منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 20 - 05 - 2012, 10:40 AM
الصورة الرمزية Magdy Monir
 
Magdy Monir
..::| VIP |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Magdy Monir غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 12
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 58
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 51,017

مزامير المصاعد






مزمور 132  ( موكب الملك) من مزامير المصاعد





مزمور 132


موكب الملك





1اُذْكُرْ يَا رَبُّ دَاوُدَ كُلَّ ذُلِّهِ. 2كَيْفَ حَلَفَ لِلرَّبِّ نَذَرَ لِعَزِيزِ يَعْقُوبَ: 3[لاَ أَدْخُلُ خَيْمَةَ بَيْتِي. لاَ أَصْعَدُ عَلَى سَرِيرِ فِرَاشِي. 4لاَ أُعْطِي وَسَناً لِعَيْنَيَّ وَلاَ نَوْماً لأَجْفَانِي 5أَوْ أَجِدَ مَقَاماً لِلرَّبِّ مَسْكَناً لِعَزِيزِ يَعْقُوبَ]. 6هُوَذَا قَدْ سَمِعْنَا بِهِ فِي أَفْرَاتَةَ. وَجَدْنَاهُ فِي حُقُولِ الْوَعْرِ. 7لِنَدْخُلْ إِلَى مَسَاكِنِهِ. لِنَسْجُدْ عِنْدَ مَوْطِئِ قَدَمَيْهِ. 8قُمْ يَا رَبُّ إِلَى رَاحَتِكَ أَنْتَ وَتَابُوتُ عِزِّكَ. 9كَهَنَتُكَ يَلْبِسُونَ الْبِرَّ وَأَتْقِيَاؤُكَ يَهْتِفُونَ. 10مِنْ أَجْلِ دَاوُدَ عَبْدِكَ لاَ تَرُدَّ وَجْهَ مَسِيحِكَ. 11أَقْسَمَ الرَّبُّ لِدَاوُدَ بِالْحَقِّ لاَ يَرْجِعُ عَنْهُ: [مِنْ ثَمَرَةِ بَطْنِكَ أَجْعَلُ عَلَى كُرْسِيِّكَ. 12إِنْ حَفِظَ بَنُوكَ عَهْدِي وَشَهَادَاتِي الَّتِي أُعَلِّمُهُمْ إِيَّاهَا فَبَنُوهُمْ أَيْضاً إِلَى الأَبَدِ يَجْلِسُونَ عَلَى كُرْسِيِّكَ]. 13لأَنَّ الرَّبَّ قَدِ اخْتَارَ صِهْيَوْنَ. اشْتَهَاهَا مَسْكَناً لَهُ: 14[هَذِهِ هِيَ رَاحَتِي إِلَى الأَبَدِ. هَهُنَا أَسْكُنُ لأَنِّي اشْتَهَيْتُهَا. 15طَعَامَهَا أُبَارِكُ بَرَكَةً. مَسَاكِينَهَا أُشْبِعُ خُبْزاً. 16كَهَنَتَهَا أُلْبِسُ خَلاَصاً وَأَتْقِيَاؤُهَا يَهْتِفُونَ هُتَافاً. 17هُنَاكَ أُنْبِتُ قَرْناً لِدَاوُدَ. رَتَّبْتُ سِرَاجاً لِمَسِيحِي. 18أَعْدَاءَهُ أُلْبِسُ خِزْياً وَعَلَيْهِ يُزْهِرُ إِكْلِيلُهُ].


للمؤرخ دور هام يلعبه فى الحياة المعاصرة، فهو يستطيع أن يرينا الآن كل الأجيال السابقة وما عاصره الأقدمون من مشكلات، وكيف واجه قادة كل جيل مشكلات عصرهم.


وبإضافة قدر من الخيال والدراما إلى مادة التاريخ، يستطيع العمل الأدبى أو الفنى أن يعيد صياغة الأحداث التاريخية مرة أخرى، فنراها حية تجرى أمام عيوننا الآن فتشد انتباهنا وتحمل لنا رسالة لظروفنا الحالية، وهذا ما ينطبق على سفر المزامير بشكل عام وينطبق أيضاً على مز 132 على نحو الخصوص.


