منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09 - 10 - 2012, 07:08 PM   رقم المشاركة : ( 11 )
Marina Greiss Female
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية Marina Greiss

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 14
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : USA
المشاركـــــــات : 20,933

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Marina Greiss غير متواجد حالياً

افتراضي رد: رحلة الالام .... كاراس المُحرَّقيّ

رحلة الالام : 4 - دمــوع في البستان .... بقلم الراهب كاراس المُحرَّقيّ



دمــوع في البستان




بقلم الراهب كاراس المُحرَّقيّ



حديث الطريق

فرغ المسيح من العشاء المُقدّس، وبعد أن سبّح مع تلاميذه، وخفقت قلوبهم كالعصافير، غادر عليّة صهيون (مت26:30)، وها هو يعبر معهم وادى قدرون (يو1:18) الذي عبره من قبل داود الملك وهو يسير حافي القدمين، مُغطّى بمسوح ووجه منكساً، هارباً من بطش ابنه أبشالوم بسبب خطيته، التي أهان وجرح بها نفسه وأغضب الله (2صم30:15).

ويسير مُخلّصنا فى سكون الليل وظلامه، وأخيلة الأشجار تتحرك أمامه، كأنّها أشباح انبثقت من شقوق الأرض لتُخيفه، وأشعه القمر الضعيفة ترتعش بين الغصون، كما لو كانت سهام شيطانية تتجه نحو صدره لتُميته! يُرافقه تلاميذه وهم فى تأثر عميق لِما جرى فى العُليّة، وإعلانه المؤلم عن مُسلّمه.

وفي أثناء السير قال لهم: " كُلُّكُمْ تَشُكُّونَ فِيَّ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ : أَنِّي أَضْرِبُ الرَّاعِيَ فَتَتَبَدَّدُ خِرَافُ الرَّعِيَّةِ " (مت31:26)، فمنذ فترة وجيزة كشف لهم عن خيانة تلميذه يهوذا الإسخريوطيّ، ولكن يجب ألاَّ يطمئن الباقون، فإن كان لا يوجد سوى خائن واحد إلاَّ أنَّ الجميع سيهجرونه، ستتبدد خراف الرعيّة لأنَّ راعى الخراف قد ضُرب .

ثم يعطيهم فكرة عن لقاء سعيد يلتقون فيه مّرة أُخرى عقب هذه العاصفة فيقول: " وَلَكِنْ بَعْدَ قِيَامِي أَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ " (مت32:26) فهناك لن تكون كأس ألم يتجرعها ولا أتباعه يشكّون فيه، سيتقابل معهم مُمجداً وعلى رأسه تيجان كثيرة.. بعد أن اكتنفه الحزن طويلاً، فقد كان لابد أن يقوم ليغسل ما لحق به من إهانات وتعييرات وعذابات من اليهود والرومان، أولئك الذين شاطت عقولهم وصلبوه حسداً، وظنوا أنَّ القش يمكن أن يقف أمام اللهيب، فقام الجبَّار وازدرى بهم! لأنَّ الغبار لا يقدر أن يقف أمام الريح!



ويصر بطرس الرسول على أنَّه سيحتفظ بأمانته مهما حدث إذ قال " وَإِنْ شَكَّ فِيكَ الْجَمِيعُ فَأَنَا لاَ أَشُكُّ أَبَداً " (مت33:26)، لا أجحدك فأنا مستعد لأمضى معك، إن بذلت ذاتك للموت ها أنا معك، وإن اخترت الصعود للصليب أصعد معك، فالموت معك ربح لى لأنه سيقودنى إلى الحياة الدائمة.. لكن يسوع بكل صراحة يُعلن أنَّه سيُنكره سريعاً " إِنَّكَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ دِيكٌ تُنْكِرُنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ " (مت26: 34)، ويعود بطرس يؤكد أمانته، مع التلاميذ ولكن دون جدوى، لأنَّ الجميع تركوه ساعة الصلب وحده وهربوا كل واحد إلى خاصته، وقد لبثت أُمه واقفة بجانب الجثّة الهامدة كأنّها تحرس طفلها!(منتديات الفرح المسيحى)

هربت الخراف وبقى الراعى وحده يحيط به الذئاب الخاطفة! لأنَّ الظلمة لا تعانق النور فهناك عداوة قديمة بينهما! كما أن الشيخوخة الذابلة لا تستأنس بالشباب الغض، شأنها شأن الصباح لا يلتقي بالمساء إلاَّ ليبدده!

ويدخل رب المجد بستان جثسيماني، على ممر بين أشجار الزيتون لا ليحيا فيه متنعماً كآدم فى جنَّة عدن، بل متألماً! ففى هذا المكان جمعه الربيع فى قبضة الحُب، حيث كان يقضي أيامه في الصلاة، وفى نفس المكان جمعه خريف الأشرار المُلبّد بالزوابع أمام عرش الموت!

معصرة الزيت


تقع جثسيمانى على سفح جبل الزيتون، ومعناها معصرة الزيت، لأنَّهم كانوا يُحضرون الزيتون من أشجاره، التي تنمو هناك فى الحدائق المجاورة لتُعصر ويُستخرج منها الزيت.. وفـى المعصرة انداس المسيح وحده (إش3:63)، وقد سُر الله أن يسحقه لكى يخرج منه زيت جديد لكل من يؤمن به، لنشترك فى أصـل الزيتونة الجديدة ودسمها (رو11:17).

