذا العمل قبل أن يبدأه، فلم يكن هناك إنسان أكثر منه تقدمًا في أيّ شيء يؤول إلى ما فيه مجد الملك وخير المملكة، ولكن في هذا الأمر كان يود أن يُعفى مسرورًا لأنه:
أ. رأى أنه كان شيئًا لا داعي له ولم يكن له أيّ مناسبة، فالله قد وعد أن يُكثّر شعبه ولم يكن عند يوآب أيّ تساؤل من جهة تنفيذ هذا الوعد، فكل الشعب خدامه ولم يكن عنده شك في ولائهم ومحبتهم له، فعددهم مهما كان قضية القوة التي يشدوها.
ب. إن هذا الأمر خطير والقيام به قد يكون سبب تعدي لإسرائيل وربما يثير غضب الله عليهم، وهنا فهمه يوأب ولكن داود لم يفهمه، فأكثر الناس علمًا بنواميس الله ليسوا دائمًا أكثر الناس بديهية في تطبيقها.
2. لقد كان مُضجرًا من هذا الأمر قبل أن يقوم به: "لأن كلام الملك كان مكروهًا لدى يوآب"(عدد 6)، أو قبل ذلك فكل ما صنع الملك داود كان حسنًا في أعين جميع الشعب (2صم 3: 36)، ولكن الآن هناك اشمئزاز عام على هذه الأوامر وهو الشيء الذي ثبّت كُره يوآب لها.
ومع أن نتيجة هذا الأستعراض كانت عظيمة جدًا، إلاَّ أن يوآب لم يكن عند قلب ليكمله وقد ترك سبطين مُهمين بدون تعداد وهما سبطي لاوي وبنيامين (عدد 5- 6)، وربما لم يكن مدققًا في تعداد الأسباط الأخرى لأنه فعل الأمر مُتضررًا مما يوضح السبب في أختلاف أرقام التعداد عما ورد في (2صم 24: 9).
ج. هناك تباين كبير بين هذه الحادثة بالمقارنة مع ما حدث لداود الصبي الراعي عندما جاء إلى حقل المعركة ورأى جليات الجبار يجول مختًالا ومعيرًا لإسرائيل، ذاك الراعي الصغير لم يرغب في عمل تعداد ولم يحصي عدد الجي، ولكنه قال "دعني أواجهه"، لماذا كانت عنده الشجاعة ليفعل ذلك؟ لأنه وثق في الرب. وداود تعلم الدرس من حادثة الإحصاء وقال في مزاميره: "الأحتماء بالرب خير من التوكل على إنسان. الاحتماء بالرب خير من التوكل على الرؤساء"(مز 118: 8- 9)، "بك يا رب احتميت فلا أخزى إلى الدهر"(مز 71: 1).
ونحن يجب أن نسأل أنفسنا هذا السؤال الهام: هل نحن دائمًا نؤمن ونثق في الرب؟ "ولكن بدون إيمان لا يمكن إرضاءه..."(عب 11: 6) والرب يسوع له المجد قال متى جاء الروح القدس فهو يبكت العالم على الخطية. أية خطية؟"... لأنهم لا يؤمنون بي"(يو 16: 8)، والقديس بولس الرسول قال: "... كل ما ليس من الإيمان فهو خطية"(رو 14: 23)، هذه كانت خطية داود في تلك الحادثة وسرعان ما تيقن مقدار الخطأ الذي وقع فيه في هذا الأمر.
* "وقبح في عيني الله هذا الأمر فضرب إسرائيل..."(1أيام 21: 7، 17) هنا داود وقع تحت عصا التأديب بسبب إحصاء الشعب، عصا التأديب هذه التي تطرد الحماقة من القلب، حماقة الكبرياء والاعتماد على الأعداد بدًلا من الثقة في الله، ولنتأمل الآتي:
أ. كيف أُصلح داود.