فـى ترجمـة KJV - وترجمــات كثيرة أخرى – سُمىَّ هذا المزمور "مزمور السائح". كان موكب الملك يسير عبر الشوارع المزدحمة من غرب مدينة أورشليم حتى الهيكل حيث يوضع تابوت الرب. وهنا تتدفق فى أذهان الناس صور الماضى، وقيمة الرموز الدينية (كالتابوت مثلاً)، وذكريات عن موسى وما صنعه لتحرير وتوحيد الأسباط، وعن داود ورغبته فى بناء بيت للرب يوضع فيه التابوت فى مكان مناسب .... إلخ، وهكذا كان الإسرائيليون فى كل جيل يحملون التابوت، فى نفس الموكب خلال الاحتفال السنوى ليندمج ويستيقظ التاريخ والشريعة والفلكلور معاً من جديد فى داخل الشعب.


ومزمور 132 يشابه مزمور24، ومزمور68، فكل هذه المزامير عبارة عن أغنيات وتسبيحات تُستخدم فى العبادة، وكل منها يستخدم فى مناسبة الاحتفال بإحضار داود للتابوت من قرية يعاريم إلى صهيون أو أورشليم، وكل منها يذّكر بالأحداث الدرامية الحيوية المرهبة التى حدثت فى المرة الأولى، وكل منها يحتوى على المقاطع التى تُرنَم بشكل فردى وجماعى. لقد كان الشعب يتذكر خلال هذه المناسبة أحداثاً كثيرة حدثت خلال قرون طويلة منذ أيام سيناء حتى عهد المملكة، ولذلك كان هدف هذه المناسبة أن تترك انطباعاً لدى كل المشاركين أو المشاهدين لها، وكيف أن مصير المدينة – كمكان سكنى الرب - ومصير بيت داود – خادم الرب – متلازمان ومتدخلان. ففى النصف الأول من المزمور نقرأ قرار داود الحاسم بأن يجد المكان المناسب لتابوت عهد الرب، وفى النصف الثانى نلتقى مع قرار الله الحاسم وقسمه لداود بمساندة ملكه واختيار صهيـون، وبالتالى يمكننـا أن نـرى المزمـور كمزمور ملكى مثل مزامير 20و21و45 أو كأغنية لصهيون مثل مز 46و87.


توقيت كتابة المزمور:



يعتقد البعض أن المزمور كتب فى وقت معاصر لحكم داود (10) أو فى أيام سليمان على الأكثر، بينما يعتقد البعض الآخر مثل Mowinckel أنه كتب فى فترة ما قبل السبىّ وكان يستخدم فى الاحتفال بعيد جلوس الملك الذى كان مرتبطاً بالاحتفال بعودة تابوت الرب إلى مكانه.



تقسيم المزمور:



وهذا المزمور من المزامير الطويلة التى لا تظهر كثيراً فى مزامير المصاعد، ويمكننا أن نرى فيه أكثر من فكرة :




أولاً : الدعـاء (1 – 5) :


مواكب الاحتفالات فى الشرق تتحرك ببطء، وفى أثناء تحرك الموكب قد تُعرض رقصات وحركات درامية وطقوس ليتورجيّة. فى هذه المناسبة، الشعب والكهنة والملك مع حشد من حراسه ومرافقيه، الكل يجتمعون فى مكان ما خارج المدينة المقدسة من جهة الغرب. يبدأ الموكب إلى الهيكل فى الشوارع المزدحمة بدعاء من الملك، فيه يطلب نعمة الله للبيت الملكى وللشعب عن طريق تذكيرهم بحماس داود أن يجد مكاناً مريحاً لتابوت الرب. وتذكرهـم نفـس هذه الكلمات بحادثـة فقد التابوت فى (1 صم 4 : 1 – 7 : 2) والخطوات التى اتخذهـا داود لاستعادتـه. (2 صم 6 : 1 – 15). وفى هذا الدعاء :



الثمن والمسؤولية :



