رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الوعد بالملكوت السماوي (3) الخميس 18 ابريل 2013 مقال لنيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح والخمس المدن الغربية و توابعها اليوم أحب أن أكلمكم عن أحد أعظم وعـود الله للإنسان وهو الوعد بالملكوت السماوي. فها هو الرب يسوع يعد تلاميذه قائلاً " لا تخف أيها القطيع الصغير لأن أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت " (لو32:12) في الكتاب المقدس نجد آيات عديدة تتحدث عن الملكوت منها: § طوبى للمساكين بالروح لأن لهم ملكوت السماوات (مت5 : 3) § حينئذ يضيء الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم من له أذنان للسمع فليسمع (مت 13 : 43) § لأنه هكذا يقدم لكم بسعة دخول إلى ملكوت ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الأبدي (2بط 1 : 11) § اسمعوا يا أخوتي الأحباء أما اختار الله فقراء هذا العالم أغنياء في الإيمان وورثة الملكوت الذي وعد به الذين يحبونه (يع 2 : 5) § أنكم تؤهلون لملكوت الله الذي لأجله تتألمون أيضا (2تس 1 : 5) § الذي أنقذنا من سلطان الظلمة ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته (كو 1 : 13) § لأن ليس ملكوت الله أكلا وشربا بل هو بر وسلام وفرح في الروح القدس (رو 14 : 17) كذلك تسمي كلمات الرب يسوع في الموعظة علي الجبل بقوانين ملكوت السموات. وفي كل صلاة تذكرنا الكنيسة بطلب الملكوت، فنحن نطلب في كل صلاة ربانية "ليأت ملكوتك" أي نريدك يا رب أن تملك على قلوبنا، وفي قانون الإيمان نصلي ونعلن أننا ننتظر مجيء الرب وقيامته من الأموات وحياة الدهر الآتي... أما الوعد بالملكوت رتبت له الكنيسة كل يوم في صلاة نصف الليل ففي الخدمة الأولي نصلي إنجيل العشر عذارى (مت 25: 1-13)، وفي الخـدمة الثانية نصلي إنجـيل المرأة الخاطئة (لو7: 36-50 )، والكنيسة في الخدمة الثالثة تسمعنا وعد الرب لكنيسته بالملكوت السماوي، وكأن الكنيسة تريد أن تقول لنا أنه بعد صلواتنا السبعة طوال اليوم، والسهر، والجهاد اليومي المستمر في الصـلاة إلى الليل أن مسرة أبونا السماوي هـي أن يعطينا المـلكوت، وكأنها تطمئننا اذ تهمس في آذاننا " لا تخف على الملكوت". ولكن لنحرص لأن هذا الوعد ليس معناه التكاسل أو الإتكال علي ذلك الوعد بل هي تؤكد "يجب أن تكمل جهادك". V ما هو الفرق بين التعبيرين "ملكوت الله" و"ملكوت السموات"؟ في إنجيل متي يلاحظ أن تعبير "ملكوت السموات" تكرر أكثر من تعبير "ملكوت الله"، فلماذا ؟! معروف أن إنجيل متي كتب خصيصاً كرسالة لليهود، وفي التقليد اليهودي... الإنسان الذي يذكر اسم الله لابد أن يمارس بعض الطقوس الخاصة مثل طقس الإغتسال المتكرر، فذكر اسم "الله" له مهابة في الفكر اليهودي خاصة إذا كانت الوصية "لا تنطق باسم الرب إلهك باطلاً" (خر 7:20)، ولأن كلمة "الله" لها كرامة وتقدير واحترام لذلك فقد استخدم القديس متي "ملكوت السموات" أكثر كنوع من تبسيط الأمر للقارئ. ولنفس السبب كان السيد المسيح يستخدم تعبير "ملكوت السموات" مرات كثيرة ففي إرساليته للتلاميذ يقول لهم: "اكرزوا قائلين أنه قد اقترب ملكوت السموات" (مت 10:7)، وفي مثل الإبن الشاطر يقول" يا أبي أخطأت إلي السماء (أي إلي الله) وقدامك" (لو18:15) V معني ملكوت الله "ملكوت الله" في الفكر الكتابي تعبر عن أحد المعاني التالية: 1 – هي إشارة للسماء أو الحياة الأبدية وبهذا المعني للملكوت أوصي الرب الجموع "اطلبوا أولاً ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم" (مت 33:6) .. أي اطلبوا أولاً الميراث السماوي أو الحياة الأبدية. 