رساله هامه الى المرشحيين للكرسى البابوى

[Mary Naeem]

رساله هامه الى المرشحيين للكرسى البابوى





بعد نياحة أبينا مُثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث خلا الكرسي المرقسي و تيتم الشعب السكندري خاصة و القبطي عامة ..
و في تلك الظروف التي تمر بها الكنيسة من يُتم و إفتقاد لروح الابوة و الرعاية لتركة القديس مارمرقس الرسول ، عَاينت العجب و شاهدت و عاصرت ما لم اكُن يومًا اتوقعه من رموز كـَنَسية مَثـَلـَت لي المرجع و المـَثل الاعلى ، و كانت العثرة التى حدثت لي ثقيلة عنيفة غير مُبررة .. لم أكن يومًا اتوقع حدوثها على مستوى الحدث او على مستوى الشخص.
أعرف من تاريخ الكنيسة ، كما تسلمت من خدامي الامناء في فصول التربية الكنسية وقت كنت صغير أنه عقب نياحة الاب البطريرك ، يذهب الاساقفة و الاراخنة الامناء المشهود لهم من كل اعضاء الكنيسة – جسد الله الحي – الى البراري و الاديرة و المغاير و شقوق الارض لعلهم يجدوا و بإرشاد من الروح القدسالشخص الذي يَصلح للجلوس على كرسي أبونا القديس مارمرقس الرسول ، عرفت أنهم كانوا يسألوا رؤساء الاديرة عن مَن مِن الرهبان و المتوحدين يصلح ليكون أب لذلك الشعب اليتيم؟!..
و تاريخ الكنيسة حافل بمَن كان يأتي و هو مُقيد بالسلاسل لكي لا يهرب منهم ، و أخر كانينسكب عليه الزيت كإشارة سماوية واضحة لتأيد الروح القدس للشخص المُرشح للباباوية و مُباركة السماء لهذا الإختيار ، و أخر كان يتم التوصية به من خلال البابا السابق له قبل نياحته ، ولم يكن هذا التدبير شخصي بل كان بإعلانات سماوية معلومة و مُؤكدة امام الجميع و يتم الموافقة عليه من جميع أعضاء البيعة بدون جدال او نزاع بل تكون سيامته مبُاركة سماويًا و ارضيًا .
الصلاة كانت هي العامل الاول و الرئيسي في عملية إختيار البابا ، كانت مصدر الإلهام بالشخص و كانت عنوان تَبَيُن سهم الروح القدس الى أي شخص يُشير حتى في وجود اكثر من شخص كانت السيامة تتم بعد صلاة حارة عميقة صاعدة من الارض مخترقة للسماء واصلة مَسموعة مَفهومة مُفرحة لقلب الله الذي اشترى تلك الكنيسة بدم الابن الوحيد ، وهنا و لأن دموع الكنيسة - جسد الله الحي على الارض - غالية و صلاته الحارة رائحة بخور تنسمها الله فالرد الإلهي يكون قاطع مُفرح مُعزي و مُغذي للكنيسة ايضًا على المستوى الروحي و التنظيمي.
عنصران إشتركا في إختيار البابا الجديد طوال تلك القرون منذ ترك لنا مارمرقس تركته الى الان .. الصلاة و التعفف عن نوال المنصب!.
الكنيسة تُصلي إكليروس و شعب و يتم الاختيار بإرشاد الروح القدس و يأتي الراهب مغلوب على أمره و غير راغب حزين و في كثير من السيامات باكيًا مر البكاء ليكون هذا العفيف بابا للإسكندرية و بطريرك للكرازة المرقسية .. هذا ما أعرفه ، هذا ما أقبه ، و هذا ما أستريح له روحيًا و نفسيًا.
و لكن ما اوجع قلبي على الكنيسة اليوم وجود عدة امور مُريبة تحدث في شأن اختيار البابا الـ 118 هي :-
1- أن يتقدم شخص بنفسه ليترشح لمنصب البابا !.
2- من حق اساقفة الإيبارشيات الترشح للكرسي البابوي طبقًا للائحة 57 !.
وعجبي ، فمنذ متى و كرسي مارمرقس منصب يتم السعي إليه ؟، ومنذ متى و الترشح للمنصب الروحي يكون له نفس الشكل و المنظومة السياسية التى يتبعها النظام السياسي في إختياراته لأعضاء مجلسي الشعب و الشورى ..الخ؟! ، أجيبوني ايها الاحبار الاجلاء منذ متى كانت هذه المهزلة ! ، ألا تعلموا إن من يجلس على كرسي ابونا مارمرقس سوف يقدم حساب وكالته امام الديان العادل ، ليس فقط عن نفسه بل عن تركة مارمرقس التي قام برعايتها؟ ، أليس من أجل الخوف من الدينونة كان يبكي البابا الجديد بكاءًا مرًا؟!.