"1اُذْكُرْ يَا رَبُّ دَاوُدَ كُلَّ ذُلِّهِ." ومن الأفضل أن تترجم هذه العبارة "اذكر يارب لداود"، أما الذل المشار إليه هنا فربما يعود إلى الجهد الكبير المبذول فى سبيل التغلب على كل المصاعب التى واجهت داود من أجل إعادة التابوت، أو قد تشير إلى صدمة داود عند موت "عُزّة". إن فقدان التابوت بالنسبة للشعب كان معناه فقدان حضور الله فى وسطهم وفقدان إرشاد الله لهم، لذلك سعى داود إلى إرجاع التابوت. لكن فى أثناء ذلك أمات الرب عُزّة بسبب غفلته ولأنه أراد أن يسند التابوت بيده، فى هذا الموقف خاف داود من الرب لأنه رأى اقتحام الرب لعُزّة أمام عينيه. وقد تشير هذه الكلمات إلى كل معاناة داود قبل أن يكون ملكاً، وكيف أن دافعه الوحيد غيرته على مجد الرب إذ أراد أن يجد لتابوته مكاناً.


القسم والنذر - اتخاذ القرار:



لقد اتخذ داود القرار وكان على استعداد لدفع ثمن تنفيذه، "كيف حلف للرب نذر لعزيز يعقوب"، لكننا لانجد تسجيلاً لهذا القسم فى العهد القديم، لكننا نقرأ فقط أن داود وضع ذلك فى قلبه (2 صم 7 : 1 – 3 ، 1 مل 8 : 17)، كذلك لا نقرأ أن لقب "عـزيـز يـعـقوب" ورد على لسان داود، فهو لقب قديم (تك 49 : 24، إش 49 : 26، 60 : 16، 1 : 24) وهذا اللقب يعنى "رئيس يعقوب" وهو من فترة ما بعد الوقت الموسوى.



السرعة والحسم :



"4لاَ أُعْطِي وَسَناً لِعَيْنَيَّ " أى أن داود رفض أن ينام قبل أن ينفذ ما بقلبه. إن هذا التعبيــر المجــازى يقصد به العزم والتصميم. (أم 6 : 4). " 4لاَ أُعْطِي وَسَناً لِعَيْنَيَّ وَلاَ نَوْماً لأَجْفَانِي 5أَوْ أَجِدَ مَقَاماً لِلرَّبِّ مَسْكَناً لِعَزِيزِ يَعْقُوبَ".




هذا يقودنى إلى الحديث عن بعض الأفكار التى أشعر أن هذا النص يوحى بها إلينا كتطبيقات معاصرة لنا نحن اليوم:



* كثرة الكلام وقلة الإنجاز :



· لكى نحقق شيئاً جديداً فى الحياة والخدمة علينا أن نتمتع بـ "الرؤية والحلم" فلا يمكن عمل شئ عظيم بدون حلم عظيم. لقد حلم داود بإرجاع التابوت إلى إسرائيل، وقد كان له ما أراد. ولقد صدقت فيه الحكمة القائلة : "احلم كما تشاء فستجد أن الله يحقق فيك ما هو أكثر بكثير من أسعد أحلامك".



* ينبغى أن يصاحب الحلم الرغبة فى دفع الثمن والعمل على تحقيق الرؤية بمثابرة وعزم وتصميم:



وما نيل المطالب بالتمنى ولكن تُؤخَذُ الدنيا غِلاباً



وليس ذلك فقط بل يعتمد إنجاز الأعمال العظيمة على السرعة والحسم فى أداء الأعمال، لقد رأى داود الفراغ والضياع والواقع المؤلم فاتخذ القرار المناسب واستعد لدفع الثمن وأنجز أمره بسرعة وحسم.



* فى بعض المؤسسات الكبرى بالخارج تُتخَذ البوم (بالباء وليس بالياء) كشعار للمؤسسة، فالبومة تمثل الصمت الدائم المصحوب بالإنجاز السريع فى الوقت المناسب.



* كان "غاندى" يصوم عن الكلام تماماً يوماً واحداً كل أسبوع، يختلى بنفسه ويتخذ قرارات جديدة ويفكر فى الرسالة التى عليه إتمامها.



* كان " فورد" رجل الأعمال المعروف يوظف عدداً كبيراً فى مصانعه من البكم. ظن البعض أنه يريد أن يصنع عملاً خيرياً، لكنه كان يريد قيادات عاملة وليس قيادات مثرثرة دون إنجاز حقيقى.