2 – أن يملك السيد المسيح علي قلبي بهذا المعني يعبر الملكوت عن حالة روحية يختبرها الإنسان في علاقته مع الرب يسوع إذ يدرك كيف يملك الرب علي قلبه فقد كانت النبوة أن الرب "ملك علي خشبة" (مز 95 بحسب الأجبية) فهو قد صلب بدلا مني، وأنا أؤمن به فادياً ومخلصاً فيصبح ملكاً علي قلبي... وهذا هو اختبار الملكوت كإختبار شخصي. 3 – المعني الأول والثاني معاً أي أن يملك السيد المسيح علي قلبي في الوقت الحاضر فهو الملك الحقيقي، وأن يكون لي مكان في السماء في المستقبل. لذلك يحدثنا الكتاب المقدس كثيراً عن ملكوت الله كهدف في حياة أولاد الله، فنحن في جهادنا الروحي نريد أن الذي يملك علي القلب هو سيد واحد وهو الرب. ويكون لنا الهدف الواحد وهو الملكوت السماوي، حتي وإن كانت لنا مسئوليات كثيرة ومتعددة في هذه الحياة فانه يجب أن نتمم كل مسئولياتنا بأمانة ويكون كل ما يشغلنا أثناء نشاطنا اليومي هو أن نطلب ملكوت السموات في سلوكنا وقلوبنا. V خصائص الملكوت السماوي والملكوت السماوي ليس هو لون من المُلك الأرضي ولكنه مختلف في طبيعته. 1- مُلك ملكوت روحى كانت شهوة اليهود أن يملك السيد المسيح ملكاً أرضياً، ويقيم مملكة فى أورشليم، ولكن الرب يسوع كان لديه مفهوم آخر فعندما سألوه "أنت ملك" أجابهم "مملكتى ليست من هذا العالم" (يو18: 36) ولم يدرك كثيرين من اليهود هذا المعني إلي أن جاء خراب أورشليم عام 70م على يد القائد تيطس عندها أدركوا أن يسوع لم يقصد أبداً أن يملك ملكاً أرضياً فتغير وتبدل القول بتعبير "ملكوت السموات" أى "ملكوت روحى." لذلك فإن كان أهل العالم يلجأون فى حل مشاكلهم إلى وسائل العالم من حروب وجيوش، فإن مملكة السيد المسيح الروحية مبنية على الحب، ويقول أنا أملك بالحب "من أراد أن يصير فيكم أولاً يكون للجميع عبداً (خادماً)" (مر10: 44). 2- ملكوت السموات حاضر ومستقبل والملكوت السماوي هو ملكوت غير زمني فهو بلا نهاية، فى الحاضر يملك الله على قلبي، وفى المستقبل يعطيني الملكوت لأعيش معه مدي الدهر.. لذلك فالنبوة التي تتحدث عن ميلاد السيد المسيح تقول "لا يكون لملكه نهاية" (لو1: 33)، ولذلك نصلي في قانون الإيمان عبارة [ ننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتى ]. 3- ملكوت السموات اختبارى الملكوت السماوي ليس هو تعبير أدبي ولا مفهوم نظري بل هو اختبار عملي، وأهـم وسـيلة لاخـتباره هو أن نحيا في التوبة كما قال الكتاب "توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السموات" (مت3: 2). ومن خلال حياة التوبة تستطيع أن تختبر عمل يسوع في حياتك وحضوره الدائم معك فتحيا في ملكوت داخلي، وعندما تجد نفسك مغلوباً من خطية ما.. تصلى [ أعطني يا رب النصرة ].. وهكذا تتحول المعرفة إلى اختبار في حياتك، وتستطيع أن تشعر بالملكوت داخلك كما قال الكتاب "ها ملكوت الله داخلكم" (لو17: 20).. وعندما نختبر الملكوت نشعر بالسلام والفرح الداخلي. 