![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الشهيدان أغناطيوس وبوليكربس
الشهيدان أغناطيوس وبوليكربس (القرن الثانى الميلادى) القمص تادرس يعقوب ملطى كاهن بكنيسة مارجرجس باسبورتنج تلميذ يوحنا الحبيب أفاح أغناطيوس النورانى خلال التاريخ رائحة المسيح الذكية اذ شهد للمسيح بسيرته الطيبة ورعايته الصالحة النابعة عن قلب محب ، واشتياقه الشديد نحو تقديم جسده ذبيحة لأجل يسوع الذى أحبه . وقد ترك لنا رسائل تعتبر ذخرا بين كتابات الآباء القديسين الأولين. ويعتبر أغناطيوس اسقف انطاكية وزميله بوليكربس الشهيد اسقف مدينة سميرنا ( أزمير )من اعظم تلاميذ يوحنا الحبيب وقد كان أغناطيوس يكبر عن بوليكربس في السن كثيرا, حتى أنه عندما كان يوجه اليه الكلام, كان يحدثه كما يحدث المعلم تلميذه,لا الانسان لزميله . أغناطيوس الثيؤفورس ولد حوالى سنة 3.م , وقد قيل عنه أنه نشأ في سورية. أمانيكوفوروس المؤرخ فيذكر عنه أنه كان يهوديا , وأنه هو الصبي الصغير الذي حمله السيد المسيح مقدما اياه مثالا للاتضاع اذا يقول الانجيل " فدعا يسوع اليه ولدا واقامه في وسطهم وقال الحق اقول لكم ان لم ترجعوا وتصيروا مثلا الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات " مت 18: 2-4 . ولعله لهذا السبب دعي بالثيؤفورس .التي يظن البعض انها تعني المحمول بالله , وان كان المعنى الأصح لكلمة " ثيؤفورس".كما يقول الكتاب الأولين هي " حامل الله "أي حامل السيد المسيح في قلبه .فلعله لقب بهذا لفرط حبه لسيده المسيح .وقد اطلق عليه ذهبي الفم"مسكن الله وخدره" أغناطيوس أسقف أنطاكية أنطاكية كانت انطاكية في القرن الأول الميلادي عاصمة ولاية سورية ففي سنة 64ق.م.استولى بمبايوس على مملكة السلاقسة وما جاورها ,فاحترم حق أنطاكية في ادارة شئونها الداخلية ،وجعلها عاصمة ولاية سورية بكاملها ومقر الحاكم الروماني العام pegatio وفي سنة 27ق.م.عندما أعيد النظر في نظام الولايات ، ظلت انطاكية عاصمة لسورية ،كما كانت ثالث مدينة في الامبراطورية.ولم تسلخ اليهودية- فلسطين – عنها قبل سنة70م. وكانت انطاكية لم تزل حافلة بحلل الفخر، فأنشأ فيها الفاتحون الهياكل والقصور والمسارح. ويلاحظ ان اللأنطاكيين كانوا يفخرون بأصلهم اليوناني الهليني حتى الفتح الاسلامي ويرى البحاثة كارل كرايلنغ kraeling أن عدد اليهود في أنطاكية يتراوح بين 45000, 65000من المجموع العام الذي يبلغ حوالي 400000نسمة المسيحية في أنطاكية +لعل أول مسيحي انطاكي هو نيقولاوس الدخيل الأنطاكي ( أع 5:6) أحد الشمامسة السبعة الذين إنتخبوهم ليقوموا بالأهتمام باحتياجات الأرامل ...إلخ. +وقد تم التبشير في أنطاكية بواسطة الشعب المضطهد في أورشاليم "أما الذين تشتوا من جراء الضيق الذي حصل بسبب إستفانوس فاجتاوا إلي فينيقية وقبرص وأنطاكية وهم لا يكلمون أحداً بالكلمة إلا اليهود فقط . ولكن كان منهم قوم وهم رجال قبرصيون وقيروانيون الذين لما دخلوا انطاكية كانوا يخاطبون اليونانين مبشرين بالرب يسوع. وكانت يد الرب معهم ,فاَمن عدد كثير ورجعوا إلي الرب " أع11 :9-21 . وإذا نجحت الخدمة في انطاكية ارسلت الكنيسة التي في أورشاليم برنابا إليهم ,الذي فرح جداً لما رأى نعمة الله عاملة في قلوبهم ( أع 22:11-24 ). فتعتبر أول مدينة بشر فيها بالأنجيل للأمم. +ثم خرج برنابا إلي طرسوس ليطلب شاول . ولما وجده جاء به إلي أنطاكية.فحدث أنهما اجتمعا في الكنيسة سنة كاملة وعلما جمعاً غفيراً ( أع 25:11). +كانت أنطاكية في القرون الأولى من مراكز الإشعاع الهامة للمسيحية . +بسبب أنطاكية عقد المجمع المسكوني الأول ( أع 15) إذ "انحدر قوم من اليهودية إلي انطاكية وجعلوا يعلمون الإخوة أنه إن لم تختتنوا حسب عادة موسى لا يمكنكم أن تخلصوا .فلما حصل منازعة ومباحثة ليست بقليلة معهم , رتبوا أن يصعد بولس وبرنابا وأناس آخرون منهم إلي الرسل والمشايخ إلي أورشاليم من أجل هذه المسألة " أع 1:15 2. وبسبب هذا الوفد أنعقد المجمع للبحث في أمر تهود الأمم قبل قبولهم المسيحية ( راجع أع بأكمله ) . وقد كان قرار المجمع كما يلي"لأنه قد رأى الروح القدس ونحن أن لا نضع عليكم ثقلاً أكثرغير هذه الأشياء الواجبة .أن تمتنعوا عما ذبح للأصنام وعن الدم والمخنوق والزنا التي إن حفظتم أنفسكم منها فنعماً تفعلون "أع 15 . +في انطاكية أولاً دعي التلاميذ مسيحيين أع 26:11. ولعل الذين لقبهم بهذا الأمم لما رأوهم يبشرون بالمسيح ويتعبدون له ... وقد رفض اليهود أن يلقبوهم هكذا لأن المسيح أسم مقدس , فاكتفوا بتلقيبهم "ناصريين" أي أتباع يسوع الناصري . ويرى بروشن الألماني prushen أن الأمم دعوهم هكذا للتهكم, إذ هم في نظر الأمم يمسحون مسحاً. أغناطيوس الأسقف اشتم الرسل في أغناطيوس حبه لربه يسوع وغيرته على خلاص البشر باللإيمان بالمسيح المصلوب , فأقاموه أسقفاً على مدينة أنطاكية.