أحبائى،



متى نتحول من حضارة اللفظ إلى حضارة العمل؟ إن هذه الظاهرة التى تسود مجتمعنا تنطبق أيضاً على الكنيسة، فكم يحلو لنا الجلوس والثرثرة والمجادلات الطويلة المجهدة لكن دون إنجاز يُذكر.




يعلّمنا الكتاب المقدس :



عندما تدخل إلى بيت الله "لِتَكُنْ كَلِمَاتُكَ قَلِيلَةً" (جا 5 : 1 – 7)



"لاَ تَكُونُوا مُعَلِّمِينَ كَثِيرِينَ يَا إِخْوَتِي، عَالِمِينَ أَنَّنَا نَأْخُذُ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ!" (يع 3 : 1)،



"16مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ." (أف 5 : 16).



ثانياً : التحرك (6 –10) :



فى الأعداد 6و 7 "6هُوَذَا قَدْ سَمِعْنَا بِهِ فِي أَفْرَاتَةَ. وَجَدْنَاهُ فِي حُقُولِ الْوَعْرِ. 7لِنَدْخُلْ إِلَى مَسَاكِنِهِ. لِنَسْجُدْ عِنْدَ مَوْطِئِ قَدَمَيْهِ."



هذه الكلمات تبرز لهفة كل الشعب من خلال تجاوبه مع قرار داود بإحضار التابوت من قرية يعاريم، وفى أذهانهم كيف ظل التابوت مدة عشرين سنة فى بيت أبيناداب – كما نعلم من (1 صم 7 : 1 ، 2). وترسم لنا الكلمات أيضاً فرقة ترنيم كاملة من داود والشعب، وتقدم هذه الفرقة قصة البحث عن التابوت وأحداث اكتشافه. تقول القصة إنهم سمعوا به فى أفراتة، ووجدوه فى حقول الوعر (2 صم : 2 – 12 ، 1 أخ 13 : 1-14). سميت هذه البقعة " بعلة يهوذا" (2 صم 6 : 2) أو"بعلة قرية يعاريم التى ليهوذا" (1 أخ 13 :6)، "والوعر" مفرد كلمة يعاريم فى العبرية، وقرية يعاريم تعنى قرية أو مدينة الغابات. "وأفراتة" هى بيت لحم وما جاورها (مي 5 : 2) وقرية يعاريم تعرف بأنها "كالب أفراتة" (1 أخ 2 : 24 مع عددى 4 ، 5) نسبة إلى أفراتة زوجة كالب وابنهما حور الذى سُمىّ (أبى بيت لحم )، وابنه شوبال يُسمى بدوره (أبو قرية يعاريم).




وتحث كلمات هذين العددين كل الشعب أن يسرعوا فى إحضار التابوت إلى الهيكل، وأن يعبدوا الرب قدامه فى نداء يشبه الدعوة الواردة فى (مز 99 : 5 و9 ، 122 : 2)، وهى كلمات تشير إلى حرارة وغنى العبادة.




ومن الملاحظ أن التابوت والله يشيران مرات إلى كيان واحد هو شخص الرب نفسه، يقول الكتاب



"33فَارْتَحَلُوا مِنْ جَبَلِ الرَّبِّ مَسِيرَةَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ وَتَابُوتُ عَهْدِ الرَّبِّ رَاحِلٌ أَمَامَهُمْ مَسِيرَةَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ لِيَلتَمِسَ لهُمْ مَنْزِلاً. 34وَكَانَتْ سَحَابَةُ الرَّبِّ عَليْهِمْ نَهَاراً فِي ارْتِحَالِهِمْ مِنَ المَحَلةِ. 35وَعِنْدَ ارْتِحَالِ التَّابُوتِ كَانَ مُوسَى يَقُولُ: «قُمْ يَا رَبُّ فَلتَتَبَدَّدْ أَعْدَاؤُكَ وَيَهْرُبْ مُبْغِضُوكَ مِنْ أَمَامِكَ». 36وَعِنْدَ حُلُولِهِ كَانَ يَقُولُ: «ارْجِعْ يَا رَبُّ إِلى رَبَوَاتِ أُلُوفِ إِسْرَائِيل»." (عد 10 : 33 – 36)،



ويقول أيضاً "وَوَقَفَ دَاوُدُ الْمَلِكُ وَقَالَ: «اِسْمَعُونِي يَا إِخْوَتِي وَشَعْبِي. كَانَ فِي قَلْبِي أَنْ أَبْنِيَ بَيْتَ قَرَارٍ لِتَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ وَلِمَوْطِئِ قَدَمَيْ إِلَهِنَا, وَقَدْ هَيَّأْتُ لِلْبِنَاءِ." (1 أخ 28 : 2).




