منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 02 - 12 - 2012, 11:08 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,305,377


قيـود الخطية

" الشرير تأخذه آثامه وبحبال خطيته يُمسك "

( أم5: 22)


لا شك أنَّ عدونا الأول والأشد هو الخطية، لأنَّ أي عدو مهما كانت قوته يمكنك أن تصالحه في يوم ما، وقد تصيرا أصدقاء فيما بعد، وتنقلب العداوة التي كانت بينكما إلي محبة!!


أمَّا الخطية فهي العدو الوحيد الذي لا يقبل أن يصطلح معك أو يصير لك صديقاً، وإن ظهر هكذا فهذا هو ثوب الرياء الذي يرتديه، فمن الخارج يبدو حسناً، أما الداخل فيحمل خبثاً وانتقاماً.. فهو بمداومة يخطط لهلاكك ويسعي لفنائك.


ولهذا كثيراً ما أُشبه الخطية بعدو قاسٍ لا يشفق ولا يرحم، إذا انتصر عليك ووقعت تحت أسره، يُقيّدك بأغلال، وإذا أردت أن تهرب منه سيلاحقك في كل مكان أينما ذهبت.

يقول إشعياء النبيّ: " وَيْلٌ لِلْجَاذِبِينَ الإِثْمَ بِحِبَالِ الْبُطْلِ وَالْخَطِيَّةَ كَأَنَّهُ بِرُبُطِ الْعَجَلَةِ " (إش18:5)، وهذا يعني: إنَّ الذين يسعون إلي الخطية بإرادتهم أو يسحبونها بقوة نحوهم، يصنعون لأنفسهم حبالاً وربطاً تسحبهم أو تجرهم كالعجلة نحو الشر، وتقيدهم بقيود الإثم.


وكثيراً ما يدّعي الخاطيء أنَّه حر، ولكن هذا في الواقع رياء، لأنه لا شيء أقرب منه إلي الأسر والعبودية والمهانة.. ومن الذي يزله ويستعبده؟ إنها الخطية، العدو القاسي الذي لا يشفق ولا يرحم، وإذا حاول أن يُناقض نفسه أو يبرر ذاته، فصوت رب المجد يسوع سيظل يطارده قائلاً: " الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ " ( يو34:8).


يقول القديس أغسطينوس
" لكي تصنع لك حبلاً لابد أن تجمع خيوطه خيطاً خيطاً، ثم تشدها شداً قوياً، هكذا الحال في الخطايا التي تتجمّع وترتبط الواحدة بالأُخرى، لتؤلّف حبلاً قوياً طويلاً، وما الغاية من هذا الحبل إن لم يكن لربط رجلي الخاطيء ويديه وطرحه في الظلمة الخارجية ".


حقاً إنَّها مُرّة وقاسية هي عبودية الخطية، وويل للذين يقعون تحت نيرها، فكثيرون ظنوا في البداية أنهم مهما فعلوا الخطية يستطيعون في أي وقت أن يتخلّصوا منها، حسبما يريدون، ولكن سرعان ما وجدوا أنفسهم مقيدين بأغلال يصعُب فكها!!

في البداية تملّكهم الوهم واقتنعوا أنَّ بإمكانهم أن يقذفوا بذلك الصنم ويحطموه وقت ما شاءوا، ولكن بعد أن تذوقوا خمر اللذة وجدوا أنفسهم عبيداً لصنم الخطية، يُلّبون رغباته ويعملون كل ما يأمرهم به، أين إرادتهم؟ سلبتها الخطية!


ويجب أن نعلم أنَّ قيود الخطية كثيرة ومتنوعة.. فهناك من يتقيّد بحبال الزنا والنجاسة، كما تقيّدت السامرية والمرأة الخاطئة وأهل سدوم وعمورة.. وآخر تُقيّده حبال البخل ومحبة المال، كالشاب الغني والغني الغبي.. وثالث يتقيّد بقيود العظمة والكبرياء مثل هيرودس الملك، الذي عندما رقصت ابنة هيروديا في يوم مولده وأعجبته، وعدها بقسم أنَّها مهما طلبت يُعطيها، وعندما طلبت رأس يوحنا المعمدان كرغبة أمّها. يقول الكتاب: " فَاغْتَمَّ الْمَلِكُ وَلَكِنْ مِنْ أَجْلِ الأَقْسَامِ وَالْمُتَّكِئِينَ مَعَهُ أَمَرَ أَنْ يُعْطَى فَأَرْسَلَ وَقَطَعَ رَأْسَ يُوحَنَّا فِي السِّجْنِ " (مت9:14)، وهناك من تقيده بقيود المسكرات.. أو القتل.. أو السرقة..

وكلّما تعمّقت في الخطية تأصلت فيك جذورها وبالتالي ازدادت قيودها، ولهذا قيل: إنَّ ما يحدُث مع الخاطيء تجاه شهواته المسيطرة عليه، كالذي يحدّث مع البرابرة تجاه أسراهم، فلكي لا يهرب الأسري يفقئون أعينهم ويقطعون أيديهم وأرجلهم.. وهكذا الخطية تفقأ عيني الخاطيء، فلا يري سوي الدنس والنجاسة، وتقطع رجليه فتعوق سيره في طريق الأبدية.


جاء الشاب الغني إلي السيد المسيح قائلاً: " مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟ "، فأجابه رب المجد: " نْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَزْنِ، لاَ تَقْتُلْ، لاَ تَسْرِقْ، لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ، لاَ تَسْلِبْ، أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ "، فلمَّا أجاب الشاب وقال: ­" هَذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي "، يقول الكتاب المقدس: " فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَأَحَبَّهُ وَقَالَ لَهُ: يُعْوِزُكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ. اذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ وَتَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلاً الصَّلِيبَ " (مر10: 17-22).


