رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كيف تكون ناجحا كالملك شاول؟ كان الملك شاول ناجحا جدا، لكن نهايته كانت مؤلمة ومأساوية.. نجح في كثير من الامور العالمية، لكن قضاء الله كان قاسيا وحاسما... وكثيرون كشاول ينجحون بالوصول الى اهدافهم ويلمعون في امور عالمية .. ومع انهم مرفوضون من الله القدير، لكنهم لا يبالون برأي الخالق، لان كل همّهم هو ارضاء الناس، وكل هدفهم هو كسب مدح الناس، محتقرين كلام الرب، فيكون سقوطهم عظيما، وحطامهم أليما. ولا يتعلم احد من الذين يقفون مستغربين من حطام من قبلهم.... والمجتمع اليوم مليء باشخاص امثال الملك شاول الذي ذُكر عنه في الكتاب المقدس، الذين يركضون ويلهثون لينجحون اجتماعيا، مستخدمين كل الوسائل القانونية وغير القانونية احيانا ، وحتى ولو ظلموا الاخرين، ومضحين بالغالي والرخيص لاجل طموحهم الدنيوي. ومع ان الاخرين يستغربون من ذلك، الا انهم يعملون ذات الشيء، وهكذا تسير القافلة، ولا احد تتملكاه الجرأة والشجاعة، ليقف قليلا ويعلن انه سيغير اسلوبه ويضع الابدية اولا، فلا يولي اولوية للامور الزمنية، ويهمه ما يقوله الله اولا، طارحا عرض الحائط الرأي العام الذي يتغير كالطقس وكلام الناس المتناقض.. والملك شاول كان ناجحا ومتألقا اجتماعيا، فقد اجتمعت فيه كل المقوّمات ليختاره الله ليكون قائدا في شعب الله. وعندما بحث الله عن شخص فيه كل الصفات التي يحبها الناس، وكل النواح البراقة التي تلفت انتباه البشر، وجد شاول. فكان طويلا وجميلا ومتسلطّا، مما جذب البعض وارعب البعض الاخر.. نجح شاول بالوصول الى القيادة على شعب الله..مع ان الرب اراد داود ملكا على الشعب، الا ان الشعب احب شاول اكثر، لان يمنح الافتخار والكبرياء للشعب امام باقي الشعوب. وهكذا يمكن الجزم ان شاول نجح في الصعود الى اعلى سلم النجاح الاجتماعي وحاز على احترام الجميع وخضوعهم له فكانوا رهن اشارة بنانه... هل يوجد نجاح اعظم من هذا؟! ماذا يريد انسان نجاحا اعظم من هذا؟! انه نجاح باهر وشامل ودائم.. انه النجاح في احلى صوره.. في ذات الوقت، لم يستطع داود الملك والنبي ان يحرز نجاحا كهذا.. لم يحقق نجاحا كشاول.. مع ان الرب اختاره ملكا واحبه وارضى الله، لكنه لم ينجح كشاول، بل بقي هاربا ومطاردا ومرفوضا حتى انه في الظاهر كان منحوسا في كل ما فعل... بالاضافة الى ذلك، نجح شاول ايضا في نشر الاشاعات ضد داود، حتى انه اقنع الجميع ان داود محتالا ومخادعا، وانه كان يجب التخلّص منه بأسرع وقت ممكن... مع ان داود كان مختارا ومحبوبا من الله الخالق سيد الكون، ومع انه كان موهوبا وكاتبا وشاعرا، وانه انتصر على جليات حين هرب الجميع وارتعبوا، مع كل هذا، نجح وتمكّن شاول من تشويه سمعة داود، ونجح باقناع الجميع ان العدو رقم واحد هو داود. اقنع شاول الجيش والشعب على السواء على انه يجب ترك كل الواجبات والمهمات وتخصيص كل الاوقات والامكانيات والاموال والقوّات ، استخدام كل ما تملكه الدولة لاجل القضاء على داود الذي اختاره الله!.. يجب الاعتراف والاقرار بنجاح شاول. .... غريب حقا.... امر يثير الاندهاش والانشداه... عندما تحدى جليات الجبار شعب الله، ارتعب شاول وجنوده، الى ان تقدّم داود بجرأة والقى جليات ارضا واحرز انتصارا بارعا وعلنيا امام القريب والبعيد... رغم ذلك، نجح شاول باستمالة الجنود والنساء والشعب واقناعهم اقناعا كاملا ان داود هو السبب الوحيد للازعاج والفوضى والبلبلة في الشعب، وانه يجب الاتحاد لاجل التخلّص منه... كيف اقتنع الذين عاينوا ما فعله داود اذ تحدى جليات وانقذ الشعب؟! وكيف اقتنع مّن شاهد بأم عينيه ابداع داود وكتابته للمزامير والاشعار والموسيقى والقدرات والبطولات؟!. كيف اقنعهم شاول، وهم يعرفون جيدا انه اي شاول ارتعب امام جليات وانه مصاب بالجنون، حتى انه كثيرا ما احتاج الى داود ليعزف له فتهدأ اعصابه!؟