فى (أعداد 8-10) "8قُمْ يَا رَبُّ إِلَى رَاحَتِكَ أَنْتَ وَتَابُوتُ عِزِّكَ. 9كَهَنَتُكَ يَلْبِسُونَ الْبِرَّ وَأَتْقِيَاؤُكَ يَهْتِفُونَ. 10مِنْ أَجْلِ دَاوُدَ عَبْدِكَ لاَ تَرُدَّ وَجْهَ مَسِيحِكَ.".



يتحرك الموكب الآن نحو أبواب صهيون فى إتجاه الهيكل فى هتاف عظيم "قُمْ يَا رَبُّ إِلَى رَاحَتِكَ أَنْتَ وَتَابُوتُ عِزِّكَ" (8).



إنهم يتذكرون الآن الأحداث المؤثرة التى صاحبت حضور التابوت فى (يش 3 : 14 – 17 ، 1صم 6 : 1-21)، وهى عبور الأردن وضربة الفلسطينيين عندما أخذوه، حتى أرسلوه إلى قرية يعاريم. ويتقدس الكهنة لحمل التابوت فى مشهد مهيب، وكلما تقدم الموكب حياّ الشعب التابوت بصيحات الفرح، "كَهَنَتُكَ يَلْبِسُونَ الْبِرَّ وَأَتْقِيَاؤُكَ يَهْتِفُونَ." (9) مع (إش 61 : 10). وفى (10) يتغير المشهد إلى قاعات الهيكل ويقدم الملك الصلوات والذبائح لنوال نعمة الرب.




دعوة للعبادة الفاعلة :



وهنا نرى حضور الله وطبيعة العبادة الحقيقية فى مفهومها وفى أساليب ممارستها، العبادة الحارّة الغنيّة والفعالّة فى تغييرها للحياة. إنها عبادة لإله قدوس عظيم ومهوب (إش 6 : 1-10)، ولذلك فهى تتطلب الخشوع والوقار والترتيب فى العبادة، والقداسة فى الحياة ككل، وهى عبادة لإله يعمل فينا وبنا، ولذلك فهى رد فعل طبيعى لهذا العمل. إن الإخلال بهذه المعادلة فى العبادة يبعدها عن مفهومها الكتابى الصحيح البعيد عن الجمود والجفاف والبعيد كذلك عن التشويش والسطحيّة، كما يفرغها من قوة فاعليتها وعمقها فى إشباع الحياة الروحية وتغييرها المستمر، وتجديد الحياة الكنسيّة الدائم، ولذلك نلاحظ التجاوب من الرب فى (عدد 16).




أيضاً نجد تطبيقاً عملياً فى نفس القصة حول هذه المعادلة، فى أحداث إحضار التابوت. كانت هناك تجربة أولى (1 أخ 12 : 10 - 14) بدأت بالإهمال وانتهت بمأساة هى موت عُزَّة لتجاوزه المقدسات، وتُرك نتيجة لذلك التابوت فى بيت عوبيد أدوم الجتىّ ثلاثة أشهر. أما الإهمال فقد ظهر فى غياب الكهنة وعدم تقديسهم وعدم قيامهم بحمل التابوت على الأكتاف كما أمر الرب. ولذلك صَحًّح داود طريقه وقام بتجربة ثانية قال فيها للكهنة واللاويين