ويرى بعض المؤرخين , أن بطرس الرسول هو مؤسس الكنيسة الأنطاكية. ويفرقbelser الألماني بين تنصر بعض اليهود في سنة 33م وقيام كنيسة مسيحية متهودة على يد بولس الرسول فىالسنة34-35م , وبين تنصر العناصر الأممية التي لم تبدأ إلا بعد البت في قضية كرنيليوس وقبوله في الكنيسة سنة 39 أو 40م. ويقال بأن بطرس الرسول قال " في انطاكية سيم أفوديوس اسقفاً بواسطتي ,وسيم أغناطيوس أسقفاً بواسطة بولس الرسول " لذلك يرى البعض أن ظروف الكنيسة في انطاكية اقتضت أن يسام أسقفاً غلى المسيحين المتهودين , وأسقفاً آخر على المسيحين الأممين. وأن افوديوس وأغناطيوس رأسا الكنيسة في انطاكية في زمن واحد , فلما توفي افوديوس أو أستشهد , قام أغناطيوس بالعمل بالنسبة للفريقين في وقت واحد . راع حكيم دبر أغناطيوس الكنيسة خير تدبير , فامتاز بغيرته المتقدة نحو خلاص شعبه وحكمته السمائية, حتى كانت كنائس سورية جميعها تستشيره في كثير من أمورها . وقد استطاع بسيرته الطيبه أن يكسب كثير من الأمم للسيد المسيح. راع يعظ جاهد هذا الأب ضد الهراطقة وأصحاب البدع. فقد كان أباً عطوفاً على رعيته, يشفق عليهم من الذئاب الخاطفة التي تقسم الكنيسة وتحاول هدم وحدته...وخاصة تلك الذئاب التي لها ثوب الحمل,التي تدعي المسيحية فتحمل أسم المسيح وتأخذ صورة التقوى والتدين , وفي الداخل تقسم جسد المسيح الواحد!! لذلك حارب الهراطقة بكل ما وهبه الله من قوة وفهم وعلم , ولم يقف عند حد تحذير الشعب. بل وشعوب الأسقفيات الأخرى. وقد سمحت العناية اللآلهية ان يسجل تعاليمه هذه كتابة قبيل استشهاده اثناء سفره إلي روما, نذكرها فيما بعد بمشيئة الرب. ويظهر حبه لرعيته في حديثه مع مستقبليه في أزمير أثناء رحلته إلي روما للأستشهاد, إذ كان يذكر أمامهم شعب كنيسته , راغباً في معرفة أخبارهم بعد تركه لهم , طالباً منهم الصلاة من أجلهم . وضعه نظام التسبحة يقول سقراط المؤرخ " ينبغي علينا ان نوضح اصل عادة الكنيسة في التسبيح إن أغناطيوس الذي كانت له صله مع الرسل أنفسهم , رأى رؤيا أن الملائكة ترنم ممجدة الثالوث الأقدس, فنقل النظام الذي لاحظه إلي الكنيسة الانطاكية , حيث أنتشر بعد ذلك بين بقية الكنائس". وذكر ذلك ايضاً المؤرخ أوسابيوس اسقف قيسارية وبارينوس. مع تراجان حبه للأستشهاد كان أغناطيوس الثيؤفوروس يشهد للمسيح بقدوته الصالحة أمام المؤمنين وغير المؤمنين وحبه في رعاية شعبه وغيرته ضد الهراطقة والمنشقين ...لكن نفسه كانت تتوق دوما إلي الشهادة للمسيح بسفك دمه من أجله. لذلك يقول لتراجان الملك في جرأة إنه يشتاق إلي تقديم ذاته ذبيحة لأجل إيمانه بالمسيح . وبلغ حبه للأستشهاد لأجل يسوع أنه كثيراً ما كان يقول "لاأعتقد أنني أحب سيدنا يسوع المسيح بدون أن يسفك لأجله دمي كله ". أما رسالته التي كتبها ألي أهل رومية حاثاً إياهم أن يكفوا عن العمل على أبطال استشهاده فتعتبر أروع رسالة يسجلها شهيد قبيل أستشهاده . لقاء مع تراجان كان تراجان يتوه عجباً بانتصاراته على السكيثيين Scythians والdacians وكثير من الأمم وبقي عليه أخضاع المسيحيين . فابتدأ باضطهاد عام على المسيحية , وإذ جاء ن روما لمحاربة الأرض أقبل إلي انطاكية حيث سمع عن هذا الأب الجليل وغيرته على أنتشار المسيحية وجذب الكثيرين للإيمان المسيحي , ورفضه عبادة الأوثان كأمر الأنبراطور , كما سمع عنه أنه يشجع الأخرين على رفضهم السجود للأوثان مخالفين بذلك أوامر أوامر الأنبراطور . طلب الأمبراطور مقابلته , ولما التقى به قال له "من أنت إيها الشقي الشرير حتى تعصى أوامري وتحرض الأخرين على ذلك أيضاً فتجعلهم يهلكون ". أجابه الأسقف "لا يكون من يلقب بحامل الله شريراً , لأن الأرواح الشريرة تبتعد عن خدام الله , ولكن إن كنت في نظر الأرواح الشريرة أنني شرير , فذلك لأني عدو لهم , وهذا أوافقك عليه . لأنه طالما معي السيد المسيح ملك السماء فسأبيد كل مكائدهم . - وماذا تقصد بحامل الله " ثيؤفوروس " ؟ - أن يكون السيد المسيح في قلبه . - أتظن أننالا نحمل الآلهة هكذا في قلوبنا , هؤلاء الذين يعضدونا في الحروب وينصرونا على أعدائنا. - ألا ليت شعري كيف يمكن لتلك التماثيل العديمة الحس أن تكون آلهة . فاعلم أنه لا إله إلا الله الذي خلق السماء والأرض والبحر وكل ما فيها , وابنه الوحيد يسوع المسيح الذي تجسد وصار إنساناً لكي يخلص البشر الذي سأتمتع بملكوته , فلو كنت تؤمن به لكنت في هذا الماك سعيداً . - هل تقصد بذاك الذي صلب في عهد بيلاطس البنطي ؟ - نعم إنني أقصد به ذاك الذي حمل خطاياي بكل أنواعها معه على الصليب , والذي أعطى لمن يحملونه في قلوبهم سلطاناً أن يدوسوا تحت أقدامهم كل خداعات وافتراءات الشيطان - إذن هل تحمل (يسوع ) المصلوب في داخلك ؟ - بالحقيقة هكذا , لأنه مكتوب " سأسكن فيهم وأسير بينهم وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لي شعب " 2كو16:6 . - دع الآن هذا الكلام وأفعل ما يسرني ويفيدك . قدم ذبيحة لآلهتي فتظفر مني بالإلتفات ويكون لك عندي مكانة , وأنا أجعلك أعظم أحبار هذه الآلهة . - زادك الله غنى , تكرم بهذه المنح على من يعتبرونها ويرغبون فيها , فأنا كاهن سيدي يسوع المسيح وله أقدم الذبيحة في كل يوم , وأرغب في أن أقدم حياتي ذبيحة , كما قدم حياته ذبيحة حباً بي . حينئذ أمر الأمبراطور: نحن نأمر بأن أغناطيوس الذي يقول عن نفسه أنه حامل في قلبه المصلوب يقيد ويقاد إلي رومية العظمى , ليقدم هناك طعاماً للوحوش الضارية , إرضاء للشعب. فلما سمع الأسقف بأمر الأمبراطور ابتهج جداً . لأنه قد جاءت الساعة التي طالما ترقبها , وكأن أمر الأمبراطور كان أعظم هدية تقدم له لذلك إذ تقدم الجنود إليه بالقيود , جثا وصرخ مبتهجاً قائلا : " أشكرك أيها السيدالرب , لأنك وهبتني أن تشرفني بالحب الكامل نحوك , وسمحت لي أن أقيد بسلاسل حديدية كرسولك بولس ". ولما صلى هكذا قبل القيود متضرعاً إلي الله أن يحفظ الكنيسة , مستودعاً إياها بدموع تلك التي إئتمنه الرب عليها حوالي 40 عام. ولما سمع المسيحيون بأمر الأمبراطور جاءو إلي القديس باكين , ملتمسين منه البركة . فلما عاين الجنود حب الشعب لراعيهم شرعوا يهينونه أمامهم ويعاملونه بقسوة شديدة ليثيروا الشعب فيدفعون لهم رشوة لينقذوا راعيهم من قسوتهم . إلي روما لماذا يرسل إلي روما؟ خرج القديس أغناطيوس في حراسة عشرة جنود , وهو في نشوة الفرح والأبتهاج . وقد صاحبه إثنان من كنيسته هما فيلون وأغاتوبوس ... وذلك في طريقه إلي روما . وهنا قد يتساءل البعض :- لماذا أرسل إلي روما ؟ أما يوجد من يحاكمه في أنطاكية ؟ لو كان هذا القديس أنساناً عادياً أو كان الشعب يكرهه , كنا ننتظر محاكمته في أنطاكية. لكن الأوامر قد صدرت بسفره إلي روما لعظم شخصيته . فقد كانت هناك أوامر صادرة إلي جميع المقاطعات بارسال ضحايا الحيوانات المفترسة إلي روما حيث ملاعبها التي على نطاق واسع , وذلك بالنسبة للشخصيات الكبيرة أو الذين يجيدون المصارعة مع الحيوانات المفترسه . فقد كان تراجان من أعظم عملاء الأستعراضات الخاصة بالمصارعة في روما حيث يتسع الماعب ل180000 مشاهد. ويقول إلاد ان أعياد أنتصار الرومان على الداسيين في خلالها وصل القديس الي روما أقيمت أستعراضات أستمرت 123 يوماًقتل فيها 11000 حيواناً مفترساً وحارب فيها 10000مصارع تسلية للشعب الروماني . فقد كانت هناك جيوش من الصيادين في غابات افرقيا واسيا وصحاريهما يعملون على جلب الحيوانات المفترسة , وقد تضاعف عدد المصارعين المحترفين بايفاد كثير من المجرمين المدانين . وكان على حكام الأقاليم أن يقرضوا ويقترضوا المجرمين فيما بينهم كلما دعت الحاجة إلي ذلك ولميكن للحاكم الحق في الافراج عن سراح المدانين بالالقاء للوحوش ... ذلك لكي يبهج شعبه بالاستعراض . أما المجرمون الذين لهم مهارة أو قوة كافية للصراع في روما (والشخصيات البارزة) فكان عليه ألا يطلق أحد بدون أستشارة الامبراطور ... إذ يخصص هؤلاء لروما . إلي سميرنا ( أزمير ) أبحر أغناطيوس في حراسة الجنود الذين عاملوه بقسوة بالغة حتى لقبهم ب"الفهود" رغم لطفه معهم ورغم ما دفعه لهم الشعب من أموال ليترفقوا بأسقفهم . ووصلوا إلي سميرنا , وقد وصلت من كنائس آسيا جميعها وفود كثيرة تلتمس منه البركة والدعاء , منهم :- 1- من أفسس: أسقفها أونسيموس والشماس بورهاش burhuss الذي طلب في رسالته إلي أهل أفسس أن يسمحوا له بمرافقته له في رحلته , وجاء منها ثلاثة آخرون . 2- من تراليا : أسقفها بوليبوس . 3- من ماغنيزيا: أسقفها دامسوس وكاهنها وشماس . وهكذا شهد أغناطيوس عن محبته الإلهية أمام الأساقفة والكهنة والشمامسة والشعب . ومما يدهشنا أنه في تلك الظروف التي كان فيها يستعد للأستشهاد ويلتقي مع أربعة أساقفة وكثير من الكهنة والشمامسة والشعب ... لم يشغله هذا كله عن كتابة رسائل لهذه الكنائس ( فيما عدا سميرنا إذ كان بها ) مشجعاً إياهم على الإيمان المستقيم ومعالجاً مشاكلهم بدقة بالغة. ان النفس التي تاقت إلي يسوع تستغل كل ظرف...حتى في لحظات الإنتقال من العالم لتوصيل الآخرين إلي الله. وفيما يلي الرسائل التي كتبها هذا القديس من سميرنا. 1- رسالة إلي أفسس. 2- رسالة إلي تراليا : وهي مدينة في مقاطعة فريجيه بالأناضول وموقعها الآن قرية سلطان حصاء . 3- رسالة إلي مغنسيا (مغنزيا) : وهي مدينة صغيرة بآسيا الصغرى واقعة على الجنوب الغربي من أفسس على مقربة من نهر مويندر في مقاطعة ليديا تدعى الآن جوزيل حصار . 4- رسالة إلي رومية. في ترواس أبحر بالسفينة من سميرنا إلي ترواس , وهي المدينة التي ظهر فيها المكدوني في رؤيا لبولس الرسول قائلاً "أعبر وأعنا ".وقد كتب فيها القديس أغناطيوس رسائلا ثلاث :- 1- رسالة إلي فلادلفي. 2- رسالة إلي سميرنا . 3- رسالة إلي القديس بوليكاربس أسقف سميرنا , طالباً منه أن يكمل عمله , أى إرسال خطابات لبقية الكنائس , حاثاً إياه كراع رسولي صالح أن يهتم بكنيسة أنطاكية التي تركها القديس ليستشهد . ثم ذهبوا من ترواس إلى نيوبوليس Neopoles ثم إلى فيلبي . و قد طلب من أهل فيلبي أن يكتبوا إلي رعيته في أنطاكية ,فكتبوا إلي بوليكربس أسقف سميرنايسألونه أن يوصل رسالتهم إلي أنطاكية مضافاً إليها الرسالة التي بعث بها إليه اغناطيوس . كما طلبوا منه أن يرسل إليهم نسخة من رسائل القديس أغناطيوس الموجودة لديه. ومن فيلبي ذهبوا إلي Epirus ثم أبحروا إلي Tyrhene وقد كان الجنود متضايقين بسبب التأخير, كما كان القديس يرغب في الأسراع إلي روما . أستشهاده وصل القديس إلي منطقة Portus ,حيث إلتقى بالأخوة الذين كان الخوف يبدو عليهم ممتزجاً بالفرح.