![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() للقديس يوحنا الذهبي الفم تدقيق داود في سلوكه الروحي لم يمد داود يده ليقتل شاول الذي بذل كل جهده لقتل داود ورجاله، إنما اكتفى بقطع طرف جبة شاول، ومع هذا ضربه قلبه، ولم يحتمل أن يقطع طرف جبة مسيح الرب! لقد شعر أنه وإن كان لم يؤذِ شاول نفسه، غير أن تجاسره ليقطع طرف جبته علامة على وجود شعور بالاستياء من شاول. شوقه نحو نقاوة قلبه أحزنه، فضربه قلبه، مشتاقًا ألا يتسلل أي شعور أو فكر ضد شاول. يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن داود شعر كأن عاصفة من الاستياء قد هبَّت في أعماقه، فخشي لئلا تتحطم سفينة قلبه. بسرعة تيقَّظ داود، والتجأ إلى الله ليهبه هدوءًا في أعماقه. لم يشعر أحد من الذين حوله أن داود قد ضربه قلبه، غير أن هذه الضربة لقلبه تمَّت بإرادته المقدسة في الرب، فصارت أشبه بالقائد لمركبة وشعر بأن الخيل سينحرف فيهلك، لذا ضبط الخيل كما بلجام قبل أن تنحرف المركبة. كان داود قائدًا لمركبة أعماقه الداخلية، كان قائدًا ساهرًا ويقظًا، لا يستهين بأدنى احتمال للانحراف. دان نفسه عن ضعف لم يشعر به أحد ممن هم حوله، لا لكي يدينه أحد، وإنما لكي لا يحمل صورة خالقه مُحِب البشر. v ألا ترون عاصفة الاستياء الشديدة التي هبَّت؟ ومع هذا لم يتجاوز هذا، ولم يُغرّق السفينة. فقد تيقَّظ القائد سريعًا بالتفكير الحسن، وصار في هدوءٍ عوض العاصفة. "ضربه قلبه"، ووضع لجامًا لغضبه، كما لحصانٍ ثائرٍ وفي هياجٍ شديدٍ. هذا ما تُحِبُّه نفوس القدِّيسين، فيقومون قبل أن يسقطوا، ويسيطرون على أنفسهم قبل أن يرتكبوا خطية، إذ هم يقظون، ودائمًا ساهرون. ربما تسألون: وما الفرق بين الجسد والثياب؟ إنهما أمر واحد. لقد كان قويًا بما يمكنه ألا يتمادَى، بل دان نفسه بشدة حتى من أجل هذا. "ضربه قلبه" على قَطْعِه طرف الجبة، وقال لرجاله: "حاشا لي من قِبَل الرب". بمعنى: ليت الرب يرحمني، حتى إن كانت عندي النيّة، لا يسمح الرب أن أُتَمِّمَ ذلك، ولا أن أتمادى فأُخطئ. بمعنى، إذ عرف أن القِيَم السليمة لهذا الأمر غالبًا ما تفوق إمكانية الطبيعية البشرية، وتتطلب نعمة من الأعالي، وكان في منتصف الطريق لارتكاب الجريمة صلَّى إلى الله أن يحفظ يديه من التلوث. القديس يوحنا الذهبي الفم |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|