رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أحد القديسة مريم المصرية مر32:10-45 رتبت الكنيسة في الأحد الخامس من الصوم أن نقرأ المقطع الإنجيلي من إنجيل القديس مرقص، والذي تنبّأ فيه السيد عن تسليمه وموته وقيامته وذلك كي نتحضّر نحن أيضاً للآلام والقيامة، وأن نعيّد للقديسة مريم المصرية نموذج التوبة وهامة النسك الكبيرة في الكنيسة. لفت نظري وانتباهي في إنجيل اليوم الفرقُ في الذهن بين السيد وتلاميذه، فبذات الوقت الذي أخذ يتحدث فيه عن الآلام والتسليم والموت اخذ بعض التلاميذ يطلبون منه ويسألون أن يجلسوا عن يمينه ويساره في مجده، وتساءلت: هل التواصل بين الله والإنسان سهل؟ هل يفهم الإنسان ما يقول المسيح وما يطلب؟ لماذا يقول الله شيئاً ويفهم الإنسانُ شيئاً آخر بدايةً، علينا فهم ماذا يريد الله منا؟ بالعموم هو يريد خلاصنا الذي يتم بدءاً بأن نترفّع عن الأرضيات ونرتقي نحو السماء، وأن نعيش كلماته مطبّقين وصاياه ومبتعدين عن كل ما يبعدنا عنها ويلصقنا بالأرضيات العالمية. يظهر واضحاً في إنجيل اليوم ما قلناه بعدم تفهّم الإنسان لما يريده المسيح، فبينما أخذ يُعدّ تلاميذه لأحداث الآلام، التي ستحصل، من تسليم ومحاكمة وبصاق وجلد وموت وقيامة، والتحدث عن الطريق الصعب والمليء بالألم، أخذ بعض التلاميذ يطلبون الجلوس عن يمينه أو يساره في مجده (37:10)، فيوحنا ويعقوب ابنا زبدى طلبا أن يحصلا على المجد والمكانة الرفيعة لا الناتجتين عن نعمة الله بواسطة الألم والجهاد الشخصي بل بواسطة المسيح عندما يجلس في مجده. هنا يتضح عدم قدرة التلاميذ على فهم المسيح، ولم تكن هذه المرة الوحيدة، ففي الكتاب المقدس هناك حوادث تؤكد ذلك، كأن يطلب التلاميذ الأولوية أو يطلبون أن يدفنون موتاهم قبل اللحاق بالمسيح أو يتساءلون متعجّبين لماذا لا يستطيعون فعل العجائب…الخ. رغم عدم فهم التلاميذ للمسيح إلا أنه استمر في عمله، فأخذ يبشّر المسكونة بكلمته ويشفي المرض داعياً لتخلّي عن عالم الخطيئة والسقوط، وأن يتفهّم الناس اعوجاج سلوكهم ويصلحوه، وهو يتوجّه نحو هؤلاء الذين لم يدركوا الحقيقة وما زالوا يحملون أعباء الخطيئة والفكر العالمي ويدعوهم أن يفرغوا هذه الحمولة التي تشكل عبئاً ثقيلاً في حياتهم من خطايا وكبرياء وأنانية، كي تستطيع نعمة الله أن تعمل فيهم فتشفي السقماء والمرضى وتقدّس البشر، أي بعمله هذا أخذت نعمة الله تعمل في حياة الناس، وعلى هذا السياق يكون الحل لفهم إرادة الله في حياتنا هو أن نجاهد لتفعل نعمة الله في حياتنا. بدون نعمة الرب تبقى القلوب مغلقة وغير قادرة على فهم الكلمات الإلهية. الإيمان المريض بالعادات الشعبية الموروثة لا يشفي الإنسان. تشفى القلوب البشرية حين يدخلها نور الله الحقيقي فينيرها ويقدّسها، ويجعلها تدرك الخطأ الحاصل في تصرفاتها أو أفكارها أو عبادتها. بدخول نعمة الله إلى القلوب تنيرها وتشعل فيها ناراً داخلية فتحرق كل شيء سيء فيها وتنقّيها، وهذا في صُلب ما يُسمى بالولادة الجديدة. بهذه الطريقة فقط يستطيع الإنسان أن يتواصل مع الله وأن يفهم ما يريد و أن يدرك ما هي الأولويات التي يطلبها في حياته. عندها الإنسان المستنير والمولود جديداً، بواسطة نعمة الله، سيلبي الدعوة التي دعانا إليها المسيح: “من أراد أن يصير فيكم عظيماً يكون لكم خادماً” (43:10). إخوتي، الذي يبحث أن يكون أول الناس و أن يخدمه الجميع أو الذي يسعى وراء المجد الشخصي والمكانة الأولى بين الناس بدافع الكبرياء وحب الذات يكون قد أخطأ خطأً كبيراً، لأن المسيح لم يأتي ليجعل الناس عظماء وكبار وليوزع كراسي وأمجاد، كما يمنح العالم لبعض الناس، لم يأتي لكي يُخدم، رغما أن له الحق بذلك، بل ليخدُم، وأن يقدم حياته للبشر. لذلك، الذي لم يفهم كلام المسيح أن “ابن الإنسان لم يأت ليُخدم بل ليخدُم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين” (45:10) ولم يطبّقه في حياته سيبقى بعيداً عن المسيح مهما علت وكبرت مكانته العالمية. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
القديسة مريم المصرية ج2 |
القديسة مريم المصرية ج1 |
القديسة مريم المصرية |
ترنيمة مريم المصرية | القديسة البارة مريم القبطية |
القديسة مريم المصرية |