رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأب المُحب فقام وجاء إلى أبيه. وإذ كان لم يَزَل بعيدًا رآه أبوه، فتحنن وركض ووقعَ على عُنقه وقبَّلهُ ( لو 15: 20 ) يا له من شيء يفوق الوصف! فهنا خمسة أمور (رقم النعمة) تُنسب للأب المحب: أولاً: «وإذ كان لم يَزَل بعيدًا رآه أبوه». إنه لم يكن مجرد ينتظر ابنه الضال، بل كان ينتظره بلهفة. إذ كانت عيونه المُحِّبة في غاية الشوق! حتى وهو ما زال «بعيدًا» رآه أبوه. ثانيًا: «تحنن». لا شك أن مظهر هذا الضال كان في غاية التعاسة، إذ أكل معيشته مع الزواني (ع30)، والتي تمثل المحبة المُنهى عنها للأشياء التي في العالم، بدلاً من محبة الرب من كل قلوبنا، فقد عانى من تأثير الجوع الشديد (ع14)، وخرج إلى الحقل ليرعى الخنازير (ع15)، ولا بد أنه أصبح مجرد كيان تافه! ومع ذلك فإن أباه «تحنن» عليه. آه أيها القارئ المسيحي العزيز، كيف كنا أنت وأنا قبل أن يقبلنا الآب؟ الفكر مُظلم، القلب شرير للغاية، الإرادة عاصية، ولكن «من أجل محبته الكثيرة التي أحبنا بها، ونحن أموات بالخطايا أَحيانا مع المسيح» ( أف 2: 4 ، 5)!! ثالثًا: «ركض» ليقابله. لا نقرأ أن الضال ركض عندما قرر الرجوع لأبيه، فكل ما قيل عنه: «فقام وجاء إلى أبيه»، ولكنه قيل عن الأب إنه «ركض»! هل تعلم عزيزي القارئ، هذه هي الآية الوحيدة في كل الكتاب التي تُظهر الله وهو في عَجَلة!! في تجديد الخليقة نرى الله يعمل كل شيء بترتيب، أو يمكننا أن نقول بتمهل، في كل شيء آخر عدا هذا الأمر، يُظهر الله وهو يعمل بهدوء وتأني، كما يتناسب مع مَن له الأبدية كلها تحت إمرته. ولكن هنا نجد ما يمكن أن نطلق عليه ”نفاذ صبر المحبة الإلهية“! رابعًا: «وقع على عُنقهِ»، فهو ليس فقط «رآه» وهو ما زال بعيدًا، وليس فقط «تحنن» على هذا الضال التافه، وليس فقط «ركض» ليقابله، ولكنه «وقع على عُنقه»! لقد عانقه وأحاطه بأذرع المحبة المُرحِّبة! خامسًا: «قبَّله». نُشير مرة أخرى أنه لم يُذكر أن الابن قبَّل أباه. فالأب هو الذي يأخذ المبادرة في كل مرحلة! لقد «قبَّله» وليس صدَّه. «قبَّلهُ» وليس طرده. «قبَّلهُ» ولم يوبخه على تيهانه. يا لها من نعمة رائعة! إن كل هذا يكشف قلب الآب! فالقُبلة تكلمنا عن المحبة، وعن المُصالحة، وعن العلاقة الحميمة. يا لروعة النعمة! يا لغناها! يا لسموها! |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
استعراض قلب الآب المُحب أمام عالم |
إن اسم المسيح من المسحة، فكل مسيحي يقبل المسحة |
قلب الآب المُحب |
الآب المُحب |
سر المسحة المقدسة - الأب متى المسكين |