رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
دَمُ الْمَسِيحِ
دَمُ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِرُوحٍ أَزَلِيٍّ قَدَّمَ نَفْسَهُ لِلّٰهِ بِلاَ عَيْبٍ، يُطَهِّرُ ضَمَائِرَكُمْ مِنْ أَعْمَالٍ مَيِّتَةٍ لِتَخْدِمُوا اللّٰهَ الْحَيَّ (عبرانيين ٩: ١٤) أيها الأخ العزيز، هل تفكر بالله وتطلبه، وتريد أن تتقدم إليه، وتكون معه وتثبت فيه؟ أو أنت من الذين تحجرت قلوبهم، ولا يشتاقون إلى خالقهم، فإن كل أديان البشرية تشترك بشوق الإنسان نحو الله، وتدعو لعودتنا إليه. ولكنا نتألم بضيق واحد، إننا منفصلون عن القادر على كل شيء. ومن هذا الانفصال تأتي مشاكلنا وكوراثنا والحروب والخطايا والموت. وأكثر الأديان تعترف أن الله عادل وحق يدين كل ظلم. فسمّت بعض المذاهب خلاصة إيماننا بيوم الدين، لأن كل الأفكار والأعمال والاجتهادات متجهة نحو الدينونة، حيث يدين الله كل الظلمة. ونحن نعلم مع الأسف، أن الخطية هي سبب انفصالنا عن الله، لأنه قدوس، وبعيد عن كل الشر، ممتلئ النور والمجد. فكل إنسان يظهر أمامه ناقصاً ملاماً. وبالنسبة لقداسة الله كلنا فاسدون هالكون. فلا تغتر بنفسك وحالتك ظاناً أنك صالح، لأن ضميرك يوبخك عن كل كذب وعمل نجس وابتزاز أو أشياء معوجة أخرى. لا تستطيع الهرب من الصوت القارع صميمك. ولا مخرج لك من الدينونة. والله بالذات سيدينك. من يعش واعياً أمام الله يحزن وييأس لأجل الشر الموجود في أخلاقنا. فاعترف أمام ربك بحالة قلبك، لأنه رحيم. وهو لا يريد موت الخاطئ، بل رجوعه إليه وترك الأعمال السيئة، والعيشة بالتقوى أمامه. ولتسهيل هذا الرجوع عيّن الله في الماضي طقوس الذبائح الحيوانية. كل خطية تستحق موت الخاطئ حتماً. كل إنسان ينسحق في غضب الله. ولكن من تاب وندم على عناده وثورة نفسه، فإن العلي كان يمنحه ترخيصاً أن يأخذ تيساً ويذبحه بيده. وينتف وبره، ويقطع جسده، ليضع الكاهن اللحم على نار المذبح. فيقف الخاطئ أمام الذبيحة المحترقة، عالماً أنها تموت وتحترق عوضاً عنه. كل إنسان مستحق الموت رأساً. لكن محبة الله متأنية، ولا تريد إبادتنا. ولقد مات ملايين الحيوانات عوضاً عن الناس، وأنهر الدماء جرت من مذابح العالم. وكل مرة قبل الذبح كان يتوجب على الخاطئ أن يضع يده على رأس الحيوان، رمزاً لانتقال خطاياه من جسده إلى البديل، الذي يهلك عوضاً عنه في نار غضب الله. فيموت الضحية ويتبرر الخاطئ. وكثيرون من التائبين، كانوا يقفون برؤوس منحنية أمام المذابح المشتعلة، خجلين ونادمين على نجاساتهم وأكاذيبهم. ولكن كل الذبائح الحيوانية كانت ناقصة وغير كاملة فأوجد الله في حكمته طريقاً ليصالح كل الناس مرة واحدة مع نفسه. وأرسل كلمته إلى دنيانا. فولد المسيح الذي هو كلمة الله المتجسد. وهذا المولود من روح الرب لم يفعل خطية، ولم يستغفر الله ككل الناس. فالمسيح