رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إشعياء – الإصحاح السابع
خلاص آحاز والخلاص المسيـــانى كان آحاز من أشر ملوك يهوذا ، عرف بالرياء والجبن ، أجاز إبنه فى النار وقدم ذبائح للأوثان فى المرتفعات وتحت كل شجرة خضراء . فى بدء حكم آحاز تحالف آرام مع إسرائيل ( افرايم ) ضد يهوذا ، وقاما بالهجوم عليه فقتل فقح ملك إسرائيل 120 ألفا فى يوم واحد بينما أسر رصين ملك آرام الكثيرين . أراد الأثنان فتح أورشليم لكن الله حفظها ، وقد طمأن آحاز على لسان إشعياء بالرغم من فساد آحاز ، معلنا اهتمامه بخلاص شعبه ومدينته . انتقل إشعياء من هذا الخلاص الزمنى إلى الحديث عن الخلاص الأبدى الذى يحققه عمانوئيل المسيا . ( 1 ) تحالف رصين وفقح ضد آحاز فى بدء حكم آحاز تحالف رصين ملك آرام مع فقح بن رمليا ملك إسرائيل ضد يهوذا ( إش 7 : 1 ) . هجم الأول من جهة شرق الأردن بينما اندفع الثانى بجيوشه من الشمال ، وانهزم آحاز . صعدا إلى أورشليم العاصمة لمحاصرتها ، لكنهما لم يستطيعا اقتحامها . أما سبب المعركة فهو اختلاف آحاز عن الملكين الآخرين سياسيا ، فقد رأى آحاز أن يتحالف مع آشور بينما رأى الملكان أن يتحالفا مع مصر . وجد آحاز نفسه فى مأزق ، فطلب معونة فلاسر ملك آشور ، الذى أسرع نحو دمشق حيث قتل رصين ( 2 مل 16 : 9 ) ، وهكذا فعل أيضا بالسامرة ( 2 مل 15 : 29 ) . ( 2 ) خوف آحاز : إذ عرف آحاز أن آرام حل فى افرايم ( المملكة الشمالية أو إسرائيل ) للتحالف معا ضده: " رجف قلبه وقلوب شعبه كرجفان شجر الوعر قدام الريح " إش 7 : 2 . لقد أدرك آحاز وشعبه عدم قدرتهم على مواجهة آرام وإسرائيل ، أما علة خوفهم الحقيقى فهو عدم إيمانهم بالله كسند لهم قادر أن يحصنهم ويهبهم النصرة . لقد فقدوا سلامهم الداخلى بانعزالهم عن الله مصدر الغلبة والسلام . ( 3 ) إشعياء يطمئن آحاز : اضطرب آحاز جدا ، لأنه أسقط من حساباته عنصر الإيمان أو " الوجود الإلهى " فلم يناد بالتوبة والرجوع إلى الله ، ولا ذهب إلى الهيكل ليضع الأمر بين يدى الله ، ولا أرسل إلى إشعياء النبى يستشيره ، إنما استخدم الوسائل البشرية من إلتجاء إلى آشور لحمايته ، وخروجه إلى طرف قناة البركة العليا ( إش 7 : 3 ) غرب أورشليم على رأس وادى ابن هنوم يختبر مع رجال الدولة موارد المياة ليحولونها إلى المدينة تنتفع بها أثناء الحصار المرتقب ولحرمان العدو منها ( 2 أى 22 : 3 ، 4 إش 22 : 9 – 11 ) كما كان يباشر تحصين المدينة قدر المستطاع . مع هذا كله تدخل الله ليس من أجل آحاز وإنما من أجل القلة القليلة المقدسة من شعبه ، ومن أجل داود عبده ومدينته العزيزة لديه . لقد طلب من إشعياء أن يخرج لملاقاة آحاز ومعه شآرياشوب [ = البقية سترجع ] بكونه علامة وأعجوبة فى إسرائيل ( إش 8 : 8 ) ، مؤكدا له : " احترز وأهدأ ؛ لا تخف ولا يضعف قلبك من أجل ذنبى هاتين الشعلتين المدخنتين بحمو غضب