فكانوا مغبوطين لرؤيتهم للأب القديس أغناطيوس الأسقف , ولكنهم خائفين حزانى لأجل أنتقاله. وإذ ألتقى القديس بالشعب جميعه طلب منهم الهدوء , طالباً منهم أن يظهروا له الحب الحقيقي لا لمجرد العواطف البشرية الطبيعية , تلك التي أفاض الحديث عنها في رسالته إليهم. ثم جثا على ركبتيه هو ومن معه طالباً من أبن الله أن يوقفموجة الإضطهاد عن الكنائس ,وأن يزيد من محبة الإخوة بعضهم البعض . عندئذ أسرع به الجنود إلي الساحة ,حيث أحتشدت الجموع لمعاينة استشهاده فلما دخل الميدان إفترسته الوحوش. زخائره إنطلقت الوحوش نحو أغناطيوس , أما هو فتقدم اليها بوجه باش , وللحال وثب عليه أسدان وافترساه ولم يبقيا من جسده الطاهر سوى قليل من العظام التي عثر على الأسود طحنها , وبذلك تحققت أمنيته التي سجلها في رسالته إلي أهل روما حيث يقول "حرضوا الوحوش لتصير قبراً لي ولا تترك من جسدي شيئاً حتى إذا ما مت لا أكون سبباً في تعب أحد ". جمع المسيحيون زخائره بكل أحترام وأرسلوها إلي أنطاكية حيث وضعت في كنيسة خارج أنطاكية , وكانت لا تزال هناك في أيام القديس إيرونيموس .وبمناسبة تجميل مدينة أنطاكية أمر الأمبراطور تيؤدوسيوس الصغير بأدخال رفات القديس إلي كنيسة بمدينة أنطاكية أطلق عليها أسم الشهيد تخليداً لذكراه. وقد ذكر هذه الذخائر القديس يوحنا ذهبي الفم في مديحه للقديس أغناطيوسبقوله مخاطباً مسيحي أنطاكية."سقي دمه روما , أما أنتم فجمعتم بقاياه.لقد كان لكم الحظ السعيد بأن يكون أسقفكم. هم ( الرومان ) حملوا آخر نسمة من حياته , وكانوا شهوداً لكفاحه وأنتصاره . اما أنتم فقد كان دائماً بينكم. لقد أرسلتم اليهم أسقفا. فأعادوه إليكم شهيداً ". رسائل القديس أغناطيوس أهمية كتاباته 1-الكشف عن الحقائق الأيمانية الكتاب المقدس عميق للغاية... وقد أستغل عدو الخير هذه الميزة الرائعة في الإنقسام , فالأرسوذكسي يفهم الكتاب بطريقة تختلف عن فهم الكاثوليكي أو البروتستانتي أو غير المسيحيين... الكل يدرك معانيه بطريقة تختلف عن الأخر. فكيف نفسر الكتاب المقدس ؟ بلا شك أن كتابات الأباء الأولين وبخاصة قبل إنشقاق الكنيسة في القرن الخامس الميلادي أي قبل عقد المجمع الخلقدوني المشئوم تكشف لنا عن التفسير الحقيقي للكتاب , إذ كان العالم المسيحي كله يدرك بروح واحدة. وكتابات أغناطيوس الشهيد لها مكانة مرموقة بين هذه الكتابات لأسباب منها . 1- أن هذا القديس عاش في القرن الأول وكانت له صلة قوية بكثير من التلاميذ الذين عاينوا الرب , وكانوا يحبونه بسبب إيمانه... فهو أقرب إلي فهم الكتاب المقدس من أي مفسر أو شارح في هذه العصور , فهو شاهد عيان للحياة المسيحية منذ نشأتها. 2- أنه رسم أسقفاً بواسطة أحد تلاميذ الرب... وكان محبوباً من الأساقفة الأخرين... فكل ما سجله من عقائد إيمانية واضحة في رسائله , لابد وأن تكون هي العقيدة التي كان يعيش فيها كل باقية الأساقفة والتلاميذ. 3- أن هذا الآب أنتهت حياته الأرضية باستشهاد رائع... أعلن فيه حباً عميقاً ليسوع حبيبه. 2- الكشف عن روح الأباء كشفت لنا هذه الرسلئل عن روح أبائنا من جهة حبهم للرب والكنيسة وأشتياقهم تحو الإستشهاد , وبغضهم للهرطقات ومقاومتهم للهراطقة وأصحاب البدع والمنشقين عن الكنيسة , وفتحه باب التوبة أمام الراغبين منهم إلي العودة في أحضان الكنيسة. 3- الكشف عن شخصيته تكشف هذه الرسائل عن شخص أغناطيوس الرقيق الوديع الذي يشجع المؤمنين ويكشف لهم مواهبهم وعطايا الله لهم... دون أن يذم أو يوبخ. كما تكشف لنا شخصيته المتضعة , إذ يكرر للشعوب أن تصلي لأجله ولأجل شعبه... وعندما يتحدث عن نفسه يرى أنه أقل إنسان من شعبه. حول رسائله إن كان التاريخ يشهد بروعة ما كتبه أغناطيوس من رسائل , إلا أنها أثارت جدلاً كثيراً أكثر من أي وثائق أخرى من كتابات آباء الكنيسة الأولين , فقد كتب كثيراً من العلماء بشأنها . وقد ظهرت خمس عشرة رسالة نسب إليه وهي :- 1- رسائل حقيقية 1- رسالة إلي أهل أفسس . 2- رسالة إلي أهل مغنزيا . 3- رسالة ألي أهل تراليا . 4- رسالة إلي أهل روما . 5- رسالة إلي أهل فلادلفيا . 6- رسالة إلي أهل أزمير . 7- رسالة إلي أهل الشهيد بوليكربس . 2- رسائل مزيفة 1- رسالة إلي السيدة العذراء . 3,2- رسالتان إلي الرسول يوحنا . 4- رسالة إلي مريم الكاسوبيلية . 5- رسالة إلي أهل تراسيا . 6- رسالة إلي أهل أنطاكية . 7- رسالة إلي هيرو وهو شماس أنطاكي . 8- رسالة إلي أهل فيلبي . وهذه الرسائل بها من الدلائل التي لا تقبل الشك في أنها وضعت في عصر أحدث من الذي عاش فيه القديس أغناطيوس , حتى أننا لا نجد في كتابات يوسابيوسالقيصري وجيروم ( إبرونيموس ) أي ذكر لهذه الرسائل , لذلك أجمع الرأي على رفضها. ويمكن الرجوع إلي نصوص هذه الرسائل في مجموعة The Writings Of Anti – Niciene Father. Vol.l. ويلاحظ أن جميع الرسائل موجودة بالاتينية واليونانية فيما عدا الرسائل الثلاث الأولى من الرسائل المزيفة فهي موجودة بالاتينية فقط . بين النص المطول والنص المختصر أشار أريثموس ويوسابيوس القيصري وبوليكربس إلي الرسائل السبع الحقيقية غير أنه وجد نصان يونانيان أحدهما مطول والأخر مختصر وقد أتفق معظم العلماء على أعتبار النص القصير هو النص الأصلي, وأما المطول فجاء شارحاً للأصل , وليس القصير أختصاراً للمطول . وقد قال لاردنر Lardner في كتابه Credibility Of The Gospel History. (1743) "لقد قارنت بدقة بين النصين وأقتنعت تماماً بعد هذه المقارنة , بأن النص المطول هو تذييل وشرح للنص المختصر , وليس النص القصير إختصار للنص المطول ولا مختزل عنه... أما كون النص المختصر ذاته أصلاً كما كتبه أغناطيوس أسقف أنطاكية , فهذه مسألة كانت محلاً لنزاع كثير وكتبت فيها أقلام أقدر النقاد.