رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأمانـــــــــــــةπίστις 1 - مقدمــــــة: أن كلمة [ إيمان وأمانة ]، هما كلمتان كثيرتان الورود في الكتاب المقدس، فهما ترتبطان بالعلاقة بين الله والإنسان على مستوى خاص وشخصي للغاية، وتدلان على أمرين متلازمين، لأن إيمان الإنسان يتجاوب في الأساس مع أمانة الله ويستند إليها بل ويُبنى عليها، كما أن من جانب الإنسان يجب أن يؤدي هذا إلى أمانته لله، وهذا كرد على أمانة الله مع المفارقة العظمى ما بين أمانة الله المطلقة وأمانة الإنسان التي تتوقف على نموه الروحي وانفتاح إدراكه على الله الذي يُعلن له ذاته سراً في قلبه ووجدانه الداخلي. ولكي نفهم المعنى بدقة علينا أن نعود لأصل الكلمة ومعناها كما قصدها الكتاب المقدس؛ وتأتي في اللغة العبرية بعدة معاني كالتالي: אָמן sincere, loyal, faithful, devoted, true, honest, fair, level, straightforward, reasonable, loyal, firm, staunch, truthful, constant, true, characteristic, correct, right, valid, proper, to be true or certain صادق، نزيه، ولاء (عنده ولاء)، حريص على أداء الواجب، أمين، صحيح، سليم، طبق الأصل، أو مطابق للأصل، ثابت، مُميز، مُخلص، وفي بالعهد، يقيني، لا ريب فيه، مؤكد כּוּן Direct, explicit, straight, stable, perfect, settled, airtight مستقيم، ثابت، راسخ، قوي، أمين للأصل، صريح، تام، مضبوط، منضبط، كامل، مستقر، مُحكم وفي اليونانية تأتي الكلمة بهذه المعاني: πίστις – πιστεύω – πιστός – πιστόω – σεμνότης True, faithful, sure, trustworthy, trustful إيمان، أمانة، يؤمن, يُأتمن، يُصدق، تصديق، صادق، يُعتمد عليه، موثوق فيه، يقتنع؛ إخلاص، استقامة وتواضع، صراحة ورزانة، وتأتي الكلمة اليوناني - πιστός - في المبني للمجهول: مُعتمد، جدير بالثقة، وفي المبني للمعلوم بمعنى: موثوقية، موضع ثقة أو تصديق. عموماً أهم معنى في اللغة العبرية والذي هو أساس المعنى هو: אֶמֶת وهي تعني الأمانة والثبات في العلاقة بين الأشخاص، وترتكز على الحق والصدق والصراحة، وقد ترجمتها السبعينية بلفظة άλήθεια التي تعني الغير مخفي، أو بمعنى أدق [الحق]، كما سوف نرى في معنى الحق فيما بعد، وهي في اليونانية تأتي بالمعنى الفلسفي للكلمة. فبينما تُركز اليونانية على الناحية الفكرية والعقلية، نجد أن العبرية تُشير إلى ناحية الشركة، إذ أنها ترتكز على العلاقات بين الأشخاص. وتلك العلاقات هي علاقة حق وأمانة. وعلى ضوء هذا المعنى نجد أن العهد القديم يُظهر علاقة الله بالإنسان من الجهة الشخصية، اي العلاقة الخاصة بين الله حسب مشيئته وبين الإنسان، وهي علاقة عهد أساسه أمانة لا تتغير أو تتبدل قط:
ومعناها: الصلاح، الرأفة، النعمة، وتتضمن دوماً معنى الأمانة في محبة الله الصادقة لشعبه. لذلك ترتبط ارتباط أساسي ورئيسي بالعهد، كما يقول إشعياء:
عموماً، تُشير الصفتان [אֶמֶת و חֶסֶד] إلى أن العهد هو في نفس الوقت هبه مجانية (نعمة) ورابطة ثابتة راسخة قوية ممتدة من جيل إلى جيل: [ إلى دورٍ فدورٍ أمانتك ] (مزمور 119: 9)، وعلى الإنسان أن يتجاوب مع هذان الموقفان الذي يتلخص فيهما سُبل الله: [ كل سُبل الرب رحمة وحق لحافظي عهده وشهاداته ] (مزمور 25: 10)، الذي ينبغي أن تتطابق حياته كلها عليهما. فالتقوى البنوية التي هو مَدين بها إزاء الله، سوف يظهر صدقها بالأمانة في المحافظة على تعاليم العهد. ويقول القديس كيرلس الأورشليمي: [ اكتسب الإيمان الذي تتلقاه بالتعليم والكرازة، وحافظ عليه، هذا الإيمان الذي تستودعه إياك الكنيسة الآن، الإيمان الذي يُدعمه كل الكتاب المقدس.. أحفظوها (التعاليم) بتدين خوفاً من أن يُنتزع العدو بعضها، أو يُضعف من قوتها، أو أن يشوه الهرطوقي شيئاً مما سُلِّمَ إليكم. الإيمان هو إيداع الفضة في مصرف (لوقا 19: 23) وهذا ما فعلناه الآن (بتسليم الإيمان). سيُحاسبكم الله عن الوديعة التي عُهِدَ بها إليكم على حد قول الرسول: أوصيك في حضرة الله الذي يُحيي كل شيء (1تيموثاوس 5: 21)، "وفي حضرة المسيح يسوع الذي شهد أحسن شهادة بمحضر بيلاطس البُنطي أن تحفظ هذه الوصية بريئة من العيب واللوم إلى أن يظهر ربنا يسوع المسيح (1تيموثاوس 6: 13 – 14 ] (عن عظات القديس كيرلس الأورشليمي) عموماً نستطيع أن نقول عن حق، أنه على مدى تاريخ الخلاص المُعلن في الكتاب المقدس والذي استمر وامتد من جيل بعد جيل، تظهر أمانة الله ثابتة دون تغيير تجاه خيانة الإنسان المتواصلة، الظاهرة في ارتداده الدائم عن الله ورجوعة لحياة عديمة الفائدة، والتي تظهر في سفر القضاة الذي يعلن خيانة الإنسان صراحة في القول المتكرر [ وعاد بنو إسرائيل ]:
|