إذا أخطأ أعز أبناء الله فيجب أن يتوقعوا دفع الثمن:
1. لقد أُفهم داود أن هذا الأمر قُبح في عيني الله (عدد 7) وهذا ليس بالأمر الهين لإنسان صالح مثل داود. الرب ينظر ولا يُسر بخطية شعبه، وليس هناك خطية أكثر استياء لدى الله من كبرياء القلب وعدم الثقة في الله، كذلك ليس شيء محزن ومميت لنفس مرهفة الحس أكثر من أن تكون موضع استياء الله.
إنه من النافع لنا ونحن نسير في هذه التأملات أن نلاحظ كيف أن الله يُركّز على أشياء معينة في حياة داود، فكثيرون هنا يعتبرون أن بعض المواقف خطية ومواقف أخرى أنها ليست خطية أو أنها أقل خطأً، ولكن عندما نمثل في حضرة الله سوف نكتشف أن نظرتنا كانت خاطئة في هذا المضمار ونعرف معنى الخطية، فيجب أن نعلم أن الخطية ليست هي فقط في الأفعال أيّ الأشياء التي نعملها أو لا نعملها بل هي أيضًا في الأفكار والنوايا، وبدراسة كلمة الله نعرف نظرته للخطية...
2. وُضع أمام داود أن يختار واحد من ثلاثة عقوبات: الحرب، المجاعة، أو الوبأ، وبذلك فلإذلاله بالأكثر وُضع في موقف عسير جدًا أمام رهبة ثلاث عقوبات، بلا شك وسط ذهوله العظيم حينما فكر أيّ من الثلاثة يختار.
3. سمع داود في بحر ساعات قليلة عن سقوط سبعين ألفًا من رعيته وموتهم من الوبأ (عدد 14)، فقد كان فخورًا بوفرة شعبه ولكن العدل الإلهي أخذ مجراه ليجعلهم أقل عددًا، فباستحقاق يؤُخذ منا ويسبب لنا الضعف ومذاقه المر الشيء الذي نفتخر به، فداود أصر على احصاء شعبه وقال: "اذهبوا عدوا إسرائيل وأتوا إليَّ فأعلم عددهم"(عدد 2)، ولكن الله الآن يعدهم بطريقة أخرى: "فأتي أُعيّنكم للسيف..."(أش 65: 12)، وأتوا لدواد بعدد آخر وكان بالأكثر لارباكه وليس لمسرته فهو عدد الذين أستلّوا بسيف الملاك، وثيقة الموت السوداء التي كانت لطمة لسجل جنود داود.
4. وكان داود يرى الملاك المهلك وسيفه ممدود على أورشليم (عدد 16)، وهذا لم يكن سوى رعب شديد له لأنه علامة غضب السماء وتهديد بإفناء تلك المدينة المحبوبة، فإذا كان منظر ملاك آتيًا في مهمة سليمة قد جعل أعظم الرجال يرتعد، فما بالك بمنظر ملاك سيفه مسلول بيده، سيف ناري كالذي للشاروبيم الذي كان متقلبًا لحراسة طريق شجرة الحياة، فحينما نكون تحت غضب الله فالملائكة الأطهار يكونون متسلحين ضدنا ولكننا لا نراهم كما رأى داود.
شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - أخبار الأيام الأول 20  - تفسير سفر اخبار الأيام الاول
ب. كيف حمل داود التأديب:

1. لقد اعترف اعترافًا صادقًا بخطيته وصلى لأجل مغفرتها (عدد 8).
لقد اعترف أنه أخطأ جدًا وأنه فعل هذا الأمر بحماقة شديدة، وتوسل أن يُصلح وأن يزول الأثم.
2. لقد قبل العقوبة على إثمه:"... لتكن يدك عليّ وعلى بيت أبي..."(عدد 17) "أضع نفسي لعصى التأديب فدعني أعاني وحدي فأنا هو الذي أخطأ وأساء وأني الرأس المذنب التي يجب أن يُستل السيف عليها".
