"... وقف يسوع ونادى قائلاً: إن عطش أحد فليُقبل إلىَّ ويشرب. مَنْ آمن بي كما قال الكتاب تجرى من بطنه أنهار ماء حي"
(يو 7: 37 ، 38)
من الإشارة في لاويين23، عدد29 نفهم أنه كان يلحق بعيد المظال، والذي كان سبعة أيام، يوم ثامن. ففي هذا اليوم الثامن وقف يسوع ونادى. لقد وقف الرب ونادى بحقيقتين: الأولى "إن عطش أحد فليُقبل إلىَّ ويشرب"، ولا يزال الرب ينادى. ففي نهاية سفر الرؤيا نقرأ قوله الكريم "مَنْ يعطش فليأتِ، ومَنْ يُرد فليأخذ ماء حياة مجاناً". وما معنى العطش؟ إنه الإحساس بالجفاف والنشوفة، إنه حاجة النفس إلى الارتواء الحقيقي. وتحضرني كلمات محفوظة عن ظهر قلب "تركوني أنا ينبوع المياه الحية لينقروا لأنفسهم آباراً آباراً مشققة لا تضبط ماءً" (إر 2: 13 ) . والعطش هو الحنين إلى الله كما يقول المرنم "كما يشتاق الإيل إلى جداول المياه، تشتاق نفسي إليك يا الله ... متى أجيء وأتراءى قدام الله". ففي الإقبال إلى الرب يسوع والشرب منه، تسديد حاجة النفس إلى الله.
والحقيقة الأخرى "مَنْ آمن بي كما قال الكتاب، تجرى من بطنه أنهار ماء حي". الحقيقة الأولى هي الشركة مع المسيح، والحقيقة الأخرى الشهادة للآخرين. وقد رأينا الحقيقتين معاً في المرأة السامرية. فإنها أقبلت إلى المسيح وشربت، ثم إذ امتلأ الإناء ذهبت إلى مواطنيها وشهدت للمسيح.
وشهادة المسيحي الذي امتلأ إنسانه الباطن بالروح القدس، هي للمسيح الممجد في الأعالي بعد إتمام الفداء الأبدي. في ع38 يشير الرب إلى التعبير "كما قال الكتاب". وأين نجد هذا القول؟ نجده في إشعياء 44 حيث نقرأ "لأني أسكب ماء على العطشان وسيولاً على اليابسة، أسكب روحي على نسلك وبركتي على ذريتك".
ويقول يوحنا البشير تعليقاً أو إيضاحاً لأقوال الرب حيث نقرأ "قال هذا" أي الامتلاء فالفيض "عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه". إن هذا القول "المؤمنون به" لا يعنى الإيمان بالمسيا، بل بابن الله الذي مات وقام ومجَّده الله، كما قال بفمه الكريم "أيها الآب قد أتت الساعة. مجِّد ابنك". وقد تم هذا التمجيد بعد صعوده له المجد وجلوسه في يمين عرش الله. فمن هناك، من قمة المجد، وفي يوم الخمسين "أخذ موعد الروح القدس من الآب" وسكبه على المؤمنين الذين كانوا مجتمعين معاً بنفس واحدة، وامتلأ الجميع من الروح القدس.