رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أنواع من القيادة القس رافائيل ثروت قائد يتحدى صاح جليات قائلاً : " اختاروا لأنفسكم رجلاً ولينزل إلىَّ فإن قدر أن يحاربنى ويقتلنى نصير لكم عبيداً وإن قدرت أنا عليه وقتلته تصيرون أنتم عبيداً وتخدموننا ... أنا عيرت صفوف إسرائيل هذا اليوم " ( 1صم 8:17-10) . ظل جليات يكدر الإسرائيليين بتحديه ستة أسابيع وصفوف جيش شاول يخلون مواقعهم القتالية خائفين حائرين . ولا عجب فقد كان طول جليات أكثر من تسع أقدام وعلى رأسه خوذة من نحاس ، وعلى رجليه جرموقان نحاسيان ( درعان تغطيان الساق) ومزراق نحاس ( رمح قصير ) يتدلى بين كتفيه وكانت قناة رمحه أشبه بنول النساجين ورأسه الحديدى وحده يزن سبعة كيلوجرامات. كيف تربع جليات على سدة القيادة ؟ بالإستناد إلى الطب الحديث يرجح أن فرط الإفراز فى غدده النخامية فى أثناء فترة المراهقة أدى إلى تعاظم طولى فى عظامه على نحو شاذ . وبفضل هذا الخلل الجينى أتيح له أن يشق طريقه للقمة . وقد أوصل للإسرائيليين والفلسطينيين بما أبداه من تبجح ومفاخرة أن حصيلة المعركة تترتب على ضخامة بدنه والظاهر أن كلا الجيشين وقد سحرتهما إدعاءاته نسياً ما يكسب المعركة فعلاً : من الخطط والتنظيم و ... إلا أن داود أستطاع أن يستشف من وراء تبجح جليات وتباهيه هشاشة القوة التى قامت عليها قيادته فلما واجهه داود ودعاه إلى تنفيذ تهديداته محارباً إياه بالحجر والمقلاع بدلاً من السيف والرمح تبدد تفوقه المزعوم وإذ افقدته ضربة الحجر صوابه هوى أرضاً وتفرقت من حوله شظايا إدعاءاته هباءاً منثوراً . وقائد يتردى لماذا لم ير شاول ما رآه داود خلف قناع جليات ؟! ... الإجابة هى الخوف ... واضح أنه كان منهار المعنويات ذلك أن شاول شأن رجاله كان قد انخدع بأكاذيب جليات ولم يتأت له أن يفكر إلا بلغة القوة البدنية فلم ير أحداً يعرفه من الضخامة والقوة والشجاعة بحيث يقوى على مقاتلة جليات . ومع أن شاول كان قد استمد ثقته وقدرته من الله فى بادئ الأمر فمن لحظة توليه السلطة لم يعد يصغى إلى أحد وانقطع عن تلقى مشورة صموئيل الحكيمة فى الشئون الدينية والسياسية . ابتدأ متواضعاً لكنه انقلب متكبراً ... وتخطى حدوده فإضطلع بمهمات ليست من شأنه . وغدت الممتلكات المادية بالغة الأهمية فى نظره فأثرت بشدة فى أحكامه ( 1صم 9:15-31 ) . ولما أدرك أخيراً حقيقة ما يدور اقتصر همه على حفظ ماء وجهه ( 1صم 30:15 ) . وها هوذا الآن وقد إنهارت معنوياته أمام جليات فبات عاجزاً عن قيادة شعبه إلى الإنتصار . وقائد يترقى تميز داود يوم ذاك عن جميع من حوله برفضه الإنخداع فى حقيقة الأمر وأبدى ذلك بقوله : " من هو هذا الفلسطينى الأغلف حتى يعير صفوف الله الحى " ؟ ( 1صم 26:17 ) . فداود رأى مكمن الداء . فالمشكلة الحقيقية لم تكن فى الظروف الملموسة التى أثارتها ضخامة جثة رجل واحد بل كانت فى الأحوال النفسية المحسوسة التى نمت عنها مواقف الإسرائيليين. ذلك أنهم فقدوا الإيمان بالمواعيد التى قطعها لهم الله. وهنا الطامة الكبرى . وقد رأى داود ما رأه كل واحد غيره لكنه رآه من زاوية مختلفة . فأبى أن ينساق مع الجماهير منخدعاً ونفذ إلى ذلك العامل المهم الوحيد الذى يتأتى له أن يغيره فيتغير معه كل شئ . كذلك أفاد داود من استخدام الحكمة العملية المستمدة من الحوادث السابقة " الرب الذى أنقذنى من يد الأسد ومن يد الدب هو ينقذنى من يد هذا الفلسطينى " ( 1صم 37:17 ) . إن الخبرة بحد ذاتها لا تأتى الحكمة ولا تضمن النجاح ولكنها كفيلة بذلك إذا أحسنا الإفادة منها ، فقد استعاد داود ذكرى اختباره السابق الذى انطوى على خوف وخطر وتجلت فيه الحماية الإلهية وأسقط بكل دقة خطوط الإختبار القديم المعهود على وضع جديد إيماناً منه بأن الله قد أنقذه من الأسد والدب فلابد أيضاً من أن ينقذه من جليات . ولما كان الله قد أعانه لإنقاذ قطيعه فمن المؤكد أيضاً أنه سيعينه لإنقاذ أمته مادام هو يقوم . بما يريد الله منه أن يفعله . وقد كتب داود فيما بعد : " سلم للرب طريقك واتكل عليه وهو يجرى ويخرج مثل النور برك وحقك مثل الظهيرة " ( مز 5:37-6 ). عزيزى الخادم ... هل لك هذه الخبرة الإيمانية والثقة فى مواعيد الله لك ؟! كذلك كانت لداود الشجاعة التى افتقر إليها شاول . فمع أن أحداً لم يشجعه على القيام بما نواه ونهاه الجميع - بمن فيهم الملك شاول - عن الإقدام على الأمر فقد التزم أن يمضى فى سبيله وحيداً متجاهلاً آراء من حوله وغير عابئ بسخرية أخيه الأكبر إذ شك فى دوافعه واتهمه بأنه ترك أغنامه فى البرية ليأتى ويراقب المعركة المشوقة . ولما رأى شاول أن داود عازم على مقاتلة جليات حاول أن يعلمه كيف يكون ذلك غير أن داود رفض هذه المساعدة الصادرة عن حسن نية وأصر على البقاء ضمن حدود اختباره وقدراته التى يثق أنه يحسنها فألقى سلاح شاول الثقيل جانباً وتسلح فقط بمقلاعه وحجارته . وبعد أن أصاب جليات بالحجر استعمل داود سيف عدوه فقتله وقطع رأسه وفيما بعد أضافه إلى أسلحته . كان ذلك اليوم مشهوداً بالنسبة إلى داود فقط سلطت عليه الأضواء بصورة باهرة ولكن الأهم أنه أظهر فيه صفات عتيدة أن تتبلور فيما بعد كما زوده باختبار سوف يستفيد منه العبر التى تغنى حكمته وعزز أعظم موارده أعنى إيمانه بالله ورغبته فى إكرامه . |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
ثق فيه وسلم له القيادة |
دع القيادة له فهو أحق وهو أصح. |
كتاب سحر القيادة |
وعد القيادة الإلهية |
القيادة بالروح |