4- ملكوت السموات له خاصية العمومية دعوة الملكوت هي لكل إنسان.. الجميع مدعوون للسماء فالملكوت ليس دعوة للأبرار فقط، بل هي دعوة للجميع حتي الخطاة "هكذا يكون فرح فى السماء بخاطئ واحد يتوب.." (لو15: 7)، ".. دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية" (1يو1 :7) فى العهد القديم كان اليهود هم شعب الله، أما فى العهد الجديد "كل الذين قبلوه أعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أى المؤمنون باسمه" (يو1: 12). وعندما أرسل السيد المسيح تلاميذه للكرازة قال لهم "... تكونون لى شهوداً في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض" (أع1: 8). وهكذا علم الرب يسوع في أمثاله "يشبه ملكوت السموات شبكة مطروحة فى البحر وجامعة من كل نوع" (مت13: 47)، وأيضاً " يشبه ملكوت السموات حبة خردل أخذها إنسان وزرعها فى حقله وهى أصغر جميع البذور ولكن متى نمت فهى أكبر البقول وتصير شجرة حتى أن طيور السماء تأتى وتتآوى فى أغصانها" (مت13: 31- 32). فكل إنسان مدعو للملكوت ليس فقط الكاهن والشماس وإنما كل إنسان يؤمن بالرب يسوع يصير ابناً للملكوت. 5- ملكوت السموات يُبنى على ثلاثة (الإيمان والتوبة والميلاد الجديد) إن كانت الدعوة للملكوت عامة إلا أنها تحتاج أن يقبلها الإنسان ويؤمن بالخلاص الذي أتمه الرب يسوع على الصليب من أجل خلاص العالم، وعندما يؤمن فلابد أن يقبل أن يغير طريق حياته بالتوبة، وعندها يستطيع أن يقبل الميلاد الجديد "المعمودية" لكي يصير إبناً للملكوت. فمحبة الله للبشرية تممت عمل الفداء بالصليب، وعندما تؤمن بالسيد المسيح الفادي والمخلص يمكنك أن تقدم التوبة التي تؤهلك للملكوت السماوي، ولكنك تبقي خارجاً عنه إلي أن تقبل الميلاد الجديد الذي به تصير ابناً بالحقيقة. لذلك يتكلم الكتاب المقدس عن دعوة الملكوت قائلاً "توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السموات" (مت 3: 2) ، "إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله" (يو3: 5) 6- ملكوت السموات واحد الكتاب يقول "الرب إلهنا رب واحد" (مر12: 29)، ونحن نؤمن بالرب يسوع الإله الكلمة المتجسد المخلص والفادي الذي وهبنا الدعوة للملكوت فإن كنا نؤمن بسيدين وملكين تصبح المملكة منقسمة، ولكننا نعلم أن ملكوت السموات واحد وتعاليمه واحدة وصريحة وهي الكتاب المقدس، أما ازدواجية التعليم فتعطى فرصة لإنقسام ملكوت السموات على ذاته، وربنا يسوع لا يقبل ذلك لأنه قال أن له مملكة واحدة وله تعليم واحـد، فنحن نؤمن بإيمان واحد ولكن نعرف أن لنا مواهب مختلفة "فأنـواع مواهـب موجودة ولكن الروح واحد" (1كو12: 4) نحن نتبع ملكوت سماوي واحد. من هو مؤسس الملكوت؟ عندما جاء المجوس إلى المذود قدموا هدايا من بينها ذهباً لكى يرشدوا بروح النبوة أن يسوع هو ملك حقيقي بالصليب. وملكوت المسيح الحقيقي بدأ بالفداء "ليس بأحد غيره الخلاص" (أع4: 12)، ويسوع هو الوحيد الذى قدم ذاته على الصليب "الرب قد ملك على خشبة" (مز 95 بحسب الأجبية) وبذلك يكون السيد المسيح هو مؤسس الملكوت وهو صاحب الملكوت السماوي الحقيقي وهو الوحيد القادر أن يعطيه لأولاده الذين يؤمنون به. من هو الذي يعطي الملكوت السماوى؟ السيد المسيح هو مؤسس الملكوت فله كل الحق أن يفوض لكنيسته السلطان لتعطي هذا الملكوت وقد أعطي كنيسته السلطان أن تمنح هذا الملكوت لكل من يستحق. لذلك يقول أحد القديسين "إن أردت أن يكون لك المسيح أباً ينبغي أن تكون لك الكنيسة أماً"، فالسيد المسيح عندما نفخ فى وجوه تلاميذه قال "اقبلوا الروح القدس من غفرتم خـطاياه تغفـر لـه ومن أمسـكتم خطاياه أمسكت" (يو20: 22، 23). كان يفوض لكنيسته السلطان لتقبل في الملكوت السماوي كل من يقبل إليها. لذلك يدعو الكتاب الآباء في الكنيسة أنهم "وكلاء سرائر الله" (1كو4: 1) والكنيسة يمكنها ان تعطي هذا الملكوت لأبنائها من خلال حياة التوبة والمعمودية والإفخارستيا فجميعها تؤهلنا إلي الملكوت السماوي. وقد أعطي الرب يسوع الكنيسة هذا السلطان من خلال : 1 - سلطان الحِل والربط ويمنح بعد التأكد من التوبة الحقيقية لذلك يصلى الكاهن التحليل بعد سر الإعتراف وليس قبله، حتى يتأكد من توبة الإنسان وأن الشخص لا يعيش فى الخطية ثانية.. 