ومهما يكن من التأكيد الذي يبديه الطرف الأخر , فمن جانبي ينبغي علي أن أعترف بأنني وجدت هذا الأمر من أعسر الأمور" . وهكذا كان رأي كل من جورتن Gorton ( 1751 ) وموسهيم Mosheim ( 1755 ) , وجريسباخ Griesbach ( 1768) وروسنملر Rosenmiller ( 1795) ونيندر Neander (1826) وأخرين غيرهم . إلي عهد قريب كان الرأي السائد بأن النص القصير هو الأصل لرسائل أغناطيوس بلا مراء. غير أن المشكلة ظهرت من جديد بناء على إكتشاف ثلاثة من هذه الرسائل مكتوبة بالغة السريانية ضمن الكتب المحفوظة التي أخذت من دير السيدة العذراء مريم ديبارا St.Mary Deipara بصحراء نتريا بمصر, وذلك أن الأرشيدياكون تاطام Tattam الذي زار الدير عام 1842,1839,1838م قد تمكن من الحصول على عدد كبير من الخطوطات القديمة لحساب الحكومة الأنجليزية , وقد أودعت المخطوطات بالمتحف البريطاني , وفحصها الدكتور كورتون Cureton الذي كان موكلا بالقسم السرياني في المتحف فوجد :- 1- مخطوطة بها رسالة أغناطيوس إلي بوليكربس , وقد أثبت أنها ترجع إلي النصف الأول من القرن السادس أي قبل عام 550 م . 2- مخطوطة أخرى ارجع كتاباتها إلي القرن السابع أو الثامن وتحتوي على ثلاثة من رسائل القديس أغناطيوس هي :رسالته إلي بوليكاربوس , رسالته إلي روما , ورسالته إلي أفسس . 3- مخطوطة ثالثة بلا تاريخ , أرجعها كورثون إلي وقت "طلب موسى النسيبي Moses Of Nisibius سنة 931م بجمع الكتب " وقد كتب قبل ذلك التاريخ بثلاث قرون أو أربعة تقريباً . وقد وجد أن عبارات كثيرة من هذه المخطوطات متآكلة تماماً . وبناء على هذا الأكتشاف نشر كورتون سنة 1845م مؤلفاً عنوانه "النص السرياني القديم لرسائل القديس إلي القديس بوليكربس وإلي أهل أفسس وأهل روم...إلخ" برهن فيه على أن هذه النصوص هي أضبط النصوص وأدقها. وقد أيد بعض العلماء ذلك مثل المرحوم بنسين Chev.Bunsen والبعض عارضها مثل دكتور هيفيل Hefele .ولازال هناك من يفاضل بين النص المختصر اليوناني والنص السرياني , إذ ينظر البعض إلي النص السرياني كمختصر للنص اليوناني المختصر. وقد أثبت Lighifoot وغيره من العلماء أن النص السرياني هو في الواقع ترجمة قديمة للنص اليوناني المختصر . وكان يجدر بنا أن نورد النص المطول والمختصر والسرياني...لكنه لا حاجة للتكرار , فالنص المطول هو شرح للمختصر وليس الأصل , والأصل السرياني يقترب جداً من اليوناني المختصر وبه كثير من الفقرات مفقودة... لذلك إكتفيت بذكر النص المختصر . رسالة إلي أهل روما مقدمة هذه الرسالة هي قطعة فنية شيقة تنشد بالحب المتدفق من قلب يتوق لملاقات الرب , وتكشف لنا عن أسر محبة اللهلقلوب المؤمنين في الأجيال الأولى . رسالة روميا ورئاسة أسقفها أولاً:يقول الأب فيليب السمرائي الكاثوليك " يقدم القديس أغناطيوس في رسائله إلي كنائس اسيا النصح والأرشاد ويتحاشى أن "ويأمرها أمراً " بالرغم من كونه مقيداً بالسلاسل من أجل المسيح ومسافراً إلي روما ليطرح للوحوش حباً به . وهذا دليل على أستقلال كل كنيسة أستقلالا ًداخلياً إذ لا تخضع مباشرة إلا لأسقفها . أمافي رسالته إلي كنيسة رومية , فأنه يتحاشى أن لا يأمرها فحسب بل يتحاشى أن يسدي لها النصح والأرشاد. وقد ملأها من عاطفة الأحترام البليغ والأعتبار السامي لها , وجل ما طلبه منها مترجياً أن لا تحول دون إستشهاده . وبهذا القول يظن هذا الآب أنه يثبت رئاسة كنيسة روما على الكنيسة في العالم لكنه نسى:- 1- أن هناك دالة قوية بين أغناطيوس وأساقفة البلاد الأسيوية , ومعرفة تامة لكل شؤنهم... لذلك وإن كان قد مدحهم كثيراً كما مدح كنيسة روما لكنه نصحهم وأرشدهم بحكم هذه الدالة . 2- أن أغناطيوس , لكبر سنه وقوة شخصيته وحكمته الألهية , كان الأساقفة الآخرين وشعوبهم المتضعة يلجأون إليه... دون التفكير في موضوع الرئاسة أو الخضوع له...لأهن حب يسوع والأهتمام بكنيسته , كان يشغلهم حتى لم يبقى لهم وقت للحديث عمن هو الأعظم بينهم ؟! 3- أن كثيراً ما أستخدم أغناطيوس صيغة الأمر في رسالته إلي بوليكربس أسقف سميرنا فهل كان هذا الأسقف خاضعاً لأغناطيوس ؟! 4- إن هدف رسالته لرومية تختلف تماماً عن هدف رسائله الآخرى , فالأواى كان يوجه كل إهتمامه نحو كسبهم بالمحبة ألا يعيقوا أضطهاده... أما الرسائل الأخرى فهدفها حث تلك الكنائس التي حوله للجهاد ونزع الأنشقاقات... ألخ . 5- وقد أستخدم أسلوب التحذير القاسي الذي لا يليق أن يوجهه أنسان إلي رئيسه... "رئيس هذا العالم (الشيطان) يفرح باقصائي بعيداً عن الله وإفساد أشتياقي له. ليتكم أيها القاطنون بروما لا تعاونوه... فلا تتحدثوا عن يسوع المسيح بينما تكون أشتياقاتكم على العالم " 6- الموضوع الرئيسي الذي تعرض له في أغلب رسالته هو "وحدة الكنيسة" وقد طالب الشعب بالخضوع للأسقف القائم مقام الله , والكهنة ممثللي مجلس الرسل والشمامسة خدام يسوع المسيح , فأين هو موضوع الخضوع لـأسقف روما ؟! 