وكأنَّ السيد المسيح أراد أن يقول له: إن أردت أن تتبعني فلابد أولا أن تحل قيودك التي أنت مقيد بها، لأنّك لا تستطيع أن تتقيّد بقيودي إن لم تحل قيود الشيطان أولاً، ولا تستطيع أن تتقيّد بقيود البر إن لم تنحل من قيود الإثم.. وها أنت مُقيّد بحبال الغني ومحبة المال،فحلها لتتقيد بقيود الجوهرة الثمينة.


وفي حديثه مع المرأة السامرية أراد أن يُلفت نظرها إلي قيد قيّدها سنينَ، ألا وهو: الزني، فقال لها: " اذْهَبِي وَادْعِي زَوْجَكِ وَتَعَالَيْ إِلَى هَهُنَا أَجَابَتِ الْمَرْأَةُ: لَيْسَ لِي زَوْجٌ، قَالَ لَهَا يَسُوعُ: حَسَناً قُلْتِ لَيْسَ لِي زَوْجٌ لأَنَّهُ كَانَ لَكِ خَمْسَةُ أَزْوَاجٍ وَالَّذِي لَكِ الآنَ لَيْسَ هُوَ زَوْجَكِ. هَذَا قُلْتِ بِالصِّدْقِ " (يو4: 16-18)، ولكي تدخلي معي في زيجة روحية، وتصيري عروس للعريس السماويّ، لابد أن تتخلصي من قيود الزنى التي استعبدتك وأذلتك.. لابد أن تحليها وتقطعي حبالها وتلقيها بعيداً عنك، حتى لا تتقيدي بها ولا يستطيع أحد أن يُقيدك بها مرَّة أُخرى، حينئذ أربطك بحبال لا تنقطع وأقيدك بقيود حُبي التي لا تنفك.


وهكذا استحوذ يسوع على قلب السامرية، فاعترفت بخطيتها وأنّه نبي، فشعاع الحب قد اخترق قلبها، فتحول ماضيها الخريفيّ إلى ربيع دائم تفتحت زهوره وفاحت رائحة عبيره.. فتركت عند البئر جرتها وهى في الحقيقة فقد تركت خطيتها لتبشر بعريسها السماوي، الذي معه تذوّقت طعم الحُب الروحانيّ، بعد أن رأت الطهارة تتكيء في عينيه كطفل بريء.

عندما حاد صدقيا الملك عن طريق الرب، ولم يصغ هو ولا شعبه إلي كلمة الرب التي تكلم بها علي فم إرميا النبيّ (إر37: 2،1)، ونجس الهيكل بالعبادة الوثنية (2أخ36: 14)، ولم يقضِ بالعدل (إر21: 12،11). قيّدته شروره هذه بسلاسل من نحاس وقادته إلي بابل مسبياً: " فَقَتَلَ مَلِكُ بَابِلَ بَنِي صِدْقِيَّا فِي رَبْلَةَ أَمَامَ عَيْنَيْهِ وَقَتَلَ مَلِكُ بَابِلَ كُلَّ أَشْرَافِ يَهُوذَا، وَأَعْمَى عَيْنَيْ صِدْقِيَّا وَقَيَّدَهُ بِسَلاَسِلِ نُحَاسٍ لِيَأْتِيَ بِهِ إِلَى بَابِلَ " (إر39: 7،6).


وفي قصة الإنسان الذي كان به شياطين كثيرة في كورة الجدريين: نري أن الخطية إذا قيّدت إنساناً، لا تقبل أن يُقيّد بقيود أُخري سواها. ولهذا قيل: " كَانَ مَسْكَنُهُ فِي الْقُبُورِ وَلَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ أَنْ يَرْبِطَهُ وَلاَ بِسَلاَسِلَ لأَنَّهُ قَدْ رُبِطَ كَثِيراً بِقُيُودٍ وَسَلاَسِلَ فَقَطَّعَ السَّلاَسِلَ وَكَسَّرَ الْقُيُودَ فَلَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ أَنْ يُذَلِّلَهُ " (مر5: 3-5).


ولكن غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله، الذي أمامه تخضع وتسجد كل الأرواح، وتنحل وتذوب كل القيود. فذلك الإنسان الذي كان به شياطين كثيرة، نراه أمام رب المجد يسوع يخر ويسجد، ويتوسل إليه ألاَّ يُعّذبه، يقول الكتاب: " فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ مِنْ بَعِيدٍ رَكَضَ وَسَجَدَ لَهُ وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: مَا لِي وَلَكَ يَا يَسُوعُ ابْنَ اللَّهِ الْعَلِيِّ! أَسْتَحْلِفُكَ بِاللَّهِ أَنْ لاَ تُعَذِّبَنِي! ( مز5: 7،6).



فاصرخ إليه أيها الخاطيء..
واطلب منه أن يحل قيودك..
لتذبح له ذبيحة التسبيخ..
وأن يربطك برباط حُبّه المقدس..
حتى لا تتقيد بقيود الخطية..
وتأكد أن الله إذا ربطك بقيوده..
سيقودك لا إلي العبودية أو المذلة..
بل إلي الحرية الحقيقية..
حرية مجد أولاد الله.
رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
لأنه من يرتكب الخطية، يزداد سوءًا قدر الخطية التي يرتكبها
الخطية الأصلية، هي التي قال عنها الكتاب: بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم
الخطية هي الخطية سواء حكم عليها الشخص بأنها بسيطة أو كبيرة
من المهم أن نفهم أن الشر في آيتنا لا يعني الخطية، بل نتائج الخطية
"إذ أرسل ابنه في شبه جسد الخطية ولأجل الخطية دان الخطية في الجسد "


الساعة الآن 01:13 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025