رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الناموسي والقراءة الصحيحة أراد الناموسي أن يدخل المسيح في الأمتحان، ولكن المسيح ببراعة فائقة أدخله هو في الامتحان، ان اسمه مستمد من الناموس،وصلته وثيقة بدراسته، فإذا كان ناموسيًا صحيحًا، فإن أقرب الأفكار إلى ذهنه وقلبه يحب أن تكون مستمدة من الناموس، وقد أجاب المسيح على السؤال بسؤال، وقد كانت هذه عادته في الكثير من الأحيان، وهي درس ينبغي أن نلم به، ونحن في سبيلنا إلى أحكم الإجابات، على وجه الخصوص إذ اتسم السؤال بالتواء القصد أو خبث التفكير، إذ كانت الإجابة المباشرة الصريحة أعلى من مستوى فهم السامع، أو أصعب وقفًا على احساساته ومشاعره، ومما يسترعي أن السيد المسيح لم يسأله «ماذا يقرأ» بل «كيف تقرأ» إذ أن القراءة الصحيحة السليمة الواعية، هي الأساس والمفتاح الصحيح إلى كل نور وفهم!! وقد كان الكثيرون من اليهود يقرأون الكتاب قراءات خاطئة، فهم مثلاً الذين اهتموا على ما يقول ليتفوت بحصر حروفه لكي لا يسقط حرف واحد من هذا الكتاب المقدس، وفي الكتاب ثمانمائة وثمانية وأربعون حاشية لضبط الكلمات، وفي نصف كل عدد علامة، وأعداد الكتاب مجموعة محفوظة، ولا توجد حركة تقتضيها اللغة إلا وهي مثبته فيه، مثل هذه القراءة التي تهتم بالشكل والحرف لا تسطيع أن تصل إلى عمق معانيه وأفكاره، وكان الناموسيون في كثير من الأحايين يصنعونه كواجب ثقيل على الناموس والمجامع لابد من أن يتموا حفظه في أوقات معينة، ... كان مستر هورن - مؤلف «كتاب كل يوم» - في أول حياته كثير الشكوك من جهة الكتاب، وكان مسافرًا في ويلز.. فوقف ذات يوم أمام باب كوخ وطلب قليلاً من الماء، فأجابته من الداخل فتاة صغيرة وقالت : تفضل أدخل فإني أوكد لك أن أبي يعطيك شيئاً من اللبن، تفضل، فدخل وجلس وكانت الفتاة تقرأ في الكتاب المقدس فقال لها : أرى أنك تستذكرين درسك يا فتاة، فأجابته : كلا يا سيدي فاني أقرأ الكتاب المقدس، فقال نعم : أقصد أنك تستذكرين درسك منه!! فأجابته : كلا إن قراءة الكتاب المقدس ليست واجبًا مدرسياً عندي، فأنا أقرأه حبًا جمًا. فسألها : ولماذا تحبينه؟ فأجابت : ظننت أن كل واحد في العالم يحبه!!… قال أحد رجال الله : إن الكتاب المقدس عند الكثيرين من الناس عديم اللذة وعديم الفائدة وذلك لأنهم يقرؤونه بسرعة زائدة وبدون تعمق في الدرس. فهم أشبه بالفراشة المشهورة بجمالها وروعة شكلها، ولكن رحلتها مع الحياة قصيرة، لأنها لا تمتص الرحيق كما تمتصه النحلة الرمادية الأقل جمالاً.. ولكنها لا تكف عن الطيران إلى كل مكان تجد فيه عسلاً أو ما تصنع منه عسلاً، فإذا كان مدخل المكان عميقًا نزلت إلى قاعة، وإذا كان مغلقًا لا ترجععنه حتى تفتحه، وإذا كان العصير جديدًا عليها أو غامضًا بحثت فيه ودرسته درسًا وافيًا حتى تعرف كل شيء عنه، وعندما تتناول من رحيقه الحلو ترجع ممتلئة مبتهجة!! وكل إنسان يمكن أن يكون فراشة أو نحلة بالنسبة لكلمة الله، فيوجد من يمر بالكلمة الإلهية مرور الفراشة ويوجد من يأخذها كما تأخذ النحلة عصارتها، فيستخرج منها المعنى العميق والحق الكبير والدرس الثمين، أو بعبارة أخرى تسكن فيه الكلمة بغنى، وتعينه في ظروف الحياة المختلفة لإدراك الحق الإلهي والتمتع به!! ومن الثابت أن المسيح لم يوجه الناموسي إلى شيء جديد، يمكن أن يدرك منه الطريق إلى الحياة الأبدية، بل أكد له أن القديم الذي بين يديه يمكن أن يعطيه الجواب الصحيح إذا أراد الحقيقة، فإذا نقلنا هذه الصورة إلى أبعادها الحقيقية، لعرفنا كيف تفعل كلمة الله فعلها الصحيح، لو تنبه إليها الناس أو كما كتب أحد البراهمة إلى مرسل من المرسلين يقول : لقد كشفنا أمركم، إنكم لستم صالحين نظير كتابكم لو أن شعبكم كان في صلاح كتابكم لكسبتم الهند للمسيح في خمس سنوات، ... ومن الواضح أن الناموسي لم يكن يعوزه الفهم أو العقيدة الصحيحة إذ أنه لخص الناموس تلخيصًا دقيقًا في آيتين وردتا في العهد القديم : «فتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك» (تث 6 : 5) و«تحب قريبك كنفسك» (لا 19 : 18) وقد ربط الرجل - يدري أو لا يدري - الحياة الأبدية بالحب، وكلما أحببنا الله حبًا صحيحًا حقيقيًا يبلغ الأعماق من القلب والنفس والقدرة والفكر، وصلنا إلى الجذور العميقة للحياة الأبدية، ولأحببنا بعضنا بعضًا كانعكاس للحب الإلهي الذي يملأ قلوبنا!! |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
“مجال الدراسة والقراءة والتعليم” |
تعلّم الكلمات الصحيحة بالطريقة الصحيحة |
العلاقة الصحيحة مع الله :أساس الخدمة الصحيحة |
صلى الى الله حتى يفتح عينى قلبك فتعاين مدى نفع الصلاة والقراءة |
الناموسي |