7- لو كان لأسقف روما حق السيطرة على أساقفة الكراسي الأخرى , لما جاز لأغناطيوس أن يأمر الأساقفة الأخرين كما يظن الأب السمرائي لأنه لم يكن أسقفاً لروما , بل كان الأجدر به أن يطلب من أسقف روما أن يهتم بهذه الكراسي ومشاكلها . ثانياً: يقول الأب السمرائي " ويكفي أن نذكر فاتحتها حتى يبان إحترام القديس أغناطيوس لها000 إلي الكنيسة المترئسة في بلاد الرومان000 إلي الكنيسة التي ترأس بالمحبة " 0 1- ويجيب الدكتور أسد رستم " والواقع أن هنالك غموضاً في هذين النصين أدى بطبيعة الحال إلي هذا الأختلاف في الرأي 0 فما هي " أرض الرومان " بالضبط , وما هو مقدار إتساعها ؟ وإذا كانت الكنيسة تترأس في أرض الرومان فما هو نوع هذه الرئاسة ؟ هل هي رئاسة سياسية أم ثقافية أم أدبية أم روحية ؟ وما هو معنى " المحبة " بالضبط ؟ ولماذا خص أغناطيوس هذه الكلمة بأداة التعريف في النص اليوناني ؟ ويقول الدكتور رستم في كتابه " نحن وروما والفاتيكان " وتميزت بعض كنائس الكنيسة في هذا الدور الأول بميزات معينة أفاضت عليها شيئاً من النفوذ لم يكن لغيرها 0 فالسيد نفسه أسس كنيسة أورشاليم وجميع الرسل عملوا فيها ويعقوب أخ الرب تولى أمورها وفيها عقد أول المجامع ولا تزال وحدها قبلة أنظار المؤمنين في أقطار العالم 0 وكنيسة أنطاكية كانت كنيسة عاصمة ولاية الشرق وأكبر مدنه وأهمها00 وكانت مركزاً ثقافياً هاماً 0 ومثل هذا يصح إلي حد بعيد عن كنيسة الأسكندرية , فالأسكندرية كانت لا تزال أكبر مدن الشرق كله وأوسعها متجراً وأسبقها علماً وثقافة0 وكانت جاليتها اليهودية أهم جاليات اليهود خارج فلسطين 0 ولها كلمتها بينهم 0 فسبقت كنيسة الأسكندرية سائر كنائس الكنيسة إلي التذرع بالعلم والفلسفة والعكف على الأسفار المقدسة والدفاع عن العقيدة فأصبحت هي المعلمة الأولى 0 وإذا كانت أنطاكية عاصمت ولاية الشرق وأفسس عاصمة آسيه الساحليه والأسكندرية عاصمة مصر والقيروان , فإن رومه كانت في هذه القرون الأوللى عاصمة الأمبراطورية بأسرها , وإليها تشد الرحال وفيها تفصل المشاكل وعنها تصدر الأحكام0 فأمسى أسقفها ؛ والحالة هذه له خطورته , إذ أن أي تصرف يصنعه إنما يراه الحكام كما لو أرتكبه الممسيحيين في الدولة الرومانية 0 هذا لا يعني أن لأسقف روما السيطرة على أساقفة العالم لكن مركزه في العاصمة قبل إنقسام المملكة يجعل تصرفاته لها خطورتها 0 مثل ذلك أي تصرف يصدر من أسقف يقطن بين البوذيين أو الملحدين000 إنما هذا التصرف لا ينسب إلي الأسقف بل كما لو كان صادراً عن كل المسيحين , لأنهم يحتكون بأسقف غيره هذا قبل أنقسام المملكة الرومانية , أما وقد أنقسمت المملكة إلي شرقية وغربية لم يعد لأسقف روما خطورته الأولى0 وهنا لا أقصد بالخطورة السلطة أو السيطرةإنما كشخص مسئول له مكانته الدينية ورتبته الكهنوتية بين السلطات المدنية 0 ولكي نعرف كيف حاولت كنيسة روما أن تستغل (بعد ذلك) السلطان المدني في السيطرة على الكنيسة راجع كتاب " عصر المجامع " 0 2- لو صح القول بأن لأسقف روما الرئاسة عليه لوجه الحديث إليه لا إلي كنيسة روما0 وكان الأجدر به أن يذكر في المقدمة " إلي الأسقف الرئيس على كنيسة العالم "000 لا " الكنيسة التي ترأس المكان السائد في بلاد الرومان " 0 3- لو كان لأسقف روما الرئاسة على الكنيسة الجامعة في العالم , لطلب منه أن يعد أسقفاً لأنطاكية يخلفه0 لكننا نجده يطلب من شعب روما أن يصلي لأجل كنيسة روما , وهي نفس الطلب الذي ألتمسه في بقية رسائله , بل نجده طلب من بوليكربس الأهتمام بشئون كنيسة أنطاكية أكثر من طلبه لشعب روما في هذا الشأن 0 نص الرسالة فاتحة الرسالة من أغناطيوس المدعو أيضاً ثيؤفوروس 0 إلي الكنيسة التي نالت رحمة منالله الآب العلي ويسوع المسيح إبنه الوحيد 0 أي الكنيسة المحبوبةوالمستنيرة بإرادة الله , الذي يريد كل الأشياء بحسب محبة يسوع المسيح الهنا 0 إلي الكنيسة المشرفة على إقليم الرومانيين 0 إلي الكنيسة المعتبرة عند الله , المستحقة للكرامة والسعادة الفائقة والمدح والمستأهلة لنوال كل ما تشتهيه , ولأن تحسب مقدسة , والساهرة على الحب , هذه التي دعيت من المسيح ومن الآب الذي أكرمه في إسم إبنه يسوع المسيح0 إلي هؤلاء المتحدي الجسد والروح 000 إلي كل شخص من العاملين بوصاياه , المملوئين نعمة الله , المتطهرين من كل فساد غريب000 أرجوا لكم سعادة فائقة بلا لوم في المسيح يسوع الهنا 0 1 إشتياقهم لرؤيتهم بالصلاة قد وهب لي أن أرى وجوهكم الفائقة الكرامة أمام الله , فنلت أكثر مما طلبت0 وأنني أرغب في إهدائكم السلام , كأسير في المسيح يسوع , إن أراد الله أن يجعلني مستحقاً لنوال الختام (الأستشهاد)0 فستكون البداية حسنة (الحكم عليه بالأستشهاد9 إن وهبلي نوال نصيبي دون أن يوجد عائق لذلك حتىالنهاية لأنني أخشى من محبتكم أن تسبب لي ضرراً0 لأنه يسهل عليكم أن تنقذوا ما تشاءون , ولكنه يصعب علي البلوغ إلي الله إن منعتم إستشهادي) 0 2 لا تمنعوا إستشهادي