606 - في الفجر قبل طلوع الشمس اطلق فرعون الشعب فخرجوا مسرعين . جروا باقصى سرعة ٍ حاملين متاعهم على اكتافهم واولادهم بايديهم . ووصلوا الى الخلاء المتسع بعيدا ً عن ارض العبودية ووقفوا امام البحر ، واخذوا يتنسمون النسائم الرقيقة الرطبة التي جائتهم من ناحية الماء . وفجأة صرخ من ينادي بأن المصريين وجاؤوا خلفهم . جاؤوا بمركبات ٍ وخيل ٍ وسلاح ٍ كثير ، فزعوا جدا وصرخوا في غضب ٍ وخوف . قالوا لموسى : " هَلْ لأَنَّهُ لَيْسَتْ قُبُورٌ فِي مِصْرَ أَخَذْتَنَا لِنَمُوتَ فِي الْبَرِّيَّةِ ؟ " ( خروج 14 : 11 ) والتفت موسى خلفه فوجد بحرا ً من الجند تُبرق اسلحتهم في اشعة الشمس ، ونظر امامه فوجد بحرا ً من الماء الازرق الداكن الزرقة يمتد امامهم . ورفع وجهه الى الله وصرخ للرب ثم قال للشعب : " (لاَ تَخَافُوا. قِفُوا وَانْظُرُوا خَلاَصَ الرَّبِّ " ) وقال الرب لموسى : " «مَا لَكَ تَصْرُخُ إِلَيَّ ؟ قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَرْحَلُوا." وقال موسى للشعب ان يرحلوا ولم يكن امامهم سبيل ٌ الا الطاعة ، اطاعوا ومدوا ارجلهم واندفعوا الى الامام ولمست اقدامهم الماء وغاصت فيه ، واذا بالماء يهرب من تحت اقدامهم ، انشق الماء ، ارتفع سورا ً عن يمينهم وعن يسار . وكان موسى قد مد عصاه على البحر وشقه ودخل شعب الله في اليابسة . اخذ الجميع يجري ويهرول بفرحة والاطفال يقفزون ويرقصون على صوت الهرج والمرح ارتفعت الضحكات والزغاريد ، تزاحموا يهربون ، اقترب الاولاد من السور المائي ولمسوه ، ابتلت اصابعهم وبقي الماء مرتفعا ً . مدت الامهات ايديهن وابعدن اولادهن ، وابتلت ثيابهن وترطبت وجوههن . امر الرجال النسوة والاولاد أن يصمتوا . زادوا صخبا ً وهم يتقافزون امامهم . خجل الشيوخ من انفسهم لتذمرهم على موسى واخفى الشباب وجوههم عنه لشكهم في قدرة الله . وانت تمر في ضيقة ٍ ، حين تشك و تتذمر وتشكو اذكر هذا المشهد ، مشهد عبور الشعب وسط الماء الذي خشوه وهو يحميهم . خافوا الغرق فجعلهم الله يمشون وسط ماء البحر . هل تخاف الضيقة امامك ؟ سينفخ الله فيها فتنشق وتتراجع وتبتعد الى يمينك والى يسارك ، بعيدة ً عنك ، وتسير على الارض اليابسة المعبدة امامك ، تسير وسط الضيقة ولا تبتل اقدامك . قال موسى للشعب : ارحلوا - ورحلوا سالمين . ويقول الله لك برغم الضيقة : ارحل ، تقدم ، سر بثبات .