إذاً نسعى كسفراء عن المسيح، كأن الله يعظ بنا. نطلب عن المسيح: تصالحوا مع الله ( 2كو 5: 20 )
استخدم الرسول بولس تشبيهاً ليصوِّر للمؤمنين في كورنثوس ـ ولنا معهم ـ مقام ودور رسل المسيح، والمؤمنين عموماً. وهذا التصوير واضح أنه ينطبق علينا نحن أيضاً اليوم.
كسفراء نحن دائماً غرباء: إن طبيعة عمل السفير تدفعه للعمل بعيداً عن وطنه، وطالما كان يعمل سفيراً، فإنه دائماً غريب في أي بلد كان. وفي رسالته الأولى أشار الرسول بطرس إلى المؤمنين كثيراً بالقول «غرباء». وقد حرّض القديسين قائلاً: «سيروا زمان غربتكم بخوف»، ثم أضاف «أيها الأحباء أطلب إليكم كغرباء ونُزلاء أن تمتنعوا عن الشهوات الجسدية التي تحارب النفس» ( 1بط 1: 17 ؛ 2: 11).
وكسفراء عن الرب يسوع المسيح فإننا نعمل تحت قوانين مختلفة يضعها هذا العالم الذي نعيش فيه: فقد تختلف وظائفنا ومكانتنا في العالم، وقد يختلف تقديرنا لِما فيه. على أن الخطر العظيم يكمن في أن نميل إلى قيم هذا العالم ومبادئه، فلا نعود نعيش فيه كغرباء. ويا لوضوح وقوة كلمات الرسول «لا تشاكلوا هذا الدهر (العالم) بل تغيروا .. بتجديد أذهانكم» ( رو 12: 2 ). فهل استخدامي كمؤمن للوقت والمال والطاقة، يتوافق مع دعوتي للحياة كغريب في هذا العالم.
كسفراء نحن مسئولون أمام المسيح: فرغماً عن كون السفير يعيش في بلد غريبة، إلا أنه يتلقى التعليمات من حكومته، كما أنه مسئول أمامها. والمرء دائماً يجد نفسه مسئولاً مسئوليات معينة أمام بعض المُحيطين به: مثل الزوجة، والعائلة والأصدقاء، والمؤمنين، وزملاء العمل ... على أنه وسط هذه المشاعر المشروعة تجاه كل هؤلاء يجب ألا ننسى أننا سفراء عن المسيح، وأن كلاً منا مسئول لدى ذاك الذي معه أمرنا ( عب 4: 13 ).
كسفراء نحن نعمل بعقد مُحدد المدة: ووظيفة السفير لا تعني أنه سيستمر هكذا بلا نهاية، فقد يستدعي السفير إلى بلاده في أية لحظة لظروف التقاعد والسن، أو لأية أسباب أخرى. وعند ذلك تنتهي إرساليته. ويا له من مصدر للتشجيع والتعزية والبهجة، أن الله لا يفكر إطلاقاً في أن يترك مؤمناً واحداً على الأرض إلى الأبد. وعندما تنتهي وظيفتنا هنا على الأرض، فإننا لحظتها نُستدعى إلى وطننا الأصيل. ويا له من فرح، ويا لها من أمنية!!