"«أَنْتُمْ رُؤُوسُ آبَاءِ اللاَّوِيِّينَ, فَتَقَدَّسُوا أَنْتُمْ وَإِخْوَتُكُمْ وَأَصْعِدُوا تَابُوتَ الرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ إِلَى حَيْثُ أَعْدَدْتُ لَهُ. 13لأَنَّهُ إِذْ لَمْ تَكُونُوا فِي الْمَرَّةِ الأُولَى, اقْتَحَمَنَا الرَّبُّ إِلَهُنَا, لأَنَّنَا لَمْ نَسْأَلْهُ حَسَبَ الْمَرْسُومِ». 14فَتَقَدَّسَ الْكَهَنَةُ وَاللاَّوِيُّونَ لِيُصْعِدُوا تَابُوتَ الرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ. 15وَحَمَلَ بَنُو اللاَّوِيِّينَ تَابُوتَ اللَّهِ كَمَا أَمَرَ مُوسَى حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ بِالْعِصِيِّ عَلَى أَكْتَافِهِمْ."



(1 أخ 15 : 12 – 15).



وهكذا نرى فى هذه الأعداد المعادلة قائمة وكاملة : القداسة والفرح معاً.




إنها العبادة بالروح والحق… بالروح كطبيعة الله ضد كل ما هو جسدانى وحرفى وشكلى، بل عبادة القلب. وبالحق الذى هو فكر الله وإرادته، ضد كل ما هو باطل أو وهمى أو خرافى .. وهى عبادة تجمع شعور العابد وفكره معاً، وتربط بين العقيدة والحياة اليوميّة، وبين دعم الحاضر والتطلع بأمل ورجاء إلى المستقبل.



"1فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ اللهِ أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ. 2وَلاَ تُشَاكِلُوا هَذَا الدَّهْرَ بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ.". (رو 12 : 1 و 2)



ثالثاً : الاستجابة (11– 18) :



فى هذه الاستجابة يتوافق قسم الله مع قسم داود فى (2)، وتتوافق مواعيد الله مع صلوات كل الشعب فى (9 و10)، وتتمثل هذه الاستجابة فى نبوة من قسمين :



الأول (11 و12) عن النسل والعهد :



وهى كلمات وأسلوب ناثان النبى لداود (2 صم 7 : 1– 16) خاصــة الأعداد (14 – 16). وفى هذه النبوة نرى الوعد والالتزام (11)، والشرط والتحذير (12) وهذه الكلمات قريبة إلى الكلمات التى جاءت فى (مز 89 : 19 – 37).



وفى هذه النبوة أبدل الله فكرة داود ببناء مسكن ثابت له من حجر (لأنه كان يفضل مسكناً متحركاً)، بفكرة حلوله فى جسد بشرى... فمسكن الرب (برغم العلاقة الخاصة بين الرب وبين الموقع المادى كما نرى فى 13 – 18) شخصى لا معمارى (أع 7 : 46– 50) كما جاء فى خطاب استفانوس..



وهنا تتجه النبوة إلى ابــن داود، إلـى المسيا، إلى"وَﭐلْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّاً." (يو 1 : 14).




الثانى (13 – 18) عن الموقع والشعب :



وفى هذا القسم نرى ما يلى :



أ) الاختيار(13 – 14) :



وفى هذه الأعداد نجد ثراء ودفء وعود المحبة والاستجابة والتجاوب معها لكى تتحقق .. هنا التابوت أخذ مكانه، واستجيبت الصلاة فى (8) "قُمْ يَا رَبُّ إِلَى رَاحَتِكَ أَنْتَ وَتَابُوتُ عِزِّكَ."، ولذلك من الطبيعى والمناسب أن يكون الاختيار الدائم لصهيون التى اشتهاها الله كمكان لراحته إلى الأبـد. (انظر مزمور 46 : 4 ، 48 : 1-3، 87 : 1-3 ، 122: 6- 9)



ونحن نعلم أن هذا الاختيار عندما أُسئ فهمه كلية، بسبب قساوة وأنانية الشعب، واستغلالهم له واتجارهم به، واستعلائهم على الآخرين بسببه بدلاً من أن يكونوا جسراً لكل الشعوب، فعندما أسئ فهمه تحقق هذا الاختيار فى شعب الرب الجديد، الكنيسة. ففى القسم الأول من النبوة ابن داود المسيا المخلص الرب الملك، وفى القسم الثانى الكنيسة عروس المسيح وجسده .. وهنا أهمية موقع الكنيسة مادياً وروحياً وأهمية الانتماء والانضمام لها.