رصين وآرام وأبن رمليا " إش 7 : 4 . التقى النبى وابنه مع الملك عند البركة ليعلن الله للملك أن الخلاص لن يتم بالتخطيط البشرى والإمكانيات الزمنية وإنما بعمل الله الفائق وعنايته نحو أولاده . التقى النبى مع الملك عند البركة ليؤكد له أن الله يريد أن يتحدث مع البشرية أينما وجدوا ، يلتقى مع لاوى عند مكان الجباية ومع زكا عند شجرة الجميز ومع السامرية عند بئر يعقوب الخ .. هو يبحث عنا ويذهب إلينا أينما وجدنا مشتاقا إلى خلاصنا أكثر من إشتياقنا نحن إليه . طلب الله من آحاز ألا يخاف ولا يضعف قلبه ، للأسباب : أ – أن العدوين ليسا إلا شعلتين مدخنتين ، قد تعكر الجو ولكن بلا نار ملتهبة لتحرق . عدو الخير قوى وجبار فى المظهر لكنه يصغر جدا ويضعف تماما أمامنا إن اختفينا فى المسيح الغالب لإبليس وكل قواته . ب – عدم نجاح مؤامرة الأعداء : قام الملكان بمؤامرة شيطانية خفية لكن الله المدرك كل الخفيات أعلنها حتى يحتاط الملك آحاز بالرغم من شره وغبائه . يقول الرب : " لا تقوم ، لا تكون " إش 7 : 7 . قد ينجح العدو فى البداية حاسبا أنه يحقق أهدافه الشريرة ، لكن الرب يشتت المستكبرين بفكر قلوبهم ( لو 1 : 51 ) . جـ - لن يقدر آرام أن يتوسع كما ظن إنما يلتزم حدوده : " لأن رأس آرام دمشق ورأس دمشق رصين " إش 7 : 8 . هكذا مهما حارب رصين فسيعود إلى دمشق ولا تتسع مملكته على حساب يهوذا كما يظن . أما بالنسبة لأفرايم ففى مدة 65 سنة ينكسر حتى لا يعود يحسب شعبا ( إش 7 : 8 ) . ختم النبى حديثه بقوله : " إن لم تؤمنوا فلا تؤمنوا " إش 7 : 9 . فإنهم ما لم يؤمنوا بالوعد الإلهى ويثقوا فيه متكلين على ذراع الرب لن يثبتوا فى هذه الظروف القاسية الصعبة . الإيمان هو الدرع ( 1 تس 5 : 8 ) الذى يحمينا من ضربات العدو . ( 4 ) آحاز يرفض طلب آية : قدم الله لآحاز كل إمكانية للخلاص ، لكن قلبه كان قد تقسى تماما فوثق فى أشور لا الله . ومع ذلك فإن الله فى حبه ولطفه عاد يتحدث معه خلال إشعياء النبى قائلا : " اطلب لنفسك آية من الرب إلهك ؛ عمق طلبك أو رفعه إلى فوق " إش 7 : 11 . وكأنه يقول له : لماذا تطلب عونا من أشور الغريب ، أنا هو إلهك مستعد أن أؤكد لك مواعيدى بآية من الأرض أو من السماء ، فأنا إله السماء والأرض . أطلب ما تريد وأنا أعطيك . أطلب أن تحدث زلزلة أو انشقاق للأرض كما حدث مع قورح وجماعته ، أو اطلب بروقا أو رعودا أو أمطارا أو علامة فى الشمس كما حدث مع يشوع حيث توقفت الشمس . فإننى وإن كنت لا أحب تقديم آيات للأستعراض إنما من أجل حبى لبيت داود ولكى تؤمن بى أعطيك سؤل قلبك . أما آحاز فقد صوب نظره نحو أشور ، رافضا أية معونة من قبل الله ، لذا رفض طلب آية منه ، مبررا ذلك بنص كتابى : " لا أجرب الرب " إش 7 : 12 ( تث 6 : 16 ) . لم يقل هذا عن ثقة فى الله وإنما رغبة فى عدم التعامل معه . هذا الفصل يقرأ فى باكر من يوم الجمعة من الأسبوع