الكتاب المقدس و تعاليم الاباء الرسل هو دستور كنيستنا القبطية منذ أسسها ربنا يسوع المسيح و سلمها للرسل القديسيين الى يومنا هذا ، و الكتاب المقدس يقول " الاسقف بعل إمرأة واحدة " (1تي3: 2)أي أن الاسقف يكون راعي لشعب واحد فقط هو شعبه الذي تمت سيامته اسقف عليهم و من اجلهم يعيش لخدمتهم ولا يفصله عنهم و عن خدمته الا نياحته ، فكيف يترشح للكرسي البابوي مطران دمياط و كفر الشيخ ؟! ، كيف يترشح اسقف سمالوط ؟! ،و كيف يترشح اسقف ميلانو؟! ، هل هذا هو العصر الذي نعصى فيه يا قادة الكنيسة الاجلاء و قدوتنا و مثلنا الاعلى تعاليم إنجيلنا و دستور كنيستنا و نُخالف تعاليم الاباء الرسل طالبين مجد الشهرة و شهوة السلطة؟!.
البابا هو أسقف الاسكندرية و المُلقب بالبابا السكندري ، و انتم لكم شعب فكيف تتركوه يتيم لتقوموا برعاية شعب اخر؟!،
يا صاحب النيافة الحبر الجليل الانبا بيشوي .. أحترمك و أفتخر بوجود قائد و عالم لاهوتي مثلك في كنيستي التي احبها و لكن أسمح لي ان أقول لك ردًا على تمسكك بالترشح للكرسي البابوي أن وجود الاباء البطاركة الـ113 و الـ 114 و الـ115 على كرسي مارمرقس و قد كانو ا جميعًا لهم إيبارشيتهم ليس دافع قوي لتتمسك بالكرسي البابوي ففي ذاك الزمان تم إختيار اولائك الاباء لظروف سياسية كانت تمر بها البلاد ، و شهادة التاريخ عليهم أن عصورهم كانت من اسوء العصور التي مرت بها الكنيسة ، و إن كُنت ترى في شخصك الذي احترمه و اوقر كهنوته الشخص المُناسب لقيادة الكنيسة في تلك الظروف التي تمر بها مصر الان سياسيًا فهناك راعي ساهر على كنيسته هو ربنا يسوع المسيح لا جدال على شخصه و لا هو سبب عثرة في وسط الشعب !..
و الان يا أبانا الاب .. هذه هي كنيستك التي اقتنيتها لك بالدم الكريم الذي لمسيحك ربنا و مُخلصنا يسوع المسيح على الصليب.. هذه بيعتك و عروستك التي اشتريتها بثمن غالِ ، أنا اعلم أنك تُدبر كل الامور لخير الكنيسة و لكن أعن ضعف إيماني فالظروف و الاحداث تُعثرني و غيرة بيتك أكلتي و لهذا فأنا أناجيك يا من تسمعني و تشعر بما يدور في فكري و ما يشعر به قلبي " لا تنسى صلوات و طلبات شعبك منذ نياحة ابينا البابا شنودة و الى الان في كل صلاة بأن تُنعم لنا براعي صالح يرعى شعبك بطهارة و بر و عدل .. يا أبانا الاب أتمنى أن يكون البابا الـ 118 هو إختيارك و ليس إختيار البشر بسماح منك ، و لتكن مشيئتك .. إن أردت أن تأخذ الكنيسة بركة صليب تحمله لاختيارها راعي بسماح منك فلتكن إرادتك، و إن مَجدت الكنيسة بعصر مملوء بركة و نعمة بإختيارك أنت يا الله لبطريرك يجلس على كرسي كاروزك و حبيبك مارمرقس فلتكن إرادتك.. التجارب منك للتأديب و للتوبيخ و ربما تكون ثمرة عمل الانسان كما كانت تجربة أبونا يعقوب رأس كنيسة العهد القديم ، و لكن في كل هذا أنت تدبر و تحول كل الامور للخير " ..
و أخيرًا فإن مقالي هذا – تركة مارمرقس – كتبته من دافع حبي كمسيحي قبطي أردذوكسي حر لا يخاف إنسان و لا يهاب شئ ، يغير على كنيسته ، يُحبها و يخاف عليها ، وليس بسبب عداء او خلاف شخصي مع مُرشح بعينه فالجميع بالنسبة لي اباء موقرين اكن لهم كل الحب و الإحترام ..
و إن كان ليس من حقي كعضو من اعضاء الكنيسة ان انتخب البابا القادم فأنا أتقدم بمقالي هذا الى صاحب النيافة الحبر الجليل الانبا باخوميوس القائم مقام البطريرك وأصحاب النيافة الأحبار الأجلاء أعضاء لجنة الترشيحات والطعون و أطالب بإستبعاد كافة المرشحين للمنصب البابوي من الاباء اساقفة و مطارنة الايبارشيات عملاً بتعاليم الكتاب المقدس بأن يكون الاسقف بعل إمراة واحدة ( إبارشية واحدة ) و عملاً بقوانين الرسل (القانون14) ، و تنفيذًا لقانون رقم 15 الصادر من مجمع نيقية .
و نحن نصلي أن يختار الله للكنيسة الراعي الصالح الذي يرعى شعبه بطهارة وعدل وبر بشفاعة سيدتنا كلنا والدة الإله القدسية الطاهرة العذراء مريم ، و كروز ديارنا المصرية أبونا الشهيد مامرقس .
سلامًا و بُنيانًا لكنيسة الله المقدسة ،،
جون سامي دانيال