رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
(لو1:4-14) آية (1) "أما يسوع فرجع من الأردن ممتلئاً من الروح القدس وكان يقتاد بالروح في البرية." أما يسوع= هذا اسمه الإنساني، فهو جرب كإنسان، لذلك فيوحنا الذي تكلم عن لاهوت المسيح لم يورد هذه التجربة، وبهذا فهو صار مُجَرَّب مثلنا. فلو دخل التجربة بلاهوته لما كان قد جرب مثلنا. هذه الآية نرى فيها ارتباط المعمودية بالتجربة. آية (2) "أربعين يوما يجرب من إبليس ولم يأكل شيئاً في تلك الأيام ولما تمت جاع أخيراً." أربعين يوماً= موسى يصوم 40يوماً ليتسلم شريعة العهد القديم كان فيها يحرم جسده لترتفع الروح حُرَّة من مشاغبات الجسد فيأخذ من الله الشريعة. وهكذا صام المسيح 40يوماً قبل البدء في خدمة العهد الجديد. آية (13) "ولما اكمل إبليس كل تجربة فارقه إلى حين." فارقه إلى حين= فالشيطان لا يكف عن حروبه ضدنا، فإن لم نستجب لإغراءاته أشهر ضدنا اضطهاداً، وهذا ما فعله بالمسيح إذ أثار ضده الفريسيين وغيرهم، ثم انتهى بمؤامرة الصليب. وربما أن القديس لوقا أراد أن ينوه عن هذا إذ هو نقل التجربة الثانية، أي تجربة جناح الهيكل في أورشليم بحسب متى لتصبح في لوقا التجربة الثالثة، لأنه يريد أن يقول أن هزيمة إبليس هنا الأخيرة في أورشليم كانت تمهيداً لهزيمته النهائية على الصليب في أورشليم أيضاً. كل تجربة= ربما كانت هناك تجارب أخرى لم يكشف عنها المسيح فهي فوق إدراكنا، بل حتى القديسين حاربهم إبليس بحروب فوق إدراكنا. ونشكر الله أن الله لا يدعنا نجرب فوق ما نحتمل. آية (14) "ورجع يسوع بقوة الروح إلى الجليل وخرج خبر عنه في جميع الكورة المحيطة." رجوع يسوع بقوة الروح بعد هزيمته لإبليس وبعد صومه فيه درس لنا بأهمية الصيام وعدم الخوف من حروب إبليس. وهذا القول لا يعني أن يسوع لم يكن قوياً ثم صار قوياً، بل أن البشرية التي فيه صارت تحمل قوة جديدة هي لحسابي ولحسابك، هي رصيد نتمتع نحن به. وظهرت هذه القوة في السلطان الذي كان المسيح يعلم به ويصنع به المعجزات. الآيات (14-22): "ورجع يسوع بقوة الروح إلى الجليل وخرج خبر عنه في جميع الكورة المحيطة. وكان يعلم في مجامعهم ممجداً من الجميع. وجاء إلى الناصرة حيث كان قد تربى ودخل المجمع حسب عادته يوم السبت وقام ليقرأ. فدفع إليه سفر أشعياء النبي ولما فتح السفر وجد الموضع الذي كان مكتوباً فيه. روح الرب علي لأنه مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأشفي المنكسري القلوب لأنادي للمأسورين بالإطلاق وللعمي بالبصر وأرسل المنسحقين في الحرية. وأكرز بسنة الرب المقبولة. ثم طوى السفر وسلمه إلى الخادم وجلس وجميع الذين في المجمع كانت عيونهم شاخصة إليه. فأبتدأ يقول لهم انه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم. وكان الجميع يشهدون له ويتعجبون من كلمات النعمة الخارجة من فمه ويقولون أليس هذا ابن يوسف." رجع يسوع بقوة الروح= الجسد كان ضعيفاً، ولكن الروح كان قوياً لكن الإنسانية التي في المسيح يسوع إمتلأت بقوة الروح. ومن منهج المسيح نفهم كيف نصبح أقوياء بالروح أو كيف نمتلئ بالروح [1] صوم وصلاة كما صام المسيح هذه الأربعين يوماً [2] رفض إقتراحات إبليس [3] قطعاً يسبق كل هذا المعمودية. ومن المؤكد سننتصر