![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() الصليب من صِلْب حياتنا هنا والآن. مزروع في حياتنا طالما نحن مصلوبون على الموت. مزروع في صحّتنا طالما نحن مصلوبون على المرض. مزروع في أفراحنا طالما نحن مصلوبون على الشقاء. شبح الصليب لا يفارقنا في صعودنا ونزولنا، في جيئنا وذهابنا. الناس للناس صليب مهما تآنسنا. لكنْ إذا كان ثمّة صليب يقع علينا رغم كل شيء، فثمّة صليب نأخذه نحن على عواتقنا، عن إرادة منا، وليس أحدٌ ولا شيء يفرضه علينا: صليب المحبّة! لم تعد المحبّة ممكنة من دون صليب. بخلاف ما يظن الكثيرون لا تأتي المحبّة عفواً. لا تأتي إلاّ بالمشاق. أن يولد الآخر من حشاك لا يأتي إلاّ بعد مخاض. كأنما كل نفس امرأة والسيّد يقول لها: "تكثيراً أكثّر أتعاب حَبَلِك. بالوجع تلدين..." (تك 3: 16). ما يأتي عفواً هو أن تحبّ نفسك وما لك. هكذا قَلْب الإنسان شرّير منذ حداثته. الخروج من النفس مكلف. ليس أيسر من أن تبتلع الناس. البطولة الحقّ أن تقدّم نفسك للآخَرين خبزاً، أن تبذل. "خذوا كلوا هذا هو جسدي... اشربوا منه كلّكم، هذا هو دمي". لأنّ الإنسان مفطور على المحبّة ?هكذا برأه الربّ إلهه? فإنّه إن لم يضمّ الصليب أولاً إلى صدره، إن لم يحبب التعب من أجل الإخوة فلا سبيل لمعرفته لهم بالمحبّة. يبقى الآخر على الضفّة الأخرى حتى تأتيه أنت على معبر جسدك وأتعابك ودمك. الجسد في منظور ما بعد السقوط لأن تُهلكه من أجل الإخوة. ليس أحد يعيش لذاته ولا أحد يموت لذاته، فإنّنا إن عشنا فللربّ نعيش وإن متنا فللربّ نموت، فإن عشنا وإن متنا فللربّ نحن. كل الذين يريدون أن يُبعدوا الصليب من أفقهم يطلبون الموت للاشيء. بالصليب تكون المحبّة وبالمحبّة الحياة. بغير ذلك يكون الإنسان ملعوناً يهرب من شبح الموت إلى الموت. كل حياة العالمين بغير صليب المحبّة هروب. المال هروب. الملذّات هروب. السلطة هروب. الألعاب والاحتفالات والمآدب هروب. المخدّرات والمسكرات هروب. حقيقة حياتنا هنا والآن الصليب أو نُصلَب على الأوهام والخيالات. ليس كالصليب يُعين على صيرورة الإنسان إنساناً. بغير ذلك إنسانيتنا يصيبها الضمور، تتألّل (من آلة)، تَتَحَيوَن (من حيوان)، تتشيطن (من شيطان). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|