هناك كانت تنمو أشجار الزيتون، والمسيح قد جاء إلى جثسيمانى، لكي يغرس الزيتون الصغير بقوته الإلهية فهو الزارع السماويّ وكل غرس يغرسه فى الحقل الإلهيّ يُعلن " أمَّا أَنَا فَمِثْلُ زَيْتُونَةٍ خَضْرَاءَ فِي بَيْتِ اللهِ " (مز8:52).

والزيتون إن كان يرمز إلى الألـم لمرارته، إلاَّ أنَّه يرمز أيضاً إلى السلام، فالحمامة التى أرسلها نوح من الفُلك، عندما غطّت مياه الطوفان الأرض، عادت إليه وهى تحمل غصن زيتون أخضر فى فمها، فعلم نوح أنَّ المياه قلّت عن الأرض (تك8: 11)، فكان ذلك إشارة لحلول سلام الله على الأرض، ومنذ ذلك الوقت قد صار غصن الزيتون شعار السلام بين البشر، وشجرة الزيتون علامة تشير إلى النجاح والبركة الإلهية (مز52: 8) (هو14: 6).

وهذا يعنى: إننا لن نحيا فى سلام إلاَّ من خلال آلام المسيح، فعن طريق الآلام تم الفداء، ومن ثمار الفداء عودة السلام إلى الأرض مرة ثانية بعد أن سادها الرعب سنينَ طويلة، أتتذكرون يوم ميلاده عندما شق الملائكة ببهائهم ظلام الليل، فحوَّلوا الأرض سماء وملأوا الكون بذبذباتهم الروحية، وعزفوا على قيثارات الحُب تسبيح المجد والسلام والفرح " لْمَجْدُ لِلَّهِ فِي الأَعَالِي وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ " (لو14:2).


قمة الألم

ما أن وصل يسوع إلى باب
البستان حتى قال لتلاميذه: " جْلِسُوا هَهُنَا حَتَّى أَمْضِيَ وَأُصَلِّيَ هُنَاكَ " (مت36:26)، ويجلس التلاميذ عند مدخل البستان طاعة لأمر مُعلّمهم، بينما يصطحب المُعلّم بطرس ويوحنا ويعقوب ويتقدمهم إلى داخل البستان، ويلقى بنفسه بين يدي الآب فى تضرع ولجاجة.. ولا تزال كأس الأهوال لم تعبر عن المخلص الغارق فى الألم، بل تزداد مرارتها لحظة بعد الأُخرى، ويزداد الصراع وتعلو الزفرات.. وهل يستطيع الجالس على أجنحة الموت، أن يستحضر تغريد البلبل وهمس الزهور وحفيف الغصون؟! أيقدر الأسير المثقّل بالقيود والهموم أن يُلاحق هبوب نسمات الفجر؟!

وتصل الآلام النفسية إلى قمتها، وقد عبّر مُعلّمنا متى البشير عن هذه الآلام بعبارة " وَابْتَدَأَ يَحْزَنُ وَيَكْتَئِبُ.. نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدّاً حَتَّى الْمَوْتِ " (مت37:26،38) وكلمة يكتئب تعبّر عن الحزن، الذى يجعل الإنسان غير صالح للاختلاط بالناس أو غير راغب فيه.

ويعطينا مُعلّمنا مرقس بوصفه الدقيق لتفاصيل المشهد الرهيب، فكرة أوضح عن الحزن الذى قد جاء علـى المسيح فى قوله: " وَابْتَدَأَ يَدْهَشُ وَيَكْتَئِبُ " (مر33:14)، وكلمة يدهش فى الأصل تتضمن رعباً مُفاجئاً، بسبب شئ مُخيف، فالبشير يريد أن يُعلن أن فزع يسوع، كان بسبب مناظر من الخارج اقتحمته وكانت تنذر بتمزيق أعصابه.

فما الذى جعل يسوع يحزن ويكتئب؟!

لابد أنَّه رأى كل خطايا البشرية أمام عينيه، رأى سقوط آدم وطرده من الجنَّة، وقايين الذي قام على أخيه هابيل وقتله حسداً وغدراً، وشر العالم الذى كثُر أيام نوح فاغرقهم بماء الطوفان، والفساد الذى عاش فيه أهل سدوم وعمورة فأحرقهم بالنار والكبريت.. وكان يعلم أنَّه بعد ساعات سيُعرى من الأشرار ويُجلد ويُتفل على وجهه ويُكلل بالشوك ويُسمّرعلى الصليب..

فهذه كلها أحداث تركت أثراً عميقاً فى نفس البار! حقيقة إنَّ الشهداء تألَّموا وماتوا لأجل المسيح، لكنَّهم لم يحزنوا كمخلصنا، لأنَّه على صليب القديسين ينطق الرب بالتطويب، الأمر الذي يجعلهم يفرحون أثناء حمل الصليب (مت10:5-12) أمَّا صليب المسيح فكان يقترن باللعنة " مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ" (غل13:3) الأمر الذى يجعله يحزن ويكتئب!
  رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
خلى بالك من ابديتك وكلام يبكت من انبا كاراس † عظات الانبا كاراس
رحلة الالام
وابتدأت رحلة الالام
رحلة الصوم الكبير ( اسبوع استعداد ، 40 يوم صامها بابا يسوع ، اسبوع الالام )
كتاب رحلة الآلام للراهب كاراس المحرقي


الساعة الآن 01:24 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024