، وكيف اقنعهم شاول وهو الذي قتل العشرات من الكهنة واهلكهم في الوقت الذي انقذ داود الالاف؟! كيف اقنعهم شاول؟؟!... ان الجواب البسيط والواضح هو انه اقنعهم اولا لانهم مثله جسديون وعالميون ويتمتعون بكل الخصال البغيضة مثله.. ثم اقنعهم لانهم هم ايضا ابغضوا داود ليس لسبب الا حسد وغيرة من داود. والسبب االاخير هو انه اقنعهم لان نجاح شاول العالمي ابهرهم فهذا ما كانوا يتمنوه هم ايضا.... والسؤال الاهم الان هو، هل كان شاول فعلا شخصا ناجحا؟!.. في المقياس العالمي والاجتماعي والبشري، كان ناجحا جدا، اما داود فكان فاشلا ومحتقَرا... لكن المهم هو النهاية، والاهم هو حكم الله الخالق القدير، وليس حكم البشر.. في حكم الله القاضي الاعلى كان واضحا ان علامة الرب لشاول كانت صفرا، وعلامة داود كانت مائة.. عكس البشر تماما.. فعلامة البشر لداود كانت صفرا ولشاول كانت مائة... هل شعب الله اليوم يحكم بمقاييس ومعايير عالمية وجسدية ام روحية الهية؟!، وهل شعب الله اليوم يهب داود علامة صفر ام مائة! وشاول مائة ام صفرا!؟.. وهل نجح شاول اليوم باقناع شعب الله ان داود هو فعلا عدو الجميع، وانه هو اي شاول حبيب الشعب؟! في سفر صموئيل الثاني نقرأ ان شاول نجح ايضا في تدريب اتباعه ليكونوا امثاله، فقد ولد الكثيرين مشابهين له. وحتى بعد وفاته، قام كثيرون وفعلوا ذات ما فعله هو، اذ قد تعلموا منه واعجبهم دوره فتبنّوه لحياتهم... حتى ان بسبب تأثيره، نجح شاول بأن يشجع ابشالوم ابن داود على ان يثور ضد ابيه داود.. نجح شاول فعلا على كل الاصعدة... كيف نجح انسان مشحون بالحقد والحسد والقساوة والانتقام وحياته كانت بلا هدف، كيف احرز كل هذا النجاح؟! نتنفس الصعداء عندما نعلم ان القصة لم تنتهه عند هذا.. لم تنته الاحداث بنجاح شاول الظاهر وفشل داود المرئي... بل تدخّل الله العادل البار، وكشف الحقائق ونزع القناع، فلمعت الحقيقة كما يراها الله، وذاب نجاح شاول كذوبان الثلج عند بزوغ الشمس، وكل ما بناه شاول في عتمات الليل، انهار بين خيوط اشعة الشمس.. انتهت الاحداث بسقوط شاول، هو واولاده سقوطا عظيما على جبل عال بشكل علني امام الجميع.. وبذلك فصل القاضي الاعظم الامر، واصدر حكمه النهائي من دون استئناف... تبخّر نجاح شاول، واندثر قصره الباهر وتحوّل الى فقاعات صابون، وخاب امل كل مَن انخدع بكلامه وصُدم مَن وضع ثقته به..... كانت نهاية نجاحه ماساوية حقا.... وليست النهاية بعد، بل خطّ القلم الالهي، واصدرت المحكمة الالهية العليا حُكماً لا يتغيّر، ينصّ على ان داود كان كل الوقت بحسب قلب الله تماما، حتى انه صار مثالا مطابقا وصورة جميلة لربنا يسوع المسيح في الامه ورفضه وملكه.... فيسوع اليوم مرفوض، والعدو اقنع الناس اليوم، ان المسيح يسوع محتقرا، في الوقت الذي كثيرون اخرون ما زالوا ناجحين .. ستاتي اللحظة وهي قريبة جدا حين يأتي يسوع بمجد عظيم ويسجد له الجميع ويعترف كل لسان ان يسوع هو الرب الوحيد... ليتنا لا ننخدع بالمجد العالمي البرّاق، لان الاهم هو ما يقوله الله، فهيئة هذا العالم تزول، واما مَن يصنع مشيئة الله، فهذا يثبت الى الابد.. بقلم القس ميلاد يعقوب |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
فسوف تكون ناجحا |
أروم أن تكون ناجحا وصحيحا |
اريد ان تكون ناجحا وصحيحا |
كيف تكون ناجحا ...؟ |
كيف تكون أبا ناجحا |