3. ألقى نفسه تحت رحمة الله (بالرغم من علمه أن الله كان غاضبًا منه) ولم يخطر بباله أيّ فكر رديء ضد الله، فمهما يحدث "دعني اسقط في يد الرب لأن مراجمه كثيرة جدًا..."(عدد 13)، فالإنسان الصالح يفكر حسنًا من جهة الله حتى وأن عبست الدنيا في وجهه: "ولو قادني للذبح فإني أثق فيه".
4. لقد أظهر شعورًا واهتمامًا حنونًا من جهة شعبه، وقد وخُز في قلبه حينما رآهم مضروبيين من أجل تعديه: "وأما هؤلاء الخراف فماذا عملوا"(عدد 17).
* "فكلم ملاك الرب جاد أن يقول لداود أن يصعد داود ليقيم مذبحًا للرب في بيدر أرنان اليبوسي..."(1أيام 21: 18، 30).
وهنا نرى ختامًا للأمر فحالما تاب داود عاد إليه سلامه مع الله: "لقد غضبت عليّ ولكن غضبك زال عني"(أش 12: 1).
1. لقد وضع الرب حدًا لتقدم الهلاك (عدد 15)، فلما تاب داود عن هذه الخطية ندم الرب على حكم الشر وأمر الملاك المهلك أن يرد يده ويرد سيفه إلى غمده (عدد 27) فسيف الحكم رُدّ إلى الغمد، ولكن عند الجلجثة السيف اخترق جنب الرب يسوع المسيح، وكما قال أحد الكتاب: "أنا دخلت إلى قلب الله خلال جرح رمح"
2. صدرت التعليمات لداود بأن يبني مذبحًا للرب في بيدر أرنان (عدد 18)، وقد أمر الملاك جاد النبي بأن يأتي بهذه التعليمات إلى داود، فنفس الملاك الذي نفّذ الحرب باسم الرب هنا يأتي بالخطوة المؤدية إلى السلام، لأن الملائكة لا يودون يوم الحزن. وكان في الإمكان أن يأتي الملاك بهذه التعليمات لداود مباشرة ولكنه أتى بها عن طريق الرائي لكيما يظهر شرف الانبياء، وكذلك إعلان يسوع المسيح أعطاه الله ليوحنا الرسول بيد ملاك ومنه إلى الكنائس. وكانت التعليمات لداود بإقامة المذبح هي رمز مبارك للمصالحة، فإنه لو كان الله يُسر بموته لما قبل الذبيحة من يديه.
3. أسرع داود يعمل اتفاق مع أرنان لأجل البيدر لأنه لا يخدم الله على حساب الآخرين، مع أن أرنان قدمه له مجانًا ليس فقط لأجل اللطف قبالة الملك بل لأنه رأى الملاك (عدد 20) الأمر الذي أثار الرعب فيه مع أولاده الأربعة واختبأوا جميعًا لأنهم لم يحتملوا بهاء مجده وخافوا من سيفه المسلول، فتحت الخوف من الشر المرتقب كان مستعدًا أن يعمل أيّ شيء من أجل التكفير، فكل الذين عندهم إحساس مرهف بخوف الله يعززون التوبة ويشجعون كل طرق المصالحة لأجل رد غضب الله.
4. لقد أظهر الله قبوله لتقدمات داود على هذا المذبح "فأجابه بنار من السماء"(عدد 26)، فالدليل على رفع غضب الله عنه هو أنه بدل أن تستقر النار بعدل على الخاطيء فإنها استقرت على الذبيحة وأكلتها، وتلا ذلك رد السيف المهلك إلى غمده. وكذلك المسيح جُعل خطية ولعنة من أجلنا، لأنه سُرّ الرب أن يسحقه لكي ما يكون الله لنا من خلاله ليس نارًا آكلة بل أبًا متصالحًا.