قدوس في جوهره، وثبت بريئاً في التجارب. وكان إنساناً حقاً وخادماً للناس. فلأجل محبته المقدسة استحق أن يصبح حمل الله المختار، ليرفع خطية العالم. والمسيح لم يخجل أن يعيش مع الناس النجسين بل أحبهم، وعرف عدم قدرتهم لإصلاح أنفسهم بأنفسهم. فلبس خطاياهم كثوب ملوث، ووافق أن قصاصات الله تنزل عليه، عوضاً عن جميع الناس في كل الأزمنة، فنتبرر ونتحرر من كل الدينوتة. ونيابة المسيح عن كل البشر في دينونة الله كانت هدف تجسده. فعاش ليموت عوضاً عنا. ومحبته لها القدرة العظمى بمقدار أنه جمع خطايا كل الناس في جسده، وثبت رغمها قدوساً. ولا نستطيع إدراك مقدار عذابه، لما عُلق على خشبة الصليب في عاصفة الأوجاع والآلام. قد حجب الله الرحيم وجهه عنه، وسكب على المصلوب كل غضبه، وتركه منعزلاً في ظلمات ومخاوف. ومات الحبيب في الدينونة رغم ثباته قدوساً. وكان الكهنة يأخذون من دم الحيوانات المذبوحة، ويرشون منها على التائبين رمزاً لتطهيرهم من الخطايا. أما نحن في العهد الجديد فلا نستعمل الدماء الحمراء ونرشها على الناس، بل نؤمن بقدرة دم المسيح المسفوك لأجلنا، ونتحد معاً روحياً، ونختبر في صميم ضمائرنا، أن هذا الدم له قدرة تطهيرية أكثر من كل عوامل الدنيا، وأكثر من كل دماء الذبائح الماضية. إن المسيح مولود من روح الله، وأصبح إنساناً ثابتاً في انسجام مع الروح القدس حتى آخر لحظة موته على الصليب. فهكذا يكون دمه قدوساً وإلهياً وقادراً وقوياً ليطهر ضمائرنا بالتمام. ولا يوجد أي طبيب نفساني يستطيع أن يحل عقد حياتك. ولا ساحر يقدر أن يحررك من سلطة إبليس. دم المسيح وحده يقدر أن يطهرك تطهيراً مطلقاً، ويخلصك من كل رباطات الشرير، ويبررك أمام الله، ويقدسك في مصادر نواياك حتى يتغير فؤادك ويتجدد ذهنك. هل تريد أن تصير إنساناً صالحاً، أو تفضل البقاء شريراً نجساً؟ أتريد تكريس نفسك لله أو للشيطان؟ فإن تريد أن تطلب ربّك، نقترح عليك أن تتأمل في قدرة دم المسيح، وتؤمن بالمصلوب. فيحل روح دمه فيك، ويؤكد لك أنك صالح بواسطة إيمانك بالمسيح. وإننا نجد سراً عظيماً في هذا الدم المسفوك. فمنذ سفكه تمت المصالحة بين الله والناس. ولا حاجة بعدئذ إلى ذبح الحيوانات البتة. إن ذبيحة المسيح مرة واحدة لهي كافية إلى الأبد. ولا يظهر الله أمامنا كقاضٍ غاضب، ولا نرتعب من إتيان يوم الدين، إنما نفرح لأجل التقائنا بالله، ونتمنى مجيئه، لأنه سيكون معنا لأجل ذبيحة المسيح. ومن هذه المصالحة تحل قوى إلهية في المؤمن، وروح المسيح يساعدك لتدرك حقوق وامتيازات هذا الدم. وهذا الروح المبارك الذي اشترك بإكمال ذبيحة المسيح، يشهد بصوته الحنون في ضميرك، إنه: «مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ» (لوقا ٥: ٢٠). والله لا يذكر معصيتك فأنت بار، لأجل إيمانك بحمل الله. ولا يقبلك الله لأنك صالح في ذاتك أو تضحي بتبرعاتك أو لأجل صلواتك وتقواك. كلا! إنما يقبلك لأجل نيابة المسيح عنك، ولأن إيمانك به وحدّك بحقوقه، وتبناك وأصبح لك أباً. ففي ذبيحة المسيح انتهى الانفصال بينك وبين الله شرعاً وجوهراً. فلست منفرداً في الدنيا والآخرة، وقد انتهى خوفك من يوم الدين. كيف تشكر الله لفداء المسيح؟ وهل تحب المصلوب لأجل ذبيحته عنا؟ وكيف تجاوب الروح القدس في قلبك. تعال إلى الله، وانفصل من الفساد، لأن دم المسيح طهرك واختارك، وعيّنك لخدمة الله. فكل مؤمن بالمسيح يصبح خادماً في سبيل المحبة وكاهناً أمام الله المحب، ويبارك كل الناس ويدعوهم إلى شركة القدوس. فانظر جيداً إن دم المسيح لم ينزل لأجلك فقط، بل لأجل كل الخطاة، بدون تمييز عنصري أو ديني أو ثقافي أو اجتماعي. فالله يحب كل الناس منذ أطفأ المسيح غضبه على الصليب. والابن الإلهي برر الجميع بموته وفتح لنا عصر النعمة. والروح القدس يدفعنا لنشهد بسلطان هذا الدم الفريد. وكل مسيحي حق، هو شاهد لحقيقة هذا التطهير في ضميره. وإذا تقدس قلبك وتطهر ذهنك وحفظ جسدك يشعر الناس حولك أن: «مَحَبَّةَ اللّٰهِ قَدِ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنَا» (رومية ٥: ٥). فأيها الأخ المؤمن، يجب أن تتذكر كل يوم من جديد، كيف يطهرك دم المسيح من كل إثم ومن كل علة، ويقدس أفكارك وأحلامك وشعورك الباطني، ويحررك من كابوس الأرواح المضادة لله. سلّم نفسك لقدرة هذا الدم، فتختبر عجائب فيك وحولك. وكل العقد في نفسك، تنفك بقدرة هذه الذبيحة. ويزول الكذب من لسانك ويظهر في سلوكك التطهير العظيم، فتصبح إنساناً مقبولاً عند الله والناس. وقد انكسرت كبرياؤك وأنتهت أنانيتك، لأن نظرتك إلى ذبيحة المسيح خلقت فيك فكر التضحية. فلا تعيش لنفسك فيما بعد، بل تحب أعداءك، كما أحب المسيح قتلته، لما صرخ على الصليب قائلاً: «يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ» (لوقا ٢٣: ٣٤). وكما سامح ربك كل الخطاة، هكذا فأحب كل الناس باسم المسيح، لأنه قد سفك دمه لأجلهم. هل تحقد على إنسان ما ولا تريد رؤيته؟ فأحبه لأن لأجله سفك دم المسيح، الذي يريد أن يخلصه. هل تطلب الله؟ فضع نفسك تحت قوة دم المسيح المطهرة، فتختبر إمكانياته وتتتغير إلى أخلاقه. لأن دم المسيح يقرّبك من الله، ويثبتك في شركته. وإن أردت فصلّ معنا صلاة الشكر والإيمان: أيها الرب يسوع المسيح، نشكرك لأنك ولدت إنساناً، وثبت طاهراً، ورفعت خطايانا. وأحببتنا، حتى احتملت غضب الله عوضاً عنا. أنا عارف قلبي، فأعترف بذنوبي. لا ترفضني بل غسلني بدمك من خطاياي. أنا الخاطئ وأنت المخلّص. أنا أؤمن ان دمك يطهّرنا من كل إثم. وأشكرك لفعالية ذبيحتك، فأطهر وأتقدس لخدمة الله إلى الأبد آمين. يسوع المسيح يحبكم جميعاً هو ينبوع الحياة وإلى الأبد |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|