الثانى من الصوم الكبير حيث تركز القراءات على " تجربة السيد المسيح " . وكأن روح الرب يؤكد أنه فى كل العصور يوجد أشرار يرغبون فى تغطية شرورهم بنصوص كتابية ، حتى الشيطان نفسه فى حواره مع السيد المسيح عند التجربة استخدم ذات الأسلوب . ما أخطر إساءة استخدام كلمة الله ! كان آحاز مخادعا فى إجابته حتى على الرب ، لهذا وبخه النبى قائلا : " اسمعوا يا بيت داود ؛ هل هو قليل عليكم أن تضجروا الناس حتى تضجروا الهي أيضا ؟! " إش 7 : 13 . لقد تضجر الناس بسبب مظالم آحاز وأهل بيته وها هم كمن يضجرون الله بعدم إيمانهم به متكلين على أشور لا الرب . ( 5 ) الآية الإلهيــــة : عمانوئيـــــل ... ها هو الرب يقدم نفسه آية لا لآحاز وإنما لكل البشرية لنطمئن أنه يخلصها لا من الأذرع البشرية وإنما من كل قوات الظلمة الشريرة ، يرفعها فوق الأحداث الزمنية ويحملها معه إلى الأحضان الأبوية . وفى نفس الوقت يطمئن آحاز أن بيت داود لن يسقط تماما ، إنما يأتى إبن داود " الآية العجيبة " القادر أن يقيم خيمة داود الساقطة . الآية التى يريد الرب أن يهبها لكل مؤمن هى أنه يعطى ذاته " عمانوئيــــل " .. حقا إنها آية فريــــدة ، كما يقول القديس يوحنا الذهبى الفم : [ لما كان ما هو مزمع أن يحدث أمرا غريبا لكثير من أن يصدقوه حتى عندما يتحقق لهذا أرسل أولا وقبل كل شىء أنبياء يعلنون عن هذه الحقيقة ] ... أ – " ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل " إش 7 : 14 . من الواضح للجميع أنه لم يولد أحد فى جنس ابراهيم من عذراء أو قيل عنه ذلك إلا مسيحنا.. بتولية القديسة مريم حقيقة إنجيلية .. تخفى إيماننا فى المسيح يسوع ابنها أنه ليس من زرع بشر .. فإن كلمة الله عند تجسده لم يبال بنوع الموضع الذى يضطجع فيه ( المذود ) ، أو الملابس التى يتقمط بها ، أو الطعام الذى يقتات به ، لكنه حدد بدقة " العذراء " التى تصير له أما . الكلمة العبرية المستخدمة لعذراء هى " آلماAlma " وليس " بتولية " ولا " ايســا " ، فإن كلمة " آلمــا " تعنى عذراء صغيرة يمكن أن تكون مخطوبة ، أما " بتولية " فتعنى عذراء غير مخطوبة بينما إيســا تعنى سيدة متزوجة . وكأن كلمة " آلمــا " تطابق حالة القديسة مريم تماما بكونها عذراء وفى نفس الوقت مخطوبة للقديس يوسف الذى كان لها مدافعا وشاهدا أمينا على عفتها ، بوجوده ينتزع كل ريب أو ظن حولها . تحدث حزقيال النبى ( 44 : 1 – 2 ) عن بتولية القديسة مريم : + حزقيال شهد وأظهر لنا هذا ، قائلا : إنى رأيت بابا ناحية المشارق ، الرب المخلص دخل إليه ، وبقى مغلقا جيدا بحاله . أبصالية آدم يوم الأحد + ميلادك الإلهى يارب قد وهب البشرية كلها ميلادا .. ولدتك البشرية حسب الجسد ، وأنت ولدتها حسب الروح .. المجد لك يا من صرت طفلا لكى تجعل الكل جديدا . القديس مار إفرام السريانى ب – " زبدا وعسلا يأكل متى عرف أن يرفض الشر ويختار