5. لقد استمر داود في تقديم ذبائحه على هذا المذبح، فمذبح النحاس الذي أقامه موسى كان في ذلك الوقت في المرتفعة في جبعون (عدد 29)، وكانت ذبائح إسرائيل تقدّم هناك، ولكن داود خاف من جهة نظره سيف الملاك حتى أنه لم يستطع أن يذهب إلى جبعون ليسأل الله (عدد 30)، فالأمر استدعى العجلة عندما بدأ الطاعون، فهارون كان يجب أن يسرع بل يجري لكي يصنع تكفيرًا (عد 16: 46- 47)، والحالة هنا لم تكن أقل طلبًا للعجلة، فالوقت لم يسمح لداود أورشليم، لئلا تأتي الضربة القاضية قبل رجوعه. ولذلك الله، شفقة منه عليه، أمره أن يقيم مذبحًا في ذاك المكان، والله منح حًّلا من شريعته الخاصة بالمذبح الواحد بسبب المحنة الحاضرة وسمح برفع الذبائح على هذا المذبح الذي لم يقام مضادًا للذي في جبعون ولكن مُلازمًا له، فشعارات الوحدة لم يُصدُّ عليها مثل الوحدة نفسها، وحتى بعد مرور المحنة الحالية (كما هو ظاهر) فداود استمر في تقديم الذبائح هنا بالرغم من استمرارية المذبح الذي في جبعون لأن الله اعتمد الذبائح المقدمة على المذبح الذي في بيدر أرنان وأقر قبوله لها (عدد 28).
6. لقد اختار الله موقع بيدر أرنان اليبوس على جبل المريا حيث المكان الذي أمر الله إبراهيم أن يقدم ابنه ذبيحة ناظرًا إلى وقت ذبائح الهيكل وأخيرًا ذبيحة حمل الله الذي يغفر خطايا العالم، فداود بنى هذا المذبح حيث سيُبْنى الهيكل وقدم ذبيحة، وهذا هو الموضع الذي يجتمع فيه الله مع شعبه وأصبح الآن مكان الذبيحة، وداود أقام هذا المذبح وقدّم ذبيحة ُمحرقة، فذبيحة المحرقة تُشير لشخص المسيح، ثم قدّم ذبيحة سلامة فهذه أيضًا تُشير إلى المسيح سلامنا المسيح صنع سلامًا بسفك دمه على الصليب فيسوع المسيح هو سلامنا، وهو رش دمه على كرس الرحمة لأجلنا فهو رئيس كهنتنا الأعظم وقد صعد إلى السموات وهو قائم عن يمين الآب، فليس هناك وصول إلى الله إلاَّ خلال الرب يسوع المسيح، وداود فهم هذا بروح النبوات وقدّم ذبيحة المحرقة وذبيحة السلامة لله.
سادسًا: داود يقوم بالتحضيرات والترتيبات لبناء الهيكل أصحاح (22-29):

هذه الثمانية أصحاحات تعتبر مكملة لسفر صموئيل الثاني إذ أنها تملأ الفراغ بين نهاية ذاك السفر وبداية سفر الملوك الأول، فمن هنا حتى نهاية سفر أخبار الأيام الأولى نرى حماس داود لبناء الهيكل واهتمامه بجمع المواد وبعمل الترتيبات بالرغم من أن الله لم يسمح له بالبناء. إن الهيكل ينطق بالروحيات والعلاقة الصادقة مع الله، ومن وجهة نظر الله فإن تحضيرات داود للهيكل كانت أكثر أهمية عن أيّ شيء آخر قام به داود.
رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - أخبار الأيام الأول 24 - تفسير سفر اخبار الأيام الاول
شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - أخبار الأيام الأول 23 - تفسير سفر اخبار الأيام الاول
شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - أخبار الأيام الأول 22 - تفسير سفر اخبار الأيام الاول
شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - أخبار الأيام الأول 16 - تفسير سفر اخبار الأيام الاول
شرح الكتاب المقدس - العهد القديم -أخبار الأيام الأول 6 - تفسير سفر اخبار الأيام الاول


الساعة الآن 08:16 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024