رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الجمال والإبداع الفني روعة الفن وإبداع الله الحلو " فاض قلبي بكلام صالح. متكلم أنا بإنشائي للملك. لساني قلم كاتب ماهر. أنت أبرع جمالاً ... انسكبت النعمة على شفتيك ... كل ثيابك مُرٌّ وعُود وسليخة ( أنواع مختلفة من العطور الطبيعية الثمينة ) " (مز45 : 1و2و8 ) أخوتي الأحباء في الربفي البدء خلق الله المحبة، الخليقة بإبداع فائق، ووضع فيها ملامحه الخاصة ولمساته المبدعة، حتى تصير لحن هادئ مقدس، يُعَّبر عنه لمحبوبة الإنسان الذي أبدعه على صورته ومثاله !!! _____مقدمة_____لقد وضع الله الإنسان في جنة عدن ليصير فيها اللقاء المحبب جداً في جمال فني مبدع في هذه الجنة المخلوقة في جو جمالي خاص ليليق باللقاء الحلو بين الإنسان والله القدوس ... الله المحب، بكلمته وروحه أبدع الخليقة كلها في انسجام عجيب وتناسق مبدع حقيقي، وأعطى الإنسان أن يكون متطبع بالطبع الإلهي، أي يكون مثله، أي يكون فيه ملامح الله نفسه، فهو الوحيد الذي أُعطيَّ الصورة الإلهية، ولذلك أعطانا الله جميعاً روحه القدوس أن يسكن فينا لأنه جعلنا هيكله الخاص: " أنتم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم " ( كما قال القديس بولس الرسول ) روح الله يسكن فينا، لذلك نرى جمال الخليقة كلها بحس مرهف ونتحقق من بصمات الله في كل ما يُحيط بنا فنحبه ( أي الله ) ويزداد حبنا له، ونردّ الحب بالحب بتسبيح صامت، مُعبرين عنه بصور فنيه مختلفة ... الروح القدس الذي عاد واستقرّ في الإنسان، بصعود ربنا يسوع المسيح، وألهمه اكتشاف الجمال في الخليقة في أروع جمالها الأصيل، فاستطاع الإنسان بكل رؤية ثاقبة وحس عميق، أن يرى الله بوضوح وفي منتهى البهاء، لذلك القديس بولس الرسول الملهم بالروح القدس يقول: [ لأن أموره غير المنظورة تُرى منذ خلق العالم مُدركة بالمصنوعات، قدرته السرمدية ولاهوته ... ] (رومية 1: 20)
1- ما هوَّ الجمال ومعناه:الجمال هوَّ حس باطني، حس مرهف داخلي، يُثير في النفس النشوة والفرح والبهجة، وهو باعث للراحة ويُعطي استرخاء للنفس والجسد معاً، وأيضاً يُعطي لروح الإنسان نشوة خاصة فيتحول الكيان كله لعبادة صامته يتجلى فيها سرّ الشكر؛ فالشكر لا يأتي من فراغ بل من نشوة خاصة تُثار في داخل النفس من مفعول حس باطني أو حس مرهف في الباطن بالجمال.. وما الذي يُحقق الجمال بالنسبة للإنسانالذي يحقق الجمال هو الفن... لأن غاية الفن هو تحقيق الجمال أو بالمعنى المسيحي الأصيل تجلي الجمال بشدة ظهوره، أي العمل على إظهاره بصور مختلفة.. والعامل الفعال فيه هوَّ عمل الروح القدس أي مسحة الروح القدس. الفن هوَّ الامتداد الطبيعي للتجسد في الجمال والبهاء، فمصدره الوحيد هوَّ الفنان الأعظم الذي أبدع الكون كله، الله الآب بشخص المسيح الكلمة المتجسد الذي به كان كل شيء، وهوَّ الذي يشع من خلاله كل وجه من أوجه الجمال الحقيقي، بل وكل ما يصوره الفن، شرط أن يكون الفنان ممتلئ من الروح القدس روح الجمال الحق. فالروح القدس هوَّ الذي يتغلغل في كل شيء. الروح القدس كله نور، وهوَّ ينبوع كل نور. أنه يشع من خلال الجسد والثياب والألوان بل ويغمر كل شيء ضياءً وبهاء.
[ السماوات تُحدث بمجد الله. والفلك يُخْبر بعمل يديه يومٍ إلى يوم يُذيع كلاماً وليل إلى ليل يُبدي علماً...] (مز19: 1-2) فهو الرب الإله الذي يتجلى لنا في روعة الألوان المتآلفة والحركات الهادئة في الطبيعة التي خلقها والتي حركت وجدان كل فنان وأسرته بروعة جمال الخالق المستتر ورائها، فحركت مشاعره وجعلته ينفعل ويقع في تجربه شعورية حتى أنه لم يستطع أن يهدأ بل أنفعل وعَبَّر عن انفعاله بصورة فنيه رائعة تُعبر عن إحساسه المرهف بالطبيعة، واستطاع بسهولة ان يُعبر عما في داخله من مشاعر وأحاسيس لا تُعبر إلا عن روعة الفنان الأعظم الذي خلقنا على صورته، ووضع ملامحه فينا...