فإذ ترضون الله , أرغب ألا تكونوا مرضين للناس بل لله 0 فإن لم تصمتوا , لن تتاح لي فرصة أخرى للوصول إلي الله , ولن تتاح لكم فرصة لكي تكونوا فيها جديرين بشرف القيام بعمل مجيد هكذا فإن ألتزمتم الصمت من نحوي فسأصير لله , أما إذا أظهرتم محبتكم لجسدي , فسأكون مضطراً. غلي العودة ثانية إلي ركوض شوطى 0 إذن صلوا ألا يوهب لي أحسان أعظم من أن أقدم لله , مادام المذبح لا يزال معداً. ففي أجتماعكم معاً بمحبة غنوا لله أغنية شكر للآب بالمسيح يسوع , لأن الله حسبني – أنا أسقف سورية – مستحقاً أن أرسل من الشرق إلي الغرب ( وأصير شهيداً لأجل آلامه المجيدة ) 0 جيد لي أن أرحل من العالم إلي الله لأقوم في الله مرة أخرى 0 3 إتركوني لأكون مسيحياً بالعمل لا بالإسم إنكم لم تحسدوا أحداً قط , بل كنتم معلمون للآخرين والأن أطلب اليكم أن تؤيدوا تعاليمكم لآخرين بسيرتكم. فعليكم فقط أن تطلبوا لي قوة داخلية وخارجية حتى لا أكون متكلماص فحسب بل وبالحقيقة عاملاً0 فلا أدعى مسيحياص بالكلام فقط 0 بل أن أوجد بالحق هكذا0 لأنني إن وجدت بالحق مسيحياً , فسأكون مدعواً مسيحياً بالأسم أيضاً0 وعندما لا أعود أظهر في العالم ( بعد إستشهادي ) أحسب مؤمناً0 فكل الأشياء المنظورة غير أبدية " لأن التي ترى وقتية , أما التي لا ترى فأبدية " 0 ( فالإنسان لا يكون مسيحياً بسبب معتقداته , بل نتيجة القوة0 فإن كان العالم يبغضه فأن الله يحبه0 فالكتاب المقدس يقول " لو كنتم من العالم لكان العالم يحب خاصته , ولكن لأنكم لستم من العالم بل أنا أخترتكم من العالم , لذلك يبغضكم العالم " )0 4 حرضوا الوحوش علي إنني أكتب إلي الكنائس ( الآخرى ) وأشدد عليها جميعها بأنني سأموت أختياراً لأجل الله ما لم تمنعوني أنتم من ذلك 0 أطلب إليكم ألا تظهروا لي عطفاً في غير أوانه , بل أسمحوا لي أن أكون طعاماً للوحوش الضارية , التي بواسطتها يوهب لي البلوغ إلي الله0 أتركوني أطحن بأنياب الوحوش لتصير قبراً لي , ولا تترك شيئاً من جسدي , حتى إذا مت لا أتعب أحداً0 فعندما لا يعد العالم يرى جسدي , أكون بالحق تلميذ للمسيح 0 توسلوا إلي المسيح من أجلي حتى أعد بهذه الطريقة لأكون ذبيحة لله 0 إنني لا أصدر إليكم أوامراً كبطرس أو بولس , لأنهما رسولين0 أما أنا فأنسان مدان0 إنهما قد تحررا , أما أنا فلا زلت إلي الآن عبداً 0 ولكنني حين أتألم أكون محرراً بيسوع وأقوم ثانية محرراً فيه والأن بكوني أسير أتعلم أن لا أشتهي شيئاً عالمياً أو باطلاً 0 5 لأحتمل كل شئ من أجل الوصول إلي يسوع من سورية إلي رومية وأنا أقاتل وحوشاً , في البر والبحر , ليلاً ونهاراً , مقيداً لعشرة نمور , أقصد بهم الجنود الذين رغم ما يأخذونه من الهبات إلا أنهم يظهرون لي كل شر0 غير أنني أنتفعت من شرورهم , إذ أعمل كتلميذ المسيح " لكنني لست بذلك مبرراً " 0 ليتني أتمتع بالوحوش الضارية التي أعدت لي فإنني أصلي أن يكون لها شغفاً أكثر لتنقض علي0 وأنني سأعرضها لتفترسني سريعاً حتى لا تعاملني كما تعامل البعض إذ لا تمسهم لأن الخوف قد إنتزع منهم 0 فإنها لم تشأ أن تهجم علي فسألزمها بالهجوم علي 0 سامحوني على هذا , فإنني أعلم بما هو نافع لي 0 الآن قد بدأت أن أكون تلميذاً 0 وأنني لا أترك شيئاً منظوراً أو غير منظور يعوقني عن الوصول إلي السيد المسيح 0 ليت النار والصليب 000 ليت جماعات الحيوانات المفترسة000 ليت التمزيق والكسر000 خلع العظام وبتر الأعضاء000 تقطيع الجسد كله إرباً000 وليت كل عذابات الشيطان تنصب علي , لكنني لأصلي فقط إلي يسوع المسيح 0 6 بالموت أنال الحياة إن كل مسرات العالم وجميع ممالك الأرض لا تنفعني شيئاً0 فخيراً لي أن أموت من أجل يسوع المسيح عن أن أملك كل ممالك الأرض "لأنه ماذا ينتفع الأنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه"0 إنني أبحث عن ذاك الذي مات لأجلنا, وأشتاق إلي من قام أيضاً لأجلنا0 هذا هو الربح الذي أدخره لنفسي 0 سامحوني أيها الأخوة0 لا تعوقوني عن الحياة0 إشتاقوا ألا أبقى في حالة موت , لا تسلموني إلي العالم مادمت أرغب في أن أكون من خاصة الله 0 اسمحوا لي أن أنال النور البهي عندما أذهب إلي هناك , حيث أكون بالحقيقة رجل الله 0 فإن من كان المسيح في داخله , فليتأمل فيما أطلبه , وليترفق بي إذ يعرف كيف أنا محصور 0 7 سبب أشتياقه للأستشهاد رئيس هذا العالم ( الشيطان ) يفرح باقصائي بعيداً عن الله وإفساد أشتياقي له 0 ليتكم أيها القاطنون بروما لا تعاونوه ( الشيطان ) بل تكونوا في جانبي أي مع الله 0 فلا تتحدثوا عن يسوع المسيح بينما تكون أشتياقاتكم في العالم 0 لا تتركوا للجسد مكاناً فيكم , حتى غذا نصحتكم به وأنا حاضر بينكم , بل أنصتوا إلي واثقين فيما أكتبه اليكم 0 فرغم كوني حياً أثناء كتابتي لكم , لكنني أشتاق للموت 0 محبتي قد صلبت , فلا تضطرم في نار محبة شئ ما , بل يحيا في داخلي ماء حياً يتحدث في , من الداخل قائلاً " تعال إلي الآب " 0 لست أبتهج بطعام فاسد , ولا بملذات هذه الحياة0 لكنني أشتهي خبز الله , الخبز السماوي , خبز الحياة , الذي هو جسد يسوع المسيح , إبن الله , الذي صار من نسل داود وابراهيم 0 كما أشتهي شراب الله أي