لأن غلبة المسيح على الشيطان كانت لحسابنا. خرج خبرٌ عنه في جميع الكورة المحيطة= بدأ السيد معجزاته وتعاليمه في كفرناحوم، وخرجت أخباره لكل منطقة الجليل، مما أثار غيرة أهل الناصرة، فالناصرة هي وطنه، وآخذوه على ذلك (23:4). حيث كان قد تربى= هذه تشير لدقة لوقا، فالمسيح وُلِدَ في بيت لحم لكنه تربى في الناصرة. ممجداً من الجميع= لقد إنبهروا بتعاليمه ومعجزاته، ولكن وياللعجب فبعد قليل نجدهم يثورون ضده ويحاولون قتله (29:4)، فهم لا يريدون أن يسمعوا كلمات تأنيب، هم يريدون المعجزات ولكن لا يريدون التعاليم التي تقود للحياة، يريدون شفاء الأجساد ولكن لا يريدون شفاء الأرواح. ولاحظ كبريائهم فما أعثرهم فيه أنه من أصل بسيط أليس هذا إبن يوسف فهم في كبريائهم يريدون أن من يعلمهم يكون إبن ملوك. وسنرى سبباً آخر بعد ذلك لثورتهم أن السيد أشار لاستحقاق الأمم للشفاء (26:4-27) وهم كانوا يشعرون أنهم أبناء الله أمّا الأمم فكانوا يسمونهم كلاباً. إن إنتقالهم هكذا من الإعجاب بالمسيح إلى محاولة قتله ليشير أنهم فقدوا الحس والبصيرة (تث28:32-33). (آية16): وقام ليقرأ= كان الشعب يجتمع في المجامع للصلاة ولسماع الكتاب المقدس والوعظ والتعليم. وكان من الممكن أن يُدعى للقراءة والوعظ أي شخص يمكنه أن يتكلم، وهذا إستغله رُسُل المسيحية فعلموا من خلال المجامع اليهودية المنتشرة في العالم كله عن المسيح. والمجامع بدأ إنشاؤها بعد السبي. وكانوا يجتمعون أيام السبت والإثنين والخميس. وكانت هناك قراءات محددة لكل يوم. (بنظام القطمارس القبطي حالياً). فكان يقرأ جزء من ناموس موسى أي التوراة وجزء من الأنبياء (أع14:13-16). حسب عادته= إذاً فالمسيح كان قد تعود حضور المجامع في المكان الذي يوجد به. وبالرجوع للآية (15):- نجد أن المسيح قد ظهر في مجامع اليهود كواعظ مشهور. وقام ليقرأ= كانت العادة أن يقرأوا الكتاب وهم وقوف، ويجلسون عند الوعظ والتعليم (نح5:8). ومن كان يريد أن يتكلم ويعظ يقف، لذلك وقف السيد. (آية17): كانت القراءة من أسفار النبوات في هذا اليوم مأخوذة من سفر إشعياء (أش1:61-2). وكان هذا بتدبير إلهي فليس هناك مكان للصدف في تدبيرات الله، وكان النص يتحدث عن المسيح. (آيات 18-20): وطوى السفر= بعد أن قرأ وأكرز بسنة الرب المقبولة ولم يُكِمل باقي الآية من سفر إشعياء، والتكملة هي "وبيوم إنتقام لإلهنا" لكن المسيح في مجيئه الأول أتى ليخلص لا لينتقم، لذلك طوى السفر تعني أن الوقت ليس هو وقت الإنتقام. هو جاء ليُمْسَحْ من الروح القدس يوم الأردن ويخصص كرئيس كهنة يقدم ذبيحة نفسه ليخلص المساكين، المطحونين في عبودية لإبليس، جاء كطبيب سماوي ليشفي المنكسري القلوب. وليكرز بسنة الرب المقبولة= هي سنة اليوبيل التي تأتي كل 50سنة وكان يتم فيها تحرير العبيد وتحرير الأرض، وهذا رمز لما سيقدمه المسيح بصليبه للبشرية، فهو أتى ليهب المؤمنين الحرية الروحية، ويعيد للبشر ما فقدوه من ميراث البر وملكوت السموات. وليعيد لنا البصيرة الروحية. إذاً سنة اليوبيل، السنة المقبولة، هي مجيئه الأول، أما "يوم إنتقام إلهنا" فهذه إشارة لمجيئه الثاني كديان للأرض كلها. والمسيح في كلامه أشار صراحة أنه هو المقصود بهذه النبوة. وكان يتكلم بقوة وسلطان جذبا السامعين إليه، ولكن ياللأسف فكبريائهم قد أعمى عيونهم فلم يعرفوه ولم يؤمنوا.. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). لماذا؟ لأنه إبن يوسف النجار البسيط. الآيات (23-30): "فقال لهم على كل حال تقولون لي هذا المثل أيها الطبيب أشفي نفسك كم سمعنا انه جرى في كفرناحوم فافعل ذلك هنا أيضاً في وطنك. وقال الحق أقول لكم انه ليس نبي مقبولاً في وطنه. وبالحق أقول لكم أن أرامل كثيرة كن في إسرائيل في أيام ايليا حين أغلقت السماء مدة ثلاث سنين وستة اشهر لما كان جوع عظيم في الأرض كلها. ولم يرسل ايليا إلى واحدة منها إلا إلى امرأة أرملة إلى صرفة صيدا. وبرص كثيرون كانوا في إسرائيل في زمان اليشع النبي ولم يطهر واحد منهم إلا نعمان السرياني. فامتلأ غضباً جميع الذين في المجمع حين سمعوا هذا. فقاموا وأخرجوه خارج المدينة وجاءوا به إلى حافة الجبل الذي كانت مدينتهم مبنية عليه حتى يطرحوه إلى اسفل. أما هو فجاز في وسطهم ومضى." هم تساءلوا لماذا لم يبدأ المسيح معجزاته في بلده الناصرة ولماذا بدأ في كفرناحوم. والمسيح عرف ما يجول في ذهنهم فهو الله فاحص القلوب والكلى، فقال لهم تقولون لي هذا المثل، أيها الطبيب إشف نفسك= أي إذا كنت طبيباً وقادر أن تشفي أهل كفرناحوم، كان الأولى بك أن تشفي أهلك في الناصرة (= نفسك). وبهذا تثبت نفسك كطبيب شافي ولست إبن يوسف النجار فقط (طبعاً المثل يقال أصلاً إذا أصاب الطبيب أي مرض). وكان رد المسيح عليهم وعلى تساؤلاتهم أنه لم يصنع آيات في وسطهم لأنهم لا يستحقون.. الحق أقول لكم ليس نبي مقبولاً في وطنه= (هذا مثل شائع عندهم). فالمشكلة أنكم لا تقبلونني ولا تؤمنون بي، بل كل ما تفكرون فيه بساطة عائلتي وأن أبي نجار. وأيضاً فالمثل يشير لأنهم رافضين للمسيح كما رفض أباؤهم الأنبياء وقتلوهم، وذلك بسب الحسد، فأهل النبي إذ يعرفون أهله وبيته وسيرته يستكثرون عليه أن يصير نبياً، إذ يحسبونه كواحد منهم أو أقل. فرؤية إنسان كثيراً يفرغ المهابة من حول شخصه. وهذا حقيقي دائماً فالحسد يجعل كل واحد، لا يحتمل تفوق جاره الذي يعرفه ويظن أنه الأجدر بهذه الكرامة. بل أن السيد أشار أن موقفه هذا تكرر من قبل مع إيليا وإليشع إذ تمتع بمعجزاتهم الأمم وليس أبناء وطنهم الذين لا يستحقون، بل كان الله يؤدبهم لعبادتهم الوثنية. وهنا نفهم أسلوب الله، أن الله يمنع نعمه وبركاته عمن لا يستحقها. وهل كان في إسرائيل إيمان مثل إيمان المرأة. وطبعاً فقصتي إيليا وإليشع، إشارة واضحة لقبول الأمم ورفض اليهود فيما بعد لصلبهم المسيح. ولكن المعنى القريب هو إستحقاق كفرناحوم للمعجزات لإيمانهم وعدم إستحقاق أهل الناصرة لعدم إيمانهم. ولكن إشارة المسيح لإستحقاق الأمم أكثر من اليهود لمعجزات إيليا وإليشع، أثارت اليهود الحاضرين لكبريائهم وقاموا بمحاولة لقتل المسيح. عموماً لا أحد يريد أن يسمع حقيقة نفسه ويكره من يظهر له حقيقة خطاياه (رؤ10:11). إلاّ أن المسيح لم تكن ساعته قد جاءت بعد فجاز في وسطهم وتركهم، فلا سلطان لأحد عليه (يو11:19)، بل هو يضع ذاته من نفسه حين يريد (يو17:10-18) إذاً هو جاز وسطهم بسلطان لاهوته. وهنا السيد إستغل مقاومة أهل بلده له ليعلن قبوله لكل البشرية. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|