2 – من خلال النعمة التي ننالها في سر المعمودية فالكتاب يقول "من آمن واعتمد خلص" (مر 16 : 16) 3 – من خلال سر الإفخارستيا يقول معلمنا بولس الرسول "كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجئ" (1كو11: 26) .. ولأن الرب يسوع يريد أن تكون الكنيسة أمينة على الملكوت، فهو قد أمرها أن تقدم الأسرار لكل إنسان بدون تميز، ولكن فقط بعد التأكد من صدق الإيمان، فالرب يسوع لم يقبل مبدأ التميز، وقد وجه اللوم للكتبة والفريسيين بسبب عدم أمانتهم "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تغلقون ملكوت السموات قدام الناس فلا تدخلون أنتم ولا تدعون الداخلين يدخلون" (مت23: 13) .. وعندما نعود إلى الوعد "لا تخف أيها القطيع الصغير لأن أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت" (لو12: 32).. نجد وصية "لا تخف" والوصية مرتبطة بوعد "أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت". V لذلك لا تخف لأن مسرة الآب هو أن يعطيك الملكوت لا تتشكك أنك ستفقد الملكوت لأن الرب يريد ويسر أن تناله تأكد أنه سوف يهبك الملكوت السماوي. فعندما صرخ اللص اليمين "أذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك " أجابه يسوع "اليوم تكون معي في الفردوس" (لو23: 42، 43) .. V ولا تخف أيضاً لأن الله ليس بظالم حتى ينسى تعب المحبة، وهو وحده الديان العادل فسوف يأتي في مجده لكى يدين الأحياء والأموات، وهو يعلم من هو مستحق للملكوت، ومن هو غير مستحق فهو العالم بكل شئ فلا تخف من وجود أي ظلم في الملكوت السماوي. لا تخف أنت مدعو للملكوت فبالإيمان لا تسأل يا ترى أين ستكون أبديتي؟! ولكن أحياناً يمكن أن نتقابل مع إنسان يقول بلون من الكبرياء [ أنا خلصت ونلت الملكوت ] وهنا نسأل هل الكبرياء يفقد الإنسان الملكوت ؟ كان الرب يسوع يعلم أن "ملكوت السموات يُغصب والغاصبون يختطفونه" (مت11: 12) أى يؤخذ بقوة وجهاد عظيم، و عندما أعطى السيد المسيح تلاميذه سلطاناً على شفاء الأمراض وإخراج الشياطين رجعوا فرحين قائلين "يا رب حتى الشياطين تخضع لنا باسمك" فأجابهم "لا تفرحوا بهذا أن الأرواح تخضع لكم بل افرحوا بالحري أن أسماءكم كُتبت في السموات" (لو10: 17- 20) فصنع المعجزات ليس علامة استحقاق الملكوت السماوي، لا تنخدع حتى بعمل المعجزات فالسيد المسيح يحذر من الذين يصنعون معجزات.. أنظر إلى يهوذا الذي لم يحافظ على نقاوة حياته ودخلت إليه محبة المال، أين ذهب؟ هل ذهب يهوذا الذي عمل المعجزات إلى الملكوت؟! فلا يكون الفرح الحقيقي بسبب المعجزة لأن المعجزة يمكن أن نشك فيها أما الفرح الحقيقي فهو أن يشعر الإنسان أن اسمه مكتوب في السماء. V لذلك فالكنيسة تعلمنا أنه يجب أن نجاهد من أجل الحصول على الملكوت كما أن نعمة الرب تسندنا فلا تؤخر المعمودية أو التوبة.. بل تب عن خطيتك.. إن كنت تريد أن يعطيك الله الملكوت. واحرص أن تتمم خلاصك بخوف ورعــدة. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الفرح بالقيامة، فرح بالملكوت الذي يكون بعدها |
الحلو في نهاية القصة أنك بالملكوت هتفوز |
الله يعدنا بالملكوت ولكننا نهمله |
الإحساس بالملكوت السماوي ⬅️ |
كرازة المسيح بالملكوت وأختيار التلاميذ |