ب ) البركات (15 – 18) :



وحيث حضور الرب فى كنيسته وبين شعبه فى العبادة وفى الحياة أفاح ناردينى رائحته فى البركات العديدة المادية والروحية :



* الوفرة والشبع حتى للفقراء (15).



* الخلاص والفرح للكهنة والشعب (16).



* ازدهار واستمرار البيت والتاج الملكى (17و18) فى قوة ونقاء وجلال.




والكلمة "قرناً" المستخدمة فى عدد 17 تشير إلى القوة والحيوية والخلق، وقد تذكرنا هذه الكلمة بعصا هارون التى أفرخت وتصديق الرب عليه كرئيس كهنة (عد 17 : 8). أما "السراج" فهى تشير إلى الوريث أو الحفيد (1 مل 11 : 36 ، 15 : 4 ، 2 أخ 21 : 7). أى أن البيت أو النسل لن يكون فارغاً أو مظلماً بعـد، بـل منتصراً ومزدهراً "وعليه يزهر إكليله".




لقد بدأ المزمور بالمصاعب والذل والقرار الصعب، وانتهى بالمجد والازدهـار والانتصار. وهنا التـوازن الوثيـق فى الفكـر بين الطلبة (1، 8 – 10) والاستجابة (11 ، 14 ، 16 ، 17)، وهنا نرى:



* دعوة للإنتظار الواثق :



إن الاستجابـة والمكافـأة للأمنـاء يقينية "مـال إلـىّ وسمع صراخى" (مز 40 : 1)،



"عالمين أن تعبكم ليس باطلاً فى الرب" (1 كو 15 : 58).



لكن علينا أن ننتظر ذلك منه فى وقته بإيمان وصبر وتصحيح مسار دائم بلا فشل. لقد فشل داود فى إحضار التابوت فى المرة الأولى ومال به إلى بيت عوبيـد وبقـى هنـاك ثلاثة أشهر (1 أخ 13 : 12 – 14)، لكنه حاول مرة أخرى ونجح فى (1 أخ 15 : 1 – 15). إن الرب فى جوده ورحمته لا يقابلنـا بفشلنـا بـل يتجـاوب مع تصحيحنا ويحقق وعوده لنا (12). لقد فشل يشوع أمام عاى (يش 7 : 1 – 9)، لكنه صَحَّحَ مسار شعبــه (يش 10 – 26)، وحقق الرب انتصاره فى (يش 8). وفشل أيضاً بطرس وأنكر سيده، لكنه ندم وبكى، فظهر له الرب وشجعه وحَمّله مسئوولية الرعاية والخدمة (يو 21).




لننتظر الرب بإيمان وثقة، بصبر ورجاء، بضمير صالح وقلب ملتهب، بيقين راسخ "أما منتظرو الرب فيجددون قوة يرفعون أجنحة كالنسور يركضون ولا يتعبون يمشون و لا يعيون" (إش 40 : 27 – 31).




لنتمسك إذن بشخصه وكلمته، ولنحرص ولنحذر من اليأس : "إن توانت فانتظرها لأنها ستأتى إتياناً ولا تتأخر".(حب 2 : 3)




* دعوة لتحقيق القصد :



لقد اختارنا الله لنفسه لنكون ضمن شعبه، والطريق إلى تحقيق قصد الله هو أن نقبل عمل الرب وأن ننضم لشعب الرب : "وكان الرب يضم كل يوم إلى الكنيسة الذين يخلصون" (أع 2 : 47 ب)، ثم علينا أن نحقق هدف القصد والاختيار، لأن الله اختارنا بنعمته ومحبته، لا لفضل فينا ولكن لنكون بركة لمن حولنا فى انفتاح ووعىّ وحب لكل الناس، وليس فى انغلاق أو أنانّية أو استعلاء أو تعصب (تث 7 : 6 – 11، يو 15 : 16و17)


رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
مزمور 121 هو ثاني مزامير المصاعد
مزمور 129 (مراجعة التاريخ) من مزامير المصاعد
مزمور 125 ( ملجأ الأمان) من مزامير المصاعد
مزمور 131 (مرفأ السلام) من مزامير المصاعد
مزمور 130 (معادلة الغفران) من مزامير المصاعد


الساعة الآن 07:39 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024