لأنَّ النَّامُوس، إنَّما كانَ لهُ ظِلُّ الخيرات المزمعة لا نفس صورة الأشياء، ولذلك كانوا يُقربون كُلَّ سنةٍ تلك الذبائح، التي بنفسها لم تستطع قط أنْ تُكمِّل أولئك الذين كانوا يقربونها، فلو كانوا يتكملون بها لكانوا استراحوا مِنْ تقريبها. وإلا، فما زالت تُقدَّمُ؟ لأنَّ نيَّات الذين تَطهروا بها مرةً، لا تشعر بالخطايا. لكنَّهُم كانوا يذكرون خطاياهم في كُلَّ سنةٍ بتلك الذبائح. لأنَّهُ لا يستطيع دم الثيران والجداء تطهير الخطايا. لذلك عِندَ دُخُولهِ إلى العالم قال: " إنَّكَ لمْ تُسر بالذبائح والقرابين ولكنك هيأت لي جسداً. ولم تُسرَّ بالمحرقات والذبائح عن الخطايا. حينئذٍ قُلتُ: هأنذا أجيءُ. في دَرْجِ الكتاب مكتُوبٌ عنِّي، لأعمل بمسرتك يا اللَّـهُ ". وقال قبل هذا إنَّكَ لم ترضَ بالذبائح والقرابين والمُحرقات المُقرَّبة عن الخطايا ". تلك التي تُقرَّب حسب النَّامُوس. ثُمَّ بعد هذا قال: " هأنذا أجيءُ لأعمل بمسرتك يا اللَّـهُ ". وبهذا القول يَبطل الأول لكي يُثبِّتَ الثاني. فبمسرتهِ هذه تقدَّسنا بقربان جسد يسوع المسيح الذي تقدم مرَّةً واحدةً. وكُلُّ كاهن كان يَقُومُ ويَخدِمُ كُلَّ يوم إنما كان يُقرِّب تلك الذَّبائح عينها، التي لم تكُن تَستطيعُ قط أنْ تُطهِّر الخطايا. فأمَّا هذا فإنَّهُ بعدما قرَّب ذبيحةً واحدةً عن الخطايا، جلس عن يمين اللَّه إلى الأبد، وهو الآن باقٍ حتى يُوضَع أعداؤُهُ تحت موطئ قدميهِ.
( نعمة اللَّـه الآب فلتحل على أرواحنا يا آبائي وإخوتي. آمين. )