رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القانون الأخلاقي رأينا قدرة الخالق، وحكمة وذكاء الخالق، لكن هنا نتوقف أمام طبيعة الخالق باعتباره كائن أدبي يضع نظامًا أخلاقيًا لخليقته العاقلة. وتمضي هذه المحاجة كالآتي: 1- بما أن كل البشر يشعرون بأن هناك قانون أخلاقي عام، 2- بما أن لكل قانون سلطة وضعته، 3- إذًا لا بد من وجود سلطة عليا جدًا فوق جميع البشر، وضعت هذا القانون العام، وهذه السلطة هي الله. تعتمد هذه المحاجة أيضًا على مبدإ السببية؛ فرؤيتنا للقوانين الطبيعية المنظِّمة للكون جعلتنا نستنتج وجود عقل عظيم صمَّمها، ورؤيتنا للقوانين الأخلاقية بين بني البشر تجعلنا نستنتج أن هناك سلطة عظيمة شرَّعتها. مع فارق أن القوانين الأخلاقية لا تصف ما هو كائن بل ما يجب أن يكون، لا ترصد ما يعمله البشر بل تُقرِّر ما يجب أن يعملوه، سواء كانوا يعملوه أم لا. والاستنتاج المنطقي هنا هو: بما أن هذه القوانين عامة في كل الأرض وفي كل التاريخ، لا بد أنها جاءت من خارج الأرض. وهذا ما يقرِّره الكتاب في رومية 2: 14، 15 «لأن الأمم الذين ليس عندهم الناموس، متى فعلوا بالطبيعة ما هو في الناموس، فهؤلاء إذ ليس لهم الناموس، هم ناموس لأنفسهم. الذين يُظهرون عمل الناموس مكتوبًا في قلوبهم، شاهدًا أيضًا ضميرهم وأفكارهم فيما بينها، مشتكية أو محتجة». فها هو الكتاب يؤكد على وجود ناموس أخلاقي موجود في قلوب بني البشر قبل أن يعطي الله الناموس مكتوبًا على حجر. والاعتراض الذي يسوقه البعض هنا هو أن هذه القوانين الأخلاقية ليست موضوعية، بل هي مجرد أحكام ذاتية نتجت من قناعات اجتماعية! لكن هذا الاعتراض يتجاهل تمامًا عمومية هذه الأحكام في التاريخ والجغرافيا، ففي كل عصر ومصر كان الكذب والقتل والاغتصاب والسرقة مرفوضًا، ومعتبر أنه خطأ لا يجوز ارتكابه. تخيَّل معي شخصًا أجنبيًا من بلد بعيد عني جدًا، أُحاجه بأن هناك أخلاق عامة وُضعت لبني البشر من خارجهم، فقال لي: لا هي مجرد حكمك الشخصي أو حكم مجتمعك. فأهنته قدام الجميع بكلمات قاسية لكونه يعترض على كلامي. ماذا سيقول؟ حتمًا سيقول: “لا يصح أن تفعل هذا” وبمجرَّد أن يقول هذا يكون قد أقَرَّ بأن هناك أخلاقًا عامة جُبِلَ عليها بنو البشر، وُضعت لهم من سلطة عُليا خارجهم هي سلطة الله. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|