الخير " إش 7 : 16 . هنا يؤكد النبى ناسوت السيد المسيح ، فمع كونه ليس من زرع بشر لكنه صار بحق ابن الإنسان ، يشاركنا أكلنا وتصرفاتنا ويشابهنا فى كل شىء ما خلا الخطية وحدها ( عب 2 : 7 ) . الزبد والعسل هما طعام الصبية الصغار ، فإنه لن يبلغ الرجولة دفعة واحدة ، إنما يجتاز مرحلة الصبوة ، خلالها يعرف أن يرفض الشر ويختار الخير علامة نضوج نفسه وفكره . نراه فى الثانية عشرة من عمره يجلس وسط المعلمين يسمعهم ويحاورهم حتى بهتوا من تعليمه ( لو 2 : 46 ، 47 ) . هذا تحقق بالنسبة لربنا يسوع المسيح المولود وحده من العذراء ، أما بالنسبة لما تم فى أيام آحاز فقد أعلن الله عن ميلاد ابن لأشعياء ، قيل عنه : " لأنه قبل أن يعرف الصبى أن يرفض الشر ويختار الخير تخلى الأرض التى أنت خاش من ملكيها " إش 7 : 16 . تحقق ذلك بدقة إذ هاجم ملك أشور دمشق بعد إعلان هذه النبوة بفترة قصيرة وقتل رصين ( 2 مل 16 : 9 ) كما قتل هوشع بن إيلة فقح بن رمليا وملك عوضا عنه ( 2 مل 15 : 30 ) ، وأعيد 200000 أسير بسرعة ، وذلك لا بالقوة ولا بالقدرة بل بروح الرب ( 2 أى 28 : 8 – 15 ) . ( 6 ) أشور الحليف يصير عدوا : إذ يتكىء آحاز على أشور كحليف له دون الرجوع إلى الرب لهذا يسمح الله أن ينقلب آشور عدوا ضد يهوذا ، ويجتاز يهوذا مرارة لم يسبق له اجتيازها منذ انقسمت المملكة إلى مملكتين " إسرائيل ويهوذا " ( إش 7 : 17) ، وفى نفس الوقت يرى أياما صعبة من جهة مصر فيصير يهوذا بين حجرى رحا ، لا بمعنى أن يتفق أشور ومصر ضده ، وإنما يتصارع الأثنان ضد بعضهما ويكون يهوذا هو كبش الفداء للأثنين ، فى أرضه تحدث المعارك والصراعات . " ويكون فى ذلك اليوم أن الرب يصفر للذباب ( جيوش مصر ) الذى فى أقصى ترع مصر ، وللنحل ( جيوش أشور ) الذى فى أرض أشور ، فتأتى وتحل جميعها فى الأودية الخربة وفى شقوق الصخور وفى كل غاب الشوك وفى كل المراعى ( أى تغطى الجيوش كل بقاع يهوذا ) إش 7 : 18 ، 19 . هذا ويصور الرب الخراب الذى يحققه أشور بموسى مستأجرة تحلق شعر الرأس وشعر الرجلين واللحية ( إش 7 : 20 ) . وكأن العدو يمد يده كما بموسى ليمسح كل ما لدى الملك وأهل بيته والعظماء ( الرأس ) وما لدى عامة الشعب ( الرجلين ) وأيضا الكهنة ( اللحية ) . هكذا يتحول أشور إلى موسى مخرب ومحطم ! حلق اللحية كان علامة المذلة إذ كان الأسرى يلتزمون بذلك لا إراديا . مرة أخرى يعطى صورة لخراب يهوذا التى اشتهرت بتربية الأغنام ، فكان كل إنسان يملك الكثير من الرؤوس ، لكن بعد الخراب يصير للمقتدر عجلة بقر وشاتين ( إش 7 : 21 ) ، وتتحول الكروم الجيدة إلى أرض للشوك والحسك ( إش 7 : 23 ) ، إذ لا توجد أيد عاملة بسبب الحرب ... |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
آحاز يرفض طلب آية |
يا والدة الإله يا أم الرحمة والخلاص، تشفعي من أجل خلاص نفوسنا |
آحاز |
النور مجاش |
آحاز |