![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() يَجْلِسُ وَحْدَهُ وَيَسْكُتُ، لأَنَّهُ قَدْ وَضَعَهُ عَلَيْهِ [28]. إذ يقبل النير من يد الله يكرس قلبه بالكامل لله، بينما يبدو مطرودًا في عزلةٍ عن الغير. جلوس الإنسان وحده لا يعني الاعتزال الجسماني، إنما عدم الاتكال على ذراع بشر، حتى ننعم بالاتكال على صدر الله والشركة معه. السكوت هنا يعني قبول إرادة الله، ورفض الشكوى لدى البشر. *يحثنا المسيح ليس فقط أن نتجنب مثل هؤلاء الناس (الأشرار) بل ونقطعهم، قائلًا: "إن كانت عينك اليمنى تعثرك، فاقلعها وألقها عنك" (مت 5: 29). في الواقع إنه لا يتحدث عن أعين، فإنه أي خطأ تفعله العين لو أن النية صادقة، بالحري إنما يوجهها بخصوص الأصدقاء والأقارب الذين هم مثل تلك الأعضاء بالنسبة لنا، ويضروننا، فإنه يأمرنا بمقاومة صداقة هؤلاء الناس حتى يكون خلاصنا في أمان. لهذا أيضًا يقول المرتل في موضوع آخر: "لم أجلس مع أناس السوء، ومع الأشرار لا أدخل" (مز 26: 4) إرميا أيضًا يوصي بأن يجلس الشخص وحده، ويحمل النير من صباه . القديس يوحنا الذهبي الفم عندما رأى حزقيال الأربعة مخلوقات ذات الأربعة وجوه يعطون الرب مجدًا، لم يكن ذلك في مدينة أو قرية، بل خارجًا في حقل، إذ قال الله له: "قم أخرج إلى البقعة، وهناك أكلمك" (حز 22:3). ولما عرف النبي إرميا أن الانفراد يرضي الله جدًا، قال أيضًا: "جيد للرجل أن يحمل النير منذ صباه، يجلس وحده ويسكت" (مرا 27:3-28). مرة أخرى إذ عرف أضرار كثرة الحديث البشري لمن يرغبون في إرضاء الله، لم يقدر أن يكف عن ترديد: "يا ليت لي في البرية مبيت مسافرين، فأترك شعبي، وأنطلق من عندهم" (إر 2:9). وأيضًا عندما أخذ إيليا النبي طعامًا من الملائكة، لم يكن وسط جمهرة الجموع، ولا في مدينة أو قرية، بل في البرية. كتبت كل هذه الأمور وما على شاكلتها التي حدثت مع القديسين، حتى نتشبه بأولئك الذين أحبوا العزلة، إذ من شأنها تسهيل الوصول إلى الله. اجتهدوا إذًا أن تكونوا مؤسسين على السكون تأسيسًا صالحًا، حتى ننقاد إلى رؤية الله، أي التأمل الروحي العظيم . القديس أنطونيوس الكبير فردوس الآباء القديس مار فيلوكسينوس المنبجي إنني أُؤكّد لكم أنكم قد اتخذتم لأنفسكم نفس القول الإلهي الذي به دُعي إبراهيم، وأنكم تشاركوه في بركته: "جيدٌ للرجل أن يحمل النير في صباه، يجلس وحده ويسكت" (مرا 3: 27-28). هذا هو المعنى من خروجكم من العالم. إنّ الغِنى لا يُغويكم، ولا محاسن المرأة تجعلكم تنحرفون، ولكن كأنه لم يكن لكم جسد وبمخافة الله قد وطئتم بأقدامكم الميول الرديئة. لقد فصلتم أنفسكم عن أفكار العالم، بل هربتم من أباطيله. *قيل عن أنبا مقارإنّ أخًا ذهب لمقابلته يومًا ما وقال له: "يا أبي، إنّ أفكاري تقول لي: قم افتقد المرضى، لأنّ هذه وصية عظيمة". فقال له أنبا مقار: "إنّ كلمة النبوّة لا تتغير، لأنه يقول: "جيدٌ للرجل أن يحمل النير منذ صباه، ويجلس وحده صامتًا" (مرا 3: 27-28). أمّا قول الفم غير الكاذب الذي لربنا يسوع المسيح: "كنتُ مريضًا فزرتموني" (مت 25: 36)، فقد قاله لعامة الناس. ولكنني أقول لك، يا ابني، إنّ المكوث في القلاية أفضل لك جدًّا من افتقاد المرضى، لأنه سيأتي وقتٌ فيما بعد يستهزئون فيه بالذين يظلّون في قلاليهم، ويتممون قول أنبا أنطونيوس: "إذا رأوا أحدًا ليس مجنونًا، يقفون ضدّه قائلين: إنك مجنونٌ، لأنه لا يشبههم". "أقول لك، يا ابني، لو لم يبتعد موسى عن مخالطة الناس ومحادثتهم، ويدخل في السحاب وحده؛ لما كان قد أُعطيَ لوحي الشريعة المكتوبين بأصبع الله لأجل المجد (خر 24: 12-18)" . بستان الرهبان القديس أثناسيوس الرسولي الأب يوحنا هكذا لم يخشوا التوغل في أعماق البرية، مقتفين آثار يوحنا المعمدان الذي قضى كل حياته في الصحراء، كذلك إيليا وإليشع، إذ يتحدث الرسول عنهم قائلًا: "طافوا في جلود غنمٍ وجلود معزى، معتازين مكروبين مُذَلّين، وهم لم يكن العالم مستحقًّا لهم، تائهين في براريَّ وجبال ومغاير وشقوق الأرض" (عب 37:11-38). تكلم عنهم الرب مع أيوب بصورة رمزية قائلًا: "من سرَّح الفراءَ حُرًّا، ومن فكَّ رُبُط حمار الوحش، الذي جعلتُ البرية بيتهُ والسباخ مسكنهُ. يضحك على جمهور القرية. لا يسمع زجر السائق. دائرة الجبال مرعاهُ وعلى خضرةٍ يفتّش" (أي 5:39-8). أيضًا يقول سفر المزامير: "ليقل مفديو الرب الذين فداهم من يد العدوّ". ثم يكمل قائلًا: "تاهوا في البرية في قفر بلا طريق. لم يجدوا مدينةَ سكنٍ. جِياع عِطاش أيضًا أعيت أنفسهم فيهم. فصرخوا إلى الرب في ضيقهم، فأنقذهم من شدائدهم" (مز:107: 4-6). يصفهم إرميا أيضًا قائلًا: "جيّد للرجل أن يحمل النير في صباهُ. يجلس وحدهُ ويسكت، لأنهُ قد وضعهُ عليهِ" (مرا 27:3-28). وتخرج كلمات المرتل من القلب: "صرت مثل بومة الخِرَب. سَهدتُ وصرتُ كعصفورٍ منفرد على السطح (مز 6:102-7) . الأب بيامون |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|