دمه , الذي هو محبة غير فاسدة وحياة أبدية 0 8 صلوا لأجلي لست أشتاق بعد للحياة كبقية الناس , وأشتياقي هذا سيتم إن وافقتم عليه000 لتتحقق أشتياقاتكم أنتم أيضاً !! أتوسل اليكم بهذا الخطاب الوجيز , أن تثقوا في , فسيكشف لكم يسوع المسيح هذا الأمر الذي أتكلم به بالحق0 إنه الفم الذي يتكلم به الآب حقاً , فهو لا ينطق باطلاً قط 0 صلوا لأجلي لأنال أشتياقي0 فإنني لا أكتب لكم حسب الجسد , بل بحسب أرادة الله 0 فإن كنت سأتألم فستكونون قد أحبتموني , أما إذا رفضتم فتكونون قد أبغضتموني 0 9 صلوا لأجل كنيسة سورية اذكروا في صلواتكم كنيسة سورية , فإن الله الأن راعيها عوضاً عني0 يسوع المسيح وحده يسوسها , ومحبتكم ترعاهم أيضاً0 أما عن نفسي فلست أستحق أن أدعى واحداً منهم , فاني بالحقيقة آخر الكل فيهم000 ولكنني إن كنت أبلغ إلي الله فسأكون قد رحمت لأصير شيئاً 0 السلام لكم من روحي0 ومحبة الكنائس التي أستقبلتني في أسم يسوع المسيح – لا كعابر طريق – فحتى الكنائس البعيدة عن طريقي– بحسب الجسد – جائت لتقابلني وتتبعني من مدينة إلي آخرى0 10 خاتمة الرسالة والآن اكتب اليكم هذه الأمور من سميرنا ( أزمير ) على يد الأفسسيين الذين نالوا أستحقاق سعادة فائقة 0 معي أيضاً كروكس Crocus أحد أعزائي المحبوبين , ومعي أيضاً كثيرين 0 أما الين سبقوني إلي روما من سورية , فأظن أنكم قد عرفتوهم , راجياً أن تبلغوهم بقرب مجيئ0 هؤلاء يعتبرون أمام الله وأمامكم , فيليق بكم أن تريحوهم في كل شئ أكتب اليكم هذه الأمور عشية اليوم التاسع من شهر ( سبتمبر )0 وفي الختام أستودعكم في صبر يسوع المسيح 0 آمين 0 رسائله الأخرى تحدثت رسائله الست الأخرى عن حقائق إيمانية ومبادئ عملية حية , لذلك آثرت أن أذكر فكرة موجزة عن كل رسالة مع عرض لمقتطفات منها مرتبة بحسب المواضيع حتى يستطيع القارئ أن يلم بالعناصر الخاصة بموضوع واحد دون البحث بين الرسائل 0 1- رسالته إلي كنيسة أفسس بدء الرسالة بمدحها إذ قال " المستحقة كل غبطة , المباركة في عظمة وملء الله الآب. السابق أختيارها قبل كل زمان لتكون دائماً لمجد ثابت لا يتحول , متحدة ومختارة بعاطفة حقيقية " أشكرهم على الوفد الذي أرسلوه في أزمير لأستقباله 0 أطال الحديث معهم عن الوحدة وأحترام الأسقف كما حذرهم من المعلمين الكذبة مشبهاً إياهم بالوحوش الضارية والكلاب الشرهة التي تعض في الخفاء 0 كما حدثهم عن طريق الشهادة الحقيقية ليسوع بين الأشرار 0 وحدثهم عن حقائق ثلاث مخفية عن الشيطان "ويجب أن تعلموا أن عذراوية مريم كانت مخفاة عن رئيس هذا العالم (الشيطان) 0 كذلك نسلها ( ميلاد المسيح ) , وكذلك موت الرب 0 تلك أسرار ثلاثة شهيرة صنعها الله في صمته الإلهي "0 أخيراً يطلب منهم الصلاة لأجل نفسه ولأجل كنيسة أنطاكية 0 2- رسالته إلي كنيسة مغنزيا كشف لهم في المقدمة عن هدف رسالته " إذ أخبرت عن محبتكم وتقواكم وحسن نظامكم , وفرحت فرحاً عظيم , وقصدت أن أتحدث معكم عن إيمان يسوع المسيح 0 أود ان أوصي الكنائس بالوحدة الجسدية والروحية " , مظهراً فرحة بخضوع الكهنة للأسقف , ولوحدت كنيستهم 0 وإذا كان أسقفهم لازال شاباً حذرهم لئلا يكون ذلك مدعاة لعدم إعتباره وإحترامه كأسقف 0 وقد ميز هنا بين درجات ثلاث كهنوتية " شماس , قس , أسقف " 0 كما حذرهم من التعاليم الباطلة والمبادئ اليهودية كضرورة التهود قبل أن يصيروا مسيحين 0 ويقول لهم بأنه ينصحهم لا لشر فيهم إنما هم أفضل منهم , بل ليزدادوا حرصاً من التعاليم الغريبة وتمسكاً بالإيمان الصحيح ولتزداد وحدتهم 0 وأخيراً يطلب صلواتهم لأجل نفسه ولأجل كنيسة أنطاكية 0 3- رسالته إلي كنيسة تراليا عبر لهم عن فرحه بوحدتهم , ثم عاد يطالبهم بالخضوع للأسقف كما للرب , والقسوس كما للرسل , والشمامسة الذين هم خدام أسرار يسوع المسيح 0 أما موضوع هذه الرسالةالرئيسي فهو حقيقة تجسد الرب , مظهراً لهم بطلان القائلين بأن يسوع حمل جسداً خيالياً و تظاهربالموت و القيامة . 4- رسالته إلى كنيسة فيلادلفيا عبرلهم عن فرحه لوحدتهم بأسقفهم التقى الوديع ، ثم حذرهم من التعاليم الغريبة التى شبهها بنباتات سامة لم يغرسها الرب . وقد حدثهم عن الوحدة 000 فمنعهم من الأشتراك فى أفخارستيا غير واحدة ، حاثاً إياهم على الأتحاد مع الأسقف والقسوس والشمامسة 000 5- رسالته إلى كنيسة سميرنا فى هذه الرسالة يحذرهم أيضاً ممن يدعون بأن جسد المسيح خيالى ، و قد شبه الهراطقة بحيوانات شريرة فى شكل بشرى . كما يحثهم على الأتحاد مع الأسقف والقسوس والشمامسة . 6- رسالته إلى بوليكاربس الأسقف كتب فيها يحثه على متابعة جهاده ، مقدماً له نصائح للرعاية وتحذيرات من الهراطقة . وقد قدم نصائح للمتزوجين وغير المتزوجين والمتبتلين . وقد وجه نصائح لكافة المؤمنين . وقد رجاه أن يكتب رسائل الى الكنائس القائمة بين أزمير وأنطاكية نيابة عنه لأنه ركب البحر إلى رومية دون أن يبقى له متسع من الوقت للكتابة . |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أغناطيوس المسبح |
أغناطيوس المعلم |
أغناطيوس والإيمان |
أغناطيوس الأنطاكي |
القديس الشهيد أغناطيوس الثيؤفورس الأنطاكي (القديس أغناطيوس المتوشح بالله) |