من منطلق الكتاب المقدس وبالتحديد سفر نشيد الأناشيد والمزامير، نستطيع أن نقول بكل تأكيد، أن الإنسان أستطاع – بالنعمة – أن يُجسد أحساسة عن اللاهوت أي الله، مستخدماً إحساسه الفني والشعري – بمنتهى الدقة – بحس مرهف ومشاعر فياضة من حب أصيل، الحب المنسكب في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا (رومية 5: 5 )، وعلى الأخص في العهد الجديد، عهد تجديد الطبيعة والميلاد من فوق ونوال سرّ الروح القدس وسكناه، أصبح - كل مسيحي أصيل - قادر أن يفصح عن جمال الله وانسجامه مع البشر وسائر المخلوقات. فالفن، هو فن مصنوع باليد إنما نابع من حركات النفس الممتلئة بالروح، أي الجسد تحرك بالحب وأصبح مملوكاً بروح الله الذي مسح الموهبة ونقاها لتخرج إبداع فني يعبر عن حلاوة مجد الله في الإنسان ... لذلك الفن الكنسي يتطلب من صانعه لأن يكون لاهوتياً من الدرجة الأولى، إنسان يحيا التوبة بكل أتساعها ممتلئ بالروح وحياة التقوى، ويحيا في جو الليتورحيا وشركة الإفخارستيا وكما يقول سمعان اللاهوتي: [ إننا لا نتكلم إلا بما تأملنا فيه، لذلك، كل ما نقوله في اللاهوت يجب ألاَّ يكون مجرد نقل لأفكار وصلت إلينا، بل تعبيراً عن ما تأملنا فيه واختبرناه في عمق ذواتنا ]لذلك الفن الحقيقي والأصيل هو : " صلاة تأمل "، والفنان المسيحي يعتني بنقل حرارة الروح القدس والجو الإلهي الذي يتدفق كالسيل في حياته، ويجتهد في أن يشع إيمانه من خلال عمله الذي يتجرد فيه من نظرته الخاصة للأشياء، بل يُعلن بفنه الأمور كما هي في جوهرها، التي تعكس صورة الله وبهاء مجده التي رآها ولمسها بنفسه وعملت بالسرّ في أعماق قلبه من الداخل، وخُطت على جدران قلبه بنور الله وعمل الروح القدس ... عموماً الفن هو الوجه المنظور لعمل الله غير المنظور في أعماق القلب البشري بالروح القدس. فالفن مرآة التجسد الإلهي – في الكنيسة – والمثل الظاهر الحي لإعادة المادة إلى ما أراده الله منذ البدء من بهاء وتناسق وانسجام لتعكس صورته أمام الجميع في صمت المحبة التي تنطق بها .
يا أحبائي، لا تنظروا إلى أنفسكم وكم أنتم ضعفاء أو خطاة، بل أنظروا إلى شخص المسيح الحي وملامحه التي فيكم، فأنتم جديرين بالله لأنكم صورته ومثاله بل وأبناءه ...لو كنا نشعر بخطيئتنا الثقيلة، فلنأتي إليه لأنه هو بحر غفراننا الأبدي، لا تصدقوا أنفسكم وتظنوا أنكم غير مقبولين عنده، هذا خداع الشر الزائف، فإن أردتم يسوع تمسكوا به واصرخوا إليه قائلين: لن نتركك أبداً مهما كنا في ضعف أو مرض أو موت أو خسارة كل شيء حتى كل ما نملك، حتى ولو كنا أموات بالخطايا وفي قبر الشهوة، بل سنمسك فيك يا ربنا حتى تنزل إلينا في قبرنا هذا لأنك ستُقيمنا حينما تأتي إلينا، فتعالى إلينا واعبر وأعنا... لا تجعلوا مواهبكم بعيدة عن مسحة الروح القدس بل تقدموا لله بتوبة وإرادة واعية وبإصرار أن تتمسكوا به للنفس الأخير، ودعوه يمسح مشاعركم ومواهبكم وكل حركات نفوسكم بالروح القدس لنقوم - الآن - بثورة على أنفسنا ولا نكف قط عن مناداته مهما كانت أحوالنا أو ظروفنا أو مشاكلنا الجسدية أو النفسية أو الروحية، ولنتقدم للكتاب المقدس والإفخارستيا والصلاة بكل حب وإصرار وبلا توقف، وإن توقفنا لا نخور بل نعود نمسك به مرة أخرى بإصرار .
كونوا جميعاً